هو يوسف بن محمد الزين بن جرار شيخ جبل نابلس* من عام 1770-1808م وينتسب إلى قبيلة الشقران الأزدية التي اتخذت من قلعة القسطل في البلقاء مقرا لها. وفي أوائل القرن الثامن عشر غادر والده محمد الزين القسطل متوجها إلى منطقة جنين بفلسطين، وصار أميرا على الجون في مرج ابن عامر* ثم بدأ بتأسيس قلعة صانور* وجعلها قاعدة له.
بعد وفاة الشيخ محمد الزين تولى الامارة ابنه الشيخ يوسف، فعينه السلطان العثماني عام 1770م متسلما لجنين. وفي عام 1774م أصدر السلطان أمرا بتعيينه متسلما على سنجقي نابلس وجنين. فجمع بين المتسلمتين (نابلس وجنين) ثمانية عشر عاما، وأصبح شيخا لجبل نابلس، وأطلق عليه اسم “سلطان البر”.
كان الشيخ يوسف يتمتع بصفات جعلت جبل نابلس بأكمله يلتف حوله ويرى فيه الأنموذج الطيب للحاكم الصالح الذي يحمي شعبه من الظلم ويسهر على راحته. وأبرز هذه الصفات: العدل والحكمة، والشجاعة والارادة القوية، والتقوى والاستقامة، والكرم واغاثة الملهوف، والعلاقة الطيبة مع كثير من الولاة والحكام في بلاد الشام، ومع السلطنة العثمانية، العلاقة المبينة على التقدير والاحترام.
وكانت أبرز أعماله: تحصين قلعة صانور لتكون قاعدة لجبل نابلس، وحصنا يمتنع به أبناء الجيل في الأزمات. وتوحيد جبل نابلس في صف واحد وحمايته من الغزاة والطامعين، ونشر الأمن والعدل في ربوعه، والبال في سنين الجذب والمجاعة (1786-1788م) لتخفيف قرب الناس.
ومن أهم تلك الأعمال مقاومة الحملة الفرنسية التي اجتاحت فلسطين عام 1799م، واحتلت مدن الساحل وحاصرت عكا*، ورابطت فرقة منها بقيادة كثير مرج ابن عامر. فقد قام الشيخ يوسف بطلب النجدات من قبائل فلسطين والأردن، وأرسل نجدة إلى عكا وأخرى إلى يافا*. وقاد جموع جبل نابلس – ومعه مشايخ الجبل – التي بلغت سبعة آلاف مقاتل، إلى مرج ابن عامر، والتفوا بالنجدات الأخرى، وبقوات السلطنة العثمانية التي قدمت من الشام. وبدأوا يهاجمون قوات كثير بين بلدة الفولة وجبل طابور في 16 نيسان/أبريل 1799م، ويضيقون عليها الخناق، وكانت تستسلم بعد نفاذ ذخيرتها لولا نجدة نابليون لها. كما قامت جموع جبل نابلس بمقاتلة قوات نابليون في عزون ووادي قاقون، وكان لها دور في هزيمة تلك القوات وانسحاب نابليون عن أسوار عكا.
وبقي الشيخ يوسف متسلما لنابلس وجنين إلى أن توفي سنة 1808م.
المراجع:
- احسان النمر: تاريخ جبل نابلس والبلقاء ج1، مطبعة جمعية عمال المطابع – نابلس، 1975م.
- أكرم الراميني: نابلس في القرن التاسع عشر، مطابع دار الشعب – عمان، 1979م.
- حسني جرار: جبل النار تاريخ وجهاد، دار الصياد – عمان – ، 1990م.
- حيدر الشهابي: الغرر الحسان في تاريخ حوادث الزيدان، دار الآثار -بيروت، 1980م.
- عادل مناع: أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني 1800 – 1918م، جمعية الدراسات – القدس، 1986م.
- محمد عزة دروزة: العرب والعروبة في حقبة التغلب التركي، ج5، المكتبة العصرية، بيروت، 1981م.