ناسك مشهور ومؤسس الرهبانية في فلسطين (رَ: الرهبانيات). ولد في غزة* وعاش في الفترة التي ازدهرت فيها حركة الرهبنة والتمسك في الحياة المسيحية.
وأخبار هيلاريون مستقاة مما كتبه عنه القديس جيروم في الجزء الرابع من كتابه “مشاهير الرجال”. كما وردت سيرته في كتاب يضم سيرة ثلاثة نساك مشهورين هم باولس وهيلاريون ومالخوس.
وفي الكتابين قصص دينية تحمل طابع الوعظ وتحتمل الكثير من الجدل وان كان يعرف منها أن هيلاريون واحد من الجماعة الصغيرة التي تحلقت حول الراهب المصري الذي اعتزل في الصحراء فأضحى أشهر الرهبان على الاطلاق، وعرف باسم القديس أنطون، ومات بين سنة 356م وسنة 362م. وقد أخذ عنه هيلاريون ذلك الأسلوب الجديد الذي انتشر في الصحارى المصرية وغدا طريقة مبتكرة في الحياة الدينية المسيحية الصافية المجاهدة.
وقد نقل هيلاريون هذا الأسلوب الديني من مصر إلى غزة، وبدأ ممارسته فيها. وكانت “الرهبنة” والانسحاب إلى الأماكن الثانية “أسلوب العصر” الديني فاتبعهما الكثيرون وانتشرت البيع والأديرة في الصحارى وسفوح الجبال. وتتحدث الوثائق البردية عن مجيء الناس إلى هؤلاء الزهاد المترهبين طلبا للصلوات للشفاء من الأمراض والتخلص من المصائب والتماس الفرج.
ولم تكن الرهبنة في الشام، وفي مصر قبلها، تابعة من الزهد وحد، ولا كانت هربا من الحياة، بل كانت طريقة مبتكرة لمواجهة الشيطان في عقر داره. فالصحارى والأماكن النائية كانت في أذهان الناس مأوى الأرواح الشريرة، وكان الرهبان يقيمون فيها لمواجهة الشيطان مباشرة وقهره، فهم لذلك جند الفداء في مواجهة قوى الشر. ومن هنا كان الاعجاب الديني العميق بهم.
ويرى بعض الباحثين أن حركة الرهبنة التي بدأها هيلاريون في جنوب الشام ووطدها معه القديس أفزام (ت- حوالي سنة 373م) ثم وصل بها القديس سمعان العمودي (ت سنة 459) إلى الأوج هي ردة فعل ويحال رفض للحضارة الهلينية التي كانت تعتصم في عدد من المدن الشامية التي تسكنها الجاليات الاغريقية. فكانت المسيحية*، بالقيم الروحية التي أتت بها، وبانجيلها المكتوب بالآرامية لغة الناس في الشام، وبطريقها الجديدة التنسكية في مواجهة الاضطرابات والفتن الأهلية والمصائب والطواعين التي تميز بها العصر الروماني في القرنين الثالث والرابع الميلاديين، تعويضا عما فقدته جماهير الآراميين من ثقة بالمؤسسات العلمانية والحضارة المادية التي كان يمتلها الرومان، وبالحياة الاغريقية – الرومانية التي كانوا يحبونها (رَ: الآراميون). وهذا ما ساعد على اعطاء الشام طابعا ثقافيا خاصا جديدا رافقته نهضة فكرية آرامية – سريانية لم تكتف بفهم المسيحية على طريقتها الخاصة بل جاوزت ذلك إلى نقل أبرز ما في الانتاج الفكري الاغريقي إلى السريانية، وأطلقت الكثيرين من كبار ممثلي هذه الثقافة في بلاد الشام في القرنين السابقين للاسلام.
الهيئة الاسلامية: رَ: الحرم القدسي الشريف (تهويد -)