عطاروت مستعمرة صهيونية صغيرة تقع على مقربة من الطريق العام الذي يصل مدينة رام الله* بالقدس*، بين مطار القدس وقرية قلندية، وهي أقرب إلى رام الله، وتحيط بها القرى العربية. وكان سكانها يعيشون على تربية الأبقار والطيور الداجنة والأعمال الزراعية.
ترك سكان مستعمرة عطاروت الأعمال الزراعية خارج المستعمرة، منذ نشب القتال بين العرب والصهيونيين، بعد صدور قرار تقسيم فلسطين*. ولكن لم تقع بينهم وبين العرب اشتباكات تذكر حتى أوائل آذار 1948، عندما علمت قيادة قوات جيش الجهاد المقدس* أن سكان المستعمرة يريدون قطع طريق رام الله – القدس، وأن بعض المسلحين الصهيونيين تحصنوا في المحاجر الواقعة شرق المستعمرة، وأخذوا يطلقون النار على السيارات والمارة في هذه الطريق، فتوجهت إلى المستعمرة قوة من قرابة 45 رجلاً من قوات الجهاد المقدس بقيادة كامل عريقات، والتحقت بها نجدة من جنين* من حوالي خمسين مجاهداً بقيادة فوزي جزار، وقوة أخرى من السوريين بقيادة مصطفى السباعي.
تقدمت هذه القوات إلى قرية الرام المشرفة على المستعمرة من الشرق. وبدأ المجاهدون في 15/3/1948 قصف منطقة المحاجر بمدفع قديم 3 بوصات للرمي المباشر. وبعد حلول الظلام استمر الاشتباك بنيران الرشاشات والبنادق لبضع ساعات، ثم تقدم المجاهدون إلى المحاجر وطردوا العدو منها عند منتصف الليل، ثم وجهوا نيرانهم إلى المستعمرة نفسها. وظل تبادل اطلاق النار قائماً حتى الصباح، حين رجع المجاهدون إلى قواعدهم، وقد أصيب منهم شخص واحد بجروح، ولم تعرف الإصابات التي وقعت بين سكان المستعمرة.
قطع العرب أي اتصال لسكان المستعمرة بالقدس بين منتصف آذار، ومنتصف أيار 1948 فتكدست محاصيلهم ومنتوجاتهم، ونضب الدقيق الذي كان لديهم، لكنهم تمكنوا من الحصول على الخبز بوساطة الجنود البريطانيين الذين كانوا يرابطون في المغار، لقاء مبلغ كبير من المال. وراح سكان المستعمرة يتوقعون سقوطها بين يوم وآخر، ولا سيما عندما انقطع عنهم تيار الكهرباء، وقل الماء، واقترب منتصف أيار.
في أوائل أيار، نقلت السلطات البريطانية النساء والأطفال من المستعمرة إلى القدس بناء على طلب سكانها وتكرار نداءاتهم.
ولما انسحب الجيش البريطاني من تلك المنطقة، وأخلى مطار قلندية صباح يوم 14/5/1948، احتله سكان المستعمرة، وأخبروا بتلك قيادة الهاغاناه* باللاسلكي، ولكن هذه أمرتهم بترك المستعمرة فوراً، والالتحاق بسكان مستعمرة النبي يعقوب التي تقع على مسافة كيلومترين جنوب شرق عطاروت.
وأثناء الليل غادر الصهيونيون مستعمرة عطاروت متسللين إلى مستعمرة النبي يعقوب تاركين وراءهم دوابهم ومواشيهم وأثاثهم، بعد أن زرعوا بعض الألغام في مفارق الطرق وحظائر المواشي وأكنان الدجاج.
المرجع:
– عارف العارف: النكبة، بيروت 1956.