أ- في مرحلة تقسيم فلسطين :ارتبط موقف يوغسلافيا من القضية الفلسطينية بطبيعة الأوضاع الدولية السائدة التي رافقت تطورات النزاع العربي الصهيوني. فقد اشتركت يوغسلافيا في عضوية لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين* التي شكلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 من احدى عشرة دولة اتفقت جميعها على توصيات عامة واختلفت بين أكثرية وأقلية في الحل المقترح لمستقبل فلسطين. وكان مشروع الاكثرية يقضي بأن تقسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وتكون القدس دولية (رَ: تقسيم فلسطين).
ب- أما مشروع الأقلية التي ضمنت كلا من يوغسلافيا والهند وايران فقد اقترح أن تقوم في فلسطين حكومتان مستقلتان استقلالا ذاتيا وتتألف منهما دولة اتحادية عاصمتها القدس. ولما اجتمعت الأمم المتحدة لاتخاذ قرار بشأن فلسطين رجحت كفة مشروع التقسيم وحصل على 33 صوتا ضد 13، وامتنعت عن التصويت عشر دول كانت يوغسلافيا من بينها.
وعلى الرغم من هذا الموقف الحيادي أثناء التصويت على مشروع التقسيم فقد تعاظمت الحكومة اليوغسلافية مع أماني اليهود ووقف مندوبها في جلسة الأمم المتحدة المنعقدة في 8/5/1947 يقول: “دعوة تتعاون جميعا في خدمة الشعب اليهودي. فقد عانى من العذاب ما فيه الكفاية وآن له ولنا أن يستقر به المطاف”.
ثم تابع يقول: من المستحيل فصل مشكلة فلسطين عن مصر الشعب اليهودي”. ونصح العرب بالاستفادة من اليهود قائلا: “سيستفيد العرب من أيام اليهود بالانظمة الاشتراكية والديمقراطية التي يفتقرون اليها. وعلى العرب أن يقدروا تضحيات اليهود ويكفوا عن العناد الذي لا جدوى منه”.
ب- في حرب 1948*: وحين تحركت الجيوش العربية في عام 1948 لانقاذ فلسطين من الصهيونية والاستعمار أصدرت حكومة يوغسلافيا كغيرخت من الحكومات المؤيدة لتطلعات الصهيونية بيانا نددت فيه بالهجوم العربي ووصفت العرب بأنهم “غزاة” لدولة فتية هي (إسرائيل). كما طالبت بانسحاب الجيوش العربية ليتسنى لليهود تصريف شؤون دولتهم بحرية وسلام. وهكذا ذهبت السياسة اليوغسلافية في ذلك الوقت ضحية الدعاية الصهيونية بأن “اسرائيل هي قلعة الاشتراكية والتقدم” في منطقة الشرق الأوسط وأن الصهيونية حركة ديمقراطية تقدمية.
ج- من 1955 حتى 1967: ومع اندلاع الحرب الباردة وبروز فكرة الأحلاف على مسرح السياسة الدولية انكشفت الخدعة الصهيونية فظهرت (إسرائيل) على حقيقتها قاعدة للاستعمار والامبريالية العالمية في منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط. وهذا ما دعا يوغسلافيا إلى ضرورة البحث عن أسس جديدة لسياستها الشرق أوسطية بصورة خاصة وسط التعقيدات السياسية والمعطيات الدولية السائدة في أواسط الخمسينات. ففي عام 1955 التقى الرئيسان المصري جمال عبد الناصر* واليوغسلافي جوزيف بروزتيتونتج عن تفاهيهما فيما بينهما ومع جواهرلال نهرو حركة دولية جديدة عرفت فيما بعد باسم “الحياد الايجابي” أو “عدم الانحياز”؟
ثم شهدت الفترات اللاحقة مزيدا من التنسيق بين مصر ويوغسلافيا. وحين أمم الرئيس جمال عبد الناصر شركة قناة السويس في 26/7/1956 أصدر الرئيس تيتو بيانا أيد فيه الخطوة المصرية وعدها “صورة مجسدة لارادة الشعوب المستضعفة في كفاحها ضد القوى الامبريالية”. كما شحبت حكومة يوغسلافيا العدوان الثلاثي على مصر (رَ: حرب 1956) وهددت بارسال المتطوعين للقتال إلى جانب الشعب المصري. ومع تصاعد تيار الوحدة والتحرر في العالم العربي بدأت معالم العلاقات تنضج بين يوغسلافيا والقوى الثورية العربية. فقد أيدت يوغسلافيا قيام الوحدة بين سورية ومصر في شباط 1958. ووقفت إلى جانب الثورة العراقية في تموز 1958. وعلى المستوى الدولي برزت أهمية التحالف الاستراتيجي بين يوغسلافيا وعدد من الدول العربية. وقد بدا ذلك بوضوح في مؤتمر دول عدم الانحياز الأول الذي عقد في العاصمة اليوغسلافية بلغراد في أيلول 1961 (رَ: عدم الانحياز، حركة).
وقد حاولت (إسرائيل) تحقيق مكاسب سياسية بواسطة الرئيس اليوغسلافي نظرا لعلاقاته الوطيدة بمصر. ولكن تيتو رفض أن يقوم بالتوسط لدى الرئيس عبد الناصر لعقد اتفاقية للسلام. وفي الوقت نفسه أنحنى باللائمة على الدول الكبرى التي تواصل تسليح (اسرائيل) فتشجعها على مزيد من العدوان ضد العرب. وحين قام الرئيس اليوغسلافي بزيارة مصر عام 1962 صدر بيان حول قضية فلسطين في استعادة حقوقه الشرعية، ووفقا لتوصيات مؤتمرات الدول غير المنحازة”. وأعادت يوغسلافيا إلى الأذهان موقفها المؤيد لقضايا الأمة العربية في مؤتمر دول عدم الانحياز الثاني الذي عقد في القاهرة في تشرين الاول 1964″.
وحين اشتدت أزمة الشرق الأوسط في أيار 1967 أعلن الرئيس تيتو أن الضغوط الموجهة ضد سورية ومصر من جانب (إسرائيل) وتحت حماية الامبريالية العالمية “خطيرة جدا”، الأمر الذي قد يؤدي إلى صدام عالمي. وحين أقدمت (إسرائيل) على شن عدوانها على سورية ومصر والأردن صباح 5/6/1967 (رَ: حرب 1967) أصدرت يوغسلافيا بيانا دانت فيه بشدة هذا العدوان وغيرت في الوقت ذاته عن تعاطفها مع نضال الشعوب العربية. ثم انتقدت حكومة يوغسلافيا قرار مجلس الأمن رقم 242 وقالت انه مكافأة للمعتدين الاسرائيليين لا ادانة لهم ولا عقاب. كما حضرت يوغسلافيا في 9/6/1967 مؤتمر موسكو “لدول أوروبا الاشتراكية” لبحث أزمة الشرق الأوسط، ووقعت على البيان المشترك الذي دان عدوان (اسرائيل) وأكد دعم الدول الاشتراكية لنضال العرب العادل. وقطعت يوغسلافيا، أسوة بالدول الاشتراكية الأخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع (إسرائيل) في 13/6/1967.
أما في الأمم المتحدة فقد دعا رئيس حكومة يوغسلافيا الجمعية العامة في 21/6/1967 إلى ادانة (إسرائيل) ومطالبتها بسحب قواتها فورا دون قيد أو شرط واجبارها على دفع تعويضات لضحايا العدوان. وأعرب عن تأييده التام لمشروع القرار السوفييتي القاضي بادانة عدوان (إسرائيل) على العرب ومطالبتها بسحب قواتها إلى حدود ما قبل 5/6/1967. ومما قاله: “تشد يوغسلافيا إلى الدول العربية روابط صداقة وتعاون. وكانت لنا حتى الأحداث الأخيرة علاقات عادية مع اسرائيل التي لم يكن وجودها قط موضوع تساؤل”. وفي آب 1967 أعلن مندوب يوغسلافيا في الأمم المتحدة أن موقف بلاده غير متحيز، وأن يوغسلافيا لا تسعى إلى ازالة الحرب الأخيرة فحسب بل إلى استعمال جذور الصراع الاقتصادي السياسي ومشاكل اللاجئين. وهل ترى أن القضية العاجلة الآن هي انسحاب القوات الاسرائيلية من المناطق المحتلة (رَ: حرب 1967 في منظمة الأمم المتحدة).
على الصعيد الشعبي أعلن الأمين العام للمجلس المركزي لايجاد عمال يوغسلافيا أثناء زيارته لسورية في 17/10/1967 أن عمال يوغسلافيا يدينون العدوان الصهيوني ويؤيدون العرب. وأعلن الرئيس اليوغسلافي تيتو في اجتماع اللجنة المركزية لرابطة الشيوعيين اليوغسلافيين بتاريخ 1/7/1967 “أن حرب الشرق الأوسط قد تقود إلى نشوب حرب ذرية”. وقدم بعد زيارته سورية ومصر والعراق في آب 1968 اقتراحات لتسوية سياسية للصراع العربي- الصهيوني تضمنت الدعوة إلى رفض ضم الأراضي بالقوة، وإلى ضرورة عودة القوات الاسرائيلية إلى حدود 4/6/1967 مع تقديم الدول الكبرى ضمانات الأمن هذه الحدود (رَ: تيتو، مشروعا).
لكن الحكومة الاسرائيلية رفضت مقترحات الرئيس تيتو برمتها، وأوضح وزير خارجيتها آبا ايبان: “أن اسرائيل أن تعود بأي شكل من الأشكال إلى حدودها القديمة لأن ذلك يهدد أمن ووجود اسرائيل”. وقد علقت الصحيفة اليوغسلافية “كوميونست” على موقف (اسرائيل) الرافض بقولها: “انه لا يمكن أن نفهم كيف يمكن أن يخدم هذا الموقف السلبي الذي تقفه اسرائيل من مشاكل الشرق الأوسط مصالح اسرائيل … من المستحيل على اسرائيل أن تفرض شروطها على العرب لاجبارهم على احلال السلام في هذه المنطقة”.
وفي 27/9/1967 اجتمع الزعيم الصهيوني ناحوم غولدمان بالرئيس تيتو وتحدث معه حول مشروع “السلام” اليوغسلافي. وقد أبلغ تيتو الزعيم الصهيوني أن يوغسلافيا ليست مناوئة (لاسرائيل)، وأنها كانت دوما على علاقات جيدة معها، ولكنها ترفض سياستها التوسعية وعدوانها المستمر.
وحين زار الرئيس تيتو القاهرة في أوائل شباط 1968 أعلن في مؤتمر صحفي أنه من الممكن ايجاد حل لأزمة الشرق الأوسط في هيئة الأمم المتحدة، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تسد الطريق أمام مثل هذا الحل. وأعاد تيتو إلى الأذهان مشروعه الخاص بحل الأزمة.
وفي مقابلة أجراها محور جريدة “النيويورك تايمز” مع الرئيس تيتو قال:”ان بامكان الدولتين العظميين فرض السلام اذا ما اتفقتا على خطوطه الكبرى”. وأشار إلى أن دولا عربية مثل مصر والأردن توافق على حل سياسي لأزمة الشرق الأوسط، الا أن (إسرائيل) تضع العزاقيل أمام السلام العادل والشامل.
من جهة أخرى أحدث العدوان الاسرائيلي على الدول العربية عام 1967 تقاربا بين يوغسلافيا والاتحاد السوفييتي لحمته التخوف من مؤامرة غربية على حكم الرئيس تيتو على غرار المؤامرة على حكم الرئيس عبد الناصر. ولقد رأت يوغسلافيا في عدوان (إسرائيل) حلقة من سلسلة أحداث حركتها الامبريالية الأمريكية لقلب الأنظمة المحايدة في العالم.
عملت يوغسلافيا باستمرار على دعم نضال الشعب الفلسطيني من خلال دورها الرائد في دول عدم الانحياز. وقد برز هذا الدعم في مؤتمر عدم الانحياز في لوساك عام 1970 وما تلاه من مؤتمرات عقدتها حركة عدم الانحياز فكانت يوغسلافيا وراء القرارات التاريخية التي كرست حقوق الشعب الفلسطيني.
د- يوغسلافيا وحركة المقاومة الفلسطينية: اجتمع الرئيس تيتو أثناء زيارته الجزائر في تشرين الثاني 1969 ببعض قادة حركة التحرير الوطني العالمي* (فتح) فيما قيل انه “تعبي على عطفه على حركة تناضل لايتعادة حقوق شعب فلسطين”. وقد أقر تيتو في هذا اللقاء “حق شعب فلسطين في التحرير وتقرير المصير”.
وقد أعربت يوغسلافيا عن تأييدها المطلق لكفاح المقاومة الفلسطينية وقالت ان الثورة الفلسطينية تشكل عاملا مهما في حل قضية الشرق الأوسط. وأعادت إلى الأذهان أن الطريق إلى السلام العادل يمر من خلال احقاق الحقوق المشروعة لشعب فلسطين العربي. وأكدت الحكومة اليوغسلافية في بيانات كثيرة التزامها المطلق بتقديم كافة أشكال العون السياسي والعسكري للثورة الفلسطينية.
وانطلاقا من موقع يوغسلافيا المتوسط بين الكتلتين الغربية والشرقية وعلاقاتها الجيدة بالعالم الثالث سعى الرئيس تيتو في عام 1970 إلى ايجاد تسوية سلمية للنزاع العربي- الصهيوني. وقد جاءت هذه المبادرة اليوغسلافية اثر لقاء جرى بين الرئيس تيتو ووزير الخارجية الأمريكي وليم روجرز في أديس أبابا في 11/2/1970 لبحث تطورات النزاع العربي- الاسرائيلي. وقبل يومها ان روجرز خرج من الاجتماع مقتنعا بأن في امكان تيتو أن يلعب دورا بناء في حل النزاع في الشرق الأوسط. ولكن الجهود اليوغسلافية في ايجاد أي مخرج للنزاع العربي – الاسرائيلي لم تثمر وتوقفت المساعي كليا بعد قبول مشروع روجرز*. وفي أواخر عام 1970، وبعد أن اتضح أن قبول (إسرائيل) بمشروع روجرز كان مجرد مناورة تكتيكية، وصفت الحكومة اليوغسلافية الموقف الاسرائيلي بأنه باعث على “تقويض السلام والأمن” فضلا عما يشكله من تهديد للسلام العالمي، الأمر الذي يوجب على كافة دول العالم للمحبة للسلام أن تقف بقوة في وجه هذا العدوان.
سعت حكومة يوغسلافيا في عام 1971 إلى شرح الموقف العربي لدى الدول الغربية ودول عدم الانحياز. وطالبت باتخاذ اجراءات رادعة لارغام (إسرائيل) على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ولا سيما تلك المتعلقة بتصحيح الظلم الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني. وعاد الرئيس اليوغسلافي في 9/8/1971 وقال ان على العرب أن يعترفوا بوجود (إسرائيل) وأنه شخصيا ضد ازالة الوجود الاسرائيلي.
في نهاية عام 1971 أعلن تيتو دعم بلاده المطلق لمطالب العرب الشرعية.
سعت يوغسلافيا إلى تعميق علاقاتها بمنظمة التحرير الفلسطينية*، ودعت قادة المنظمة لزيارة بلغراد فقام وفد برئاسة رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة ياسر عرفات بزيارة يوغسلافيا في آذار 1972، وتناولت محادثاته هناك مشكلة الشرق الأوسط ونضال الشعب الفلسطيني. وقد جاء في البيان المشترك الذي أذيع عقب هذه الزيارة اتفاق الجانبين “على أن حلا عادلا وديمقراطيا في الشرق الأوسط يمكن التوصل اليه لتحرير كل الأراضي العربية المحتلة وممارسة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير والوجود القومي”. كما دان الجانبان “كل المحاولات والمشاورات الموجهة ضد نضال الشعب الفلسطيني”. وحين عقد المؤتمر الرابع لدول عدم الانحياز في الجزائر عام 1973 كانت يوغسلافيا في مقدمة الدول التي أكدت مساعدتها للثورة الفلسطينية. وجاء خطاب الرئيس اليوغسلافي في المؤتمر متمشيا مع الخط النضالي للقوى المعادية للامبريالية من حيث مساندة الشعب العربي وضرورة فرض العقوبات على (اسرائيل) وادانتها بسبب تهديدها لسلم العالمي وتحديها للرأي العام العالمي.
هـ- في حرب تشرين الأول 1973: أصدرت الحكومة اليوغسلافية فور نشوب حرب 1973* بيانا حملت فيه (اسرائيل) مسؤولية اندلاع القتال، وطالبت القوى المؤيدة للسلام والفعاليات المسؤولة باتخاذ خطوات عملية لمساعدة الدول العربية التي تناضل من أجل تحرير أراضيها. وقد زودت يوغسلافيا مصر أثناء الحرب بمئة دبابة مع الذخيرة اللازمة لها، وأبلغت حكومتي سورية ومصر مساندتها حكومة وشعبا لنضال العرب. وفي 23/10/1973 أعلنت وزارة الخارجية اليوغسلافية أن الضربات الشديدة التي تلقتها (اسرائيل) خلال الحرب قضت على الوهم بأنها تستطيع بناء أمنها على العنف والاحتلال والضم. وعلاوة على ذلك صرح الرئيس اليوغسلافي في كانون الأول 1973 بأن الحرب في الشرق الأوسط كانت حتمية لأن القوى الامبريالية تجاهلت مطالب الدول العربية ولم تحاول حل الأزمة سياسية عن طريق الضغط على (اسرائيل). وقال ان الحرب في الشرق الأوسط أثبتت أن حروبا محلية يمكن أن تضع العالم أمام مواجهات ونزاعات أوسع، ولكنها أثبتت أيضا أن الدول عير المنحازة والدول الاشتراكية حالت بسبب تضامنها دون تصعيد الحرب وأمنت مساندة قوية للشعوب العربية، الأمر الذي عزل المعتدي وأثر في سلوك القوى التي تؤيده.
بعد حرب تشرين الأول 1973 قويت العلاقات بين يوغسلافيا والثورة الفلسطينية. فقد قام الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بزيارة رسمية ليوغسلافيا في 30/11/1974 فأكد له الرئيس اليوغسلافي تأييد بلاده المطلق لكفاح الثورة الفلسطينية من أجل اقامة دولة فلسطين المستقلة. وسبق ذلك تصريح واضح للرئيس اليوغسلافي قال فيه أنه مقتنع تماما بأن الطريق الوحيد أمام العرب لتحرير أراضيهم هو اللجوء إلى السلاح على الرغم من أن الدول الكبرى لن ترضى على ذلك.
دخلت يوغسلافيا طرفا في تزويد مصر بالسلاح بعد تدهور العلاقات بينها وبين الاتحاد السوفييتي. وقد عقدت معها اتفاقات للدخول في صناعات مشتركة للأسلحة. ولكن العلاقات اليوغسلافية – المصرية ما لبثت أن شهدت فتورا عندما قام الرئيس المصري بزيارة القدس المحتلة. فقد قال الرئيس اليوغسلافي: “ان زيارة الرئيس السادات للقدس في تشرين الثاني 1977 كانت تحركا شجاعا ومحفوفا بالخطر … الا أنني فكرت منذ البدء أنه لن يتمكن من النجاح”. وأضاف: “أظن أن الوضع الآن أسوأ منه في أي وقت مضى”. وقال في خطاب له أثناء زيارة للولايات المتحدة الأمريكية في 8/3/1978: “أود أن أوكد اقتناعي بأنه لم يعد مقبولا في هذه الأيام أن تحرم أمة كاملة – أعني الشعب الفلسطيني – من حقها الأساسي الذي تتمتع به أمم أخرى”.
وحين عقدت مصر اتفاقية الصبح مع العدو الصهيوني في كامب ديفيد أبدت يوغسلافيا “أسفها” لذلك، ولا سيما أن الاتفاقية لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح شعب فلسطين. كما أكدت أنها لن تعيد علاقاتها مع (اسرائيل) ما بقيت (اسرائيل) في الأراضي العربية المحتلة. وقد ظل الرئيس تيتو وفيا لنضال الشعب الفلسطيني إلى يوم وفاته في 4/5/1980.
المراجع:
– جلال يحيى: مشكلة فلسطين والاتجاهات الدولية، الاسكندرية 1965.
– شحادة عيسى: علاقات اسرائيل سبع دول العالم 1967-1970، بيروت 1981.
– نبيل شعث: مؤتمر عدم الانحياز والقضية الفلسطينية. مجلة شؤون فلسطينية، العدد 26، تشرين الأول 1973، بيروت.
– مركز الابحاث الفلسطيني: اليوميات الفلسطينية لعام 1965، بيروت.
– مؤسسة الدراسات الفلسطينية: الوثائق الفلسطينية العربية لعامي 1966 و1967، بيروت.
-Review of International Affairs, Belgrade 1971.72.73.
– Watt.D.C. : Documents on the Suez Crisis. London 1957.
اليوم (صحيفة -): رَ: الأنباء (صحيفة)