أ- الكيان الفلسطيني: منذ انشاء جامعة الدول العربية سنة 1945 قررت الدول العربية المؤسسة لها أن يكون لفلسطين مندوب يمثلها في الجامعة على الرغم من كون فلسطين تحت الانتداب البريطاني آنذاك. وكان هذا تأكيدا من الدول العربية لعروبة فلسطينورفضا للغزوة الاستيطانية الصهيونية. وظلت فلسطين ممثلة في الجامعة العربية حتى بعد نكبة 1948 وتشرد أكثر من نصف الشعب العربي الفلسطيني واحتلال العدو الصهيوني معظم فلسطين. وقد تعاقب على تمثيل فلسطين في الجامعة العربية موسى العلمي وأحمد حلمي عبد الباقي* وأحمد الشقيري*.
في 13/1/1964 انعقد مؤتمر القمة العربي* الأول في القاهرة استجابة لدعوة الرئيس جمال عبد الناصر* لمواجهة الموقف الخطير الناجم عن عزم (إسرائيل) تحويل نهر الأردن. وقد قرر الرؤساء والملوك العرب في هذا المؤتمر العمل من أجل ابراز الكيان الفلسطيني وتجسيده ليأتي ردا على التحدي الصهيوني والاستعماري الذي عمل جاهدا على ضمن الشخصية الفلسطينية وتصوير مأساة الشعب الفلسطيني على أنها قضية لاجئين فحسب. وكانت جامعة الدول العربية قد سعت من قبل لابراز الكيان الفلسطيني، وتعثر السعي بسبب خلاف الدول العربية حول هذا الموضوع. ولكن مؤتمر القمة الأول أكد أن خدمة القضية الفلسطينية والمصلحة القومية المشتركة تستوجبان نبذ الخلافات والتعاون مع أبناء الشعب الفلسطيني لتنظيم صفوفهم بمشيئتهم، فتقدم حركة تحرير فلسطين وتعمل مع جميع الدول العربية في النضال القومي ضد الاستعمار الصهيوني.
وأصدر المؤتمر قرارا بانشاء كيان فلسطيني يعبر عن ارادة شعب فلسطين ويقيم هيئة تطالب بحفوة لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره. وكلف المؤتمر أحمد الشقيري ممثل فلسطين في جامعة الدول العربية الاتصال بأبناء فلسطين لهذه الغاية والعودة بنتيجة اتصالاته الى مؤتمر القمة العربي الثاني. قام أحمد الشقيري اثر ذلك بجولة زار حلالها الدول العربية واتصل بأبناء فلسطين في أماكن تجمعهم. وعلى الرغم من تخوف فئات فلسطينية كثيرة من هذا الكيان الذي قررت الدول العربية انشاء وخشيتهم من سيطرة الارادة الحكومية العربية عليه فقد أثار القرار مشاعر أبناء الشعب الفلسطيني، وجاء تعبيرا عن رغبة الشعب الفلسطيني الصادقة ومطلبه القديم منذ النزوح عام 1948 بأن يكون له كيانه الذاتي المستقل الذي يمكنه من القيام بدوره الطبيعي في النضال ضد العدو الصهيوني.
وضع أثناء هذه الجولة مشروعا الميثاق والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية (رَ: الميثاق القومي الفلسطيني، 1964)، وتقرر عقد مؤتمر فلسطيني عام. واختار الشقيري اللجان التحضيرية للمؤتمر في جميع البلاد العربية المضيفة للفلسطينيين. وقد قامت هذه اللجان باعداد قوائم المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني في مناطقها. وعين الشقيري لجنة عليا سماها “لجنة التنسيق” للتنسيق بين قوائم المرشحين من مختلف البلاد واعداد القائمة النهائية بأسمائهم. وكان بين هؤلاء أعيان ووزراء ونواب ورؤساء بلديات وأعضاء مجالس قروية في الأردن، وأعضاء المجلس التشريعي في قطاع غزة ورؤساء الغرف التجارية وممثلون عن مختلف المهن والاتحادات، وممثلون عن المغتربين وأبناء المخيمات.
ب- المؤتمر الفلسطيني الأول (القدس 28/5-2/6/1964): انعقد المؤتمر في القدس صباح 28/5/1964، وشهدته وفود تمثل الجامعة العربية وكثيرا من الدول العربية، وافتتحه الملك حسين وألقى فيه خطابا.
تفرعت عن المؤتمر تسع لجان، وخرج المؤتمر بعد عدة اجتماعات بقرارات سياسية وعسكرية ومالية واعلامية أهمها باعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية ونص القرار على ما يلي:
“ايمانا بحق الشعب العربي الفلسطيني في وطنه القدس فلسطيني، وتأكيدا لحتمية معركة تحرير الجزء المغتصب منه وعزمه واصراره على ابراز كيانه الثوري الفعال وتعبئة طاقاته وامكانياته وقواه المادية والعسكرية والروحية.
وتحقيقاً لأمنية أصيلة من أماني الأمة العربية ممثلة في قرارات جامعة الدول العربية ومؤتمر القمة العربي الأول.
“نعلن بعد الاتكال على الله باسم المؤتمر العربي الفلسطيني الأول المنعقد بمدينة القدس في 28/5/1964:
“1- قيام منظمة التحرير الفلسطينية قيادة معبئة لقوى الشعب العربي الفلسطيني لخوض معركة التحرير، ودرعا لحقوق شعب فلسطين وأمانيه، وطريقا للنصر.
“2- المصادقة على الميثاق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية وعدد بنوده 29 بندا.
“3 – المصادقة على النظام الأساسي وعدد بنوده 31 بندا، واللائحة الداخلية للمجلس الوطني والصندوق القومي الفلسطيني.
“4 – انتخاب السيد أحمد الشقيري رئيسا للجنة التنفيذية وتكليفه باختيار أعضاء اللجنة التنفيذية وعددهم 15 عضوا.
“5- يصبح المؤتمر بكامل أعضائه، أي 397 عضوا، المجلس الوطني الأول لمنظمة التحرير”.
ج- مؤتمر القمة العربي الثاني (5/9/1964) عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعها الأول في القاهرة بتاريخ 2/9/1964 ودرست جدول أعمال مؤتمر القمة العربي المقبل الذي يضم قضايا هامة في مقدمتها الكيان الفلسطيني والقيادة العربية الموحدة، واتخذ قرارات تؤكد الجانب العسكري وتلح على استقلال العمل الفلسطيني.
شاركت اللجنة التنفيذية في جميع أعمال مؤتمر القمة، وقدم رئيسها أحمد الشقيري تقريرا عن انشاء الكيان الفلسطيني تحدث فيه عن الخطوط الرئيسة التي وضعت لهذا الكيان في مشروع الميثاق القومي الذي يتضمن الأهداف الرئيسة والمبادىء العامة. وفي مشروع النظام الأساسي لمنظمة التحرير الذي يحدد الاجراءات المتعلقة بمسؤولية العمل في جميع الميادين. وبين أن القاعدة الأساسية هي أن الكيان الفلسطيني يبنيه الشعب الفلسطيني، وأن دور الدول العربية هو التيسير والتسهيل قبل قيامه والمعاونة وتأييد بعد قيامه، وأن الكيان الفلسطيني له شخصية حرة مستقلة ويتعاون مع الدول العربية جميعها داخل نطاق الجامعة وخارجها.
وبعد أن تحدث الشقيري عن خمسة أبناء الشعب الفلسطيني للكيان الفلسطيني وتصميمهم على خوض معركة تحرير الوطن السليب أكد أن هذا يستدعي ابراز الجهد العسكري للشعب الفلسطيني في هذا الكيان بشكل جدي جلي والا كان الكيان هزيلا ضعيفا غير جدير بثقة الشعب الفلسطيني والرأي العام العربي.
ثم قدم التقرير قرارات المؤتمر الوطني الفلسطيني التي بلورت مطالب الشعب الفلسطيني، وهي:
1) إعداد الشعب الفلسطيني عسكريا للقيام بدوره الرئيس في تحرير وطنه، وذلك بتجنيده وتدريبه وإنشاء كتائب فلسطينية نظامية وفدائية وتأمين كل ما يتصل بالمجهود العسكري للشعب الفلسطيني.
2) إنشاء الصندوق القومي الفلسطيني* بموارده المتعددة لتمويل حركة الكفاح الفلسطيني في الميادين العسكرية والسياسية والتنظيمية والاعلامية.
3) العمل السياسي بكل جوانبه العربية والدولية، ويدخل في ذلك الاعلام وإنشاء المكاتب وارسال الوفود والمشاركة في ميادين النشاط السياسي على الصعيدين العربي والعالمي.
لكن ما تم من خطوات في طريق استكمال انشاء الكيان الفلسطيني، من مؤتمر وطني ومنظمة تحرير ولجنة تنفيذية، أثار بعض الصعوبات والاعتراضات في مؤتمر القمة العربية. وتركزت الاعتراضات التي أبدتها بعض الدول العربية ودار حولها النقاش والجدل في ثلاثة أمور:
1) اعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية: رأت بعض الوفود العربية أن الشقيري، بالدعوة إلى عقد مؤتمر فلسطيني، وباعلان قيام منظمة التحرير، تجاوز السلطات التي أعطاه اياها مؤتمر القمة العربية الأول واقتصرت على تكليفه اجراء الاتصالات مع أبناء فلسطين والحكومات العربية فيما يتعلق بانشاء الكيان الفلسطيني، على أن يعود بنتائج الاتصالات إلى مؤتمر القمة الثاني فيقرر فيها ما يراه مناسبا.
وقد أثار هذا الأمر جدلا حادا أكدت اللجنة التنفيذية خلاله أن انشاء الكيان الفلسطيني وقيام المنظمة من اختصاص الشعب العربي الفلسطيني، وأن دور القمة العربية هو المساعدة وتقديم الدعم. وقد انتصرت وجهة النظر هذه، وترسيخ بذلك استقلال منظمة التحرير.
2) انشاء جيش التحرير الفلسطيني*: اعترضت بعض الوفود العربية، وفي طليعتها الأردن، على تشكيل قوات مسلحة فلسطينية ذات قيادة مستقلة، ورفضت أن تسمح بتجنيد الفلسطينيين المقيمين فيها أو أن تتمركز قوات فلسطينية على أرضها. وبالمقابل رحبت وفود عربية أخرى بقيام هذه القوات الفلسطينية وأبدت استعدادها للسماح لهذه القوات بالعمل فوق أراضيها.
بذل وفد منظمة التحرير جهودا كبيرة للخروج بقرار عربي حول الموضوع العسكري الذي يشكل عماد الكيان الفلسطيني، ووافق، منعا لاثارة بعض الوفود، على أن تنشأ كتائب فلسطينية مسلحة من أبناء فلسطين المقيمين في مصر وقطاع غزة وسورية والعراق بدلا من جيش التحرير الفلسطيني كخطوة أولى، على أن تخضع هذه الكتائب لقيادة فلسطينية واحدة وتصبح جزءا من جيش التحرير الواحد حين تسمح الفرصة بانشائه. ووافق وفد منظمة التحرير أيضا على أن يقوم تعاون وتنسيق بين القوات الفلسطينية والقيادة العربية الموحدة* في التشكيل والتدريب والتسليح والعمليات.
3) الدعم المالي: وافق المؤتمر بعد تردد بعض الوفود على تقديم مليون دينار أردني سنويا لتغطية نفقات انشاء القوات المسلحة الفلسطينية بالتنسيق مع القيادة العربية الموحدة، ومليون آخر يدفع للصندوق القومي الفلسطيني مباشرة للمساعدة على تغطية نفقات منظمة التحرير غير العسكرية.
د- أجهزة المنظمة: بعد اختتام أعمال مؤتمر القمة العربية الثاني عكفت اللجنة التنفيذية على اقامة الهياكل والمؤسسات اللازمة لعمل منظمة التحرير كي تستطيع مباشرة مهامها وتنفيذ واجباتها. وهكذا تم انجاز الأعمال التأسيسية والتنظيمية التالية:
1) انشاء الدوائر والمكاتب المركزية للمنظمة.
2) افتتاح مكتب للمنظمة في عواصم الدول العربية وبعض بلدان أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأفريقيا وآسيا، وتأسيس مكتب دائم لها في هيئة الأمم المتحدة.
3) انشاء محطة اذاعية في القاهرة باسم (صوت فلسطين* – صوت منظمة التحرير الفلسطينية).
4) انشاء مركز الأبحاث* في بيروت للعمل عهلى اغناء الفكر الفلسطيني والعربي، وتشجيع البحث، وتعريف العرب والعالم بحقيقة الكيان الصهيوني المعادي.
5) البدء بتشكيل القوات الفلسطينية المقاتلة وتدريبها وتسليحها بعد اتصالات حثيثة بالدول العربية والقيادة العربية المشتركة. وقد سمت اللجنة التنفيذية القوات العاملة في قطاع غزة ومصر “عين جالوت” والقوات العاملة على أرض سورية “حطين”، والعاملة على أرض العراق “القادسية”.
6) قيام الصندوق القومي الفلسطيني بالجباية من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وتوليه الاتفاق على مختلف أوجه نشاط منظمة التحرير.
7) المشاركة في بعض المؤتمرات الدولية، أهمها مؤتمر القمة الثاني لرؤساء دول عدم الانحياز الذي انعقد في القاهرة عام 1965 وعالج قضية فلسطين لأول مرة على الساحة الدولية على أنها قضية لشعب له شخصية متميزة ومن حقه الكفاح لتحرير وطنه.
هـ- الدورة الثانية للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 31/5-4/6/1965): المجلس الوطني الفلسطيني* هو السلطة التشريعية للمنظمة. وقد قدمت اللجنة التنفيذية إلى الدورة الثانية لهذا المجلس تقريرا عن الأعمال التي أتمت انجازها منذ عقده دورته الأولى.وقد عدت تجسيد الشخصية الفلسطينية المستقلة في منظمة التحرير لانجاز الأكبر لها. وأكدت اللجنة أن الشخصية الفلسطينية المستقلة ليست باشخصية المنعزلة المنطوية، ولا الشخصية الانفصالية، بل هي شخصية قائمة مستقلة بذاتها ووحدوية في صميم الوحدة العربية.
و- الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني (غزة 20-24/5/1966): واجهت منظمة التحرير في المدة الواقعة بين دورتي المجلس الثانية والثالثة صعوبات كثيرة في تنفيذ القرارات التي اتخذت بشأن التسليح والتجنيد والجباية. فقد رفضت الحكومة الأردنية أن تسمح للمنظمة بتوزيع السلاح على الفلسطينيين في قرى الخطوط الأمامية للضفة الغربية لأن الدفاع عن هذه القرى هو في نظره مهمة الجيش الأردني النظامي. ورفضت كذلك تطبيق قانون الخدمة العسكرية الالزامية وفرض ضريبة التحرير على الفلسطينيين في الأردن.
عرض رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على أعضاء المجلس انجازات المنظمة في المرحلة السابقة، وتحدث عن الصعوبات التي واجهتها وطلب باسم اللجنة التنفيذية تعديل المادة 22 من النظام الأساسي للمنظمة التي تنص على تشكيل وحدات فلسطينية خاصة وفق الخطة التي تقررها القيادة العربية الموحدة بالاتفاق والتعاون مع الدول العربية المعنية لتصبح نصا صريحا واضحا بانشاء جيش فلسطيني ذي قيادة مستقلة. وقد رافق المجلس على تعديل المادة 22 على النحو التالي: “تنشىء منظمة التحرير الفلسطينية جيشا من أبناء فلسطين يعرف بجيش التحرير الفلسطيني وتكون له قيادة مستقلة، وواجبه القومي أن يكون الطليعة في خوض معركة التحرير”.
بالإضافة إلى ذلك وافق المجلس على عدة اقتراحات للمنظمة حول حرية العمل الفلسطيني ووحدة العمل الثوري والعمل السياسي والاعلامي والتطويري لأجهزة منظمة التحرير. وقبل المجلس استقالة اللجنة التنفيذية وكلف أحمد الشقيري تشكيلها من جديد.
اشتد الخلاف بين المنظمة والحكومة الأردنية بعد انتهاء أعمال الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني. وقعت الحكومة الأردنية باغلاق المقر الرئيس لمنظمة التحرير في القدس فنقلت اللجنة التنفيذية مقر المنظمة وجميع دوائرها الى القاهرة بصورة مؤقتة.
ز – منظمة التحرير بعد حرب حزيران 1967: كان للعدوان الإسرائيلي في حزيران 1967 أكبر الأثر في منظمة التحرير الفلسطينية. فقد أصبح أكثر من نصف شعب فلسطين يعاني من الاحتلال الصهيوني. وكان بينهم قسم كبير من أعضاء المجلس الوطني. الأمر الذي أدى إلى خلل كبير في تركيب المجلس. وفي الوقت نفسه تصاعدت المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال وأصبح العمل الفدائي أمل أبناء فلسطين والأمة العربية، ولهذا بالنسبة اليهم الرد الطبيعي على الاحتلال والأسلوب المجدي في مجابهة العدو الصهيوني (رَ: حرب 1967).
وبنتيجة هذا العدوان ساد الشعور بضرورة اعادة النظر في بدء منظمة التحرير وأجهزته العسكرية والسياسية لتمكينها من مواجهة مطالب هذه المرحلة والتصدي لمسؤولياتها الجسام. فتقدم الشقيري باستقالته في كانون الأول 1967، واختارت اللجنة التنفيذية يحيى حمودة ليكون رئيس الجنة التنفيذية بالوكالة، وأصدرت في 25/12/1967 بيانا أعلنت فيه أنها ستعمل مع القوى الفلسطينية على قيام مجلس وطني لمنظمة التحرير تنبثق عنه قيادة جماعية مسؤولة تسعى إلى تصعيد النضال المسلح وتوحيد فصائله، وتحقيق الوحدة الوطنية، وتعبئة الجهود القومية.
قامت اللجنة التنفيذية باتصالات أسفرت عن تأليف لجنة تحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني تمثلت فيه جميع القوى والمنظمات الفلسطينية العاملة. وبعد عدة اجتماعات عقدتها اللجنة التحضيرية في عمان تمت تسمية أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المقبل ووجهت الدعوة لعقده في 10/7/1968 في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة. وبذلك دخلت منظمة التحرير الفلسطينية مرحلة جديدة من مراحلها، شاركت فيها فصائل المقاومة في عضوية المجلس الوطني بشكل علني وعلى أساس تنظيمي لأول مرة منذ قيام منظمة التحرير.
ح- الدورة الرابعة لمجلس الوطني الفلسطيني (10/7/1968) تشكل الدورة الرابعة للمجلس الوطني انعقاد هاما في مسيرة منظمة التحرير. فقد قلص عدد أعضاء المجلس إلى مائة عضو بعد أن كانوا زادوا على خمسمائة عضو في الدورة الثالثة. وتمثلت في المجلس الجديد جميع منظمات المقاومة. وكان معظم أعضائه يمثلون القوى الفلسطينية المقاتلة، المر الذي دل على أهمية الكفاح المسلح، وعلى أن المجلس يؤكد أن قضية فلسطين قضية تحرير طريقها الوحيد الكفاح المسلح.
وقد اتخذ المجلس قرارات كثيرة وافقت عليها جميع المنظمات الفلسطينية الممثلة فيه وعكست الأفكار المشتركة التي التفت على صعيدها هذه القوى العاملة والتزمت بها. وأبرز هذه القرارات.
1) قرار تغيير اسم الميثاق القومي الفلسطيني إلى “الميثاق الوطني الفلسطيني”* فالميثاق للشعب الفلسطيني لا للأمة العربية جمعاء، وكلمة “وطني” تنصرف إلى الشعب لا إلى الأمة.
2) تعديل كثير من مواد الميثاق القومي واضافة مواد جديدة اليه. وقد أثبت التعديلات والاضافات لتؤكد أهمية تمثيل القوى الفلسطينية المقاتلة وأهمية الكفاح المسلح وضرورة توقف التناقضات الثانوية بين القوى الوطنية لصالح التناقض الرئيس بين الصهيونية والاستعمار من جهة الشعب العربي الفلسطيني من جهة أخرى.
3) قرارات تتعلق بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير والمجلس الوطني:
(1) فصلت رئاسة المجلس الوطني عن رئاسة اللجنة التنفيذية. وبذا أصبح عمل المجلس الوطني الأساسي وضع التشريعات اللازمة ومراقبة تنفيذها.
(2) أنقص عدد أعضاء اللجنة التنفيذية إلى أحد عشر عضوا يتولى انتخابهم المجلس الوطني من بين أعضائه.
(3) قيام اللجنة التننفيذية بانتخاب رئيسها.
(4) تعديلات أخرى تتعلق بعضوية المجلس واجتماعاته، ونظام الصندوق القومي ورئيسه ومجلس إدارته.
4) القرات السياسية: بين المجلس أن تحديد هدف النضال الفلسطيني وأسلوبه وأدانته شرط مهم لتوحيد هذا النضال. وقرر أن الهدف هو تحرير الأرض الفلسطينية بكاملها، وأن الكفاح المسلح هو الأسلوب، وأن الأداة هي الجماهير العربية الفلسطينية داخل الأرض المحتلة وخارجها تسندها وتشترك معها في النضال الجماهير العربية.
وتحدثت هذه القرارات عن أن منظمة التحرير هي تجمع للقوى الفلسطينية في جهة وطنية من أجل ثورة مسلحة لتحرير الأرض. ولهذه المنظمة ميثاق يحكم سيرها ويحدث أهدافها وينظم عملها، ولها مجلس وطني وقيادة تنفيذية يختارها المجلس الوطني.
وحدد المجلس أسلوب العمل السياسي على مختلف الساحات العربية والدولية، ورفض قرار مجلس الأمن رقم 242، وشجب الدعوات المشبوهة لانشاء كيان فلسطيني مزيف غايته تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية لمصلحة (إسرائيل).
قرر المجلس الوطني تكليف اللجنة التنفيذية القائمة متابعة عملها ستة أشهر أخرى، على أن تعمل خلال هذه المدة على تأليف مجلس وطني جديد مستفيدة من تجربة هذه الدورة.
ط- الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 1-4/2/ 1969): سيرت اللجنة التنفيذية أمور منظمة التحرير، وأجرت الاتصالات لتشكيل المجلس الوطني، وحرصت على عقده في موعده المحدد، واهتمت باشتراك جميع فصائل المقاومة في أعماله. ولكن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين* اعتذرت عن ذلك. ولهذا تألف المجلس الوطني الثالث من ممثلي حركة التحرير الوطني الفلسطيني* (فتح) وطلائع حزب التحرير الشعبية* (الصاعقة) وممثلي الاتحادات الشعبية وبعض أصحاب الكفاية.
عقد المجلس دورته الخامسة في القاهرة وانتخب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة انتخبت بدورها ياسر عرفات رئيسا لها في أول اجتماعاتها، وشكلت المنظمة “قيادة الكفاح المسلح”.
ي- منظمة التحرير والتطورات الجديدة:
1) الصدام مع بعض الجهات في لبنان: بعد هذه المصادمات تم عقد “اتفاقية القاهرة” في 2/11/1969. وقد نظمت هذه الاتفاقية العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية، وكانت أول اتفاقية تعقدها حكومة عربية مع المقاومة الفلسطينية.
2) الوحدة الوطنية وانضمام فضائل مقاومة إلى منظمة التحرير: انضمت الجبهة الشعبية إلى عضوية المجلس الوطني واللجنة التنفيذية في الدورة اللسادسة للمجلس (1- 6/9/1969). وخطت المنظمة خطوات واسعة على طريق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتداعت منظمات المقاومة إلى اللقاء وزيادة التلاحم، وأصدرت في 6/5/1970 بيانا عدت فيه منظمة التحرير الفلسطينية الاطار العريض للوحدة الوطنية، وأعلنت رفضها للحلول السلمية وقرار مجلس الأمن رقم 242، وأكدت أن جميع فصائل المقاومة ستشترك في المجلس الوطني القادم وفي المؤسسات المنبثقة عن منظمة التحرير. وهكذا انضمت إلى المجلس الوطني في دورته التاسعة (7/7/1971) الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية – القيادة العامة*، وجبهة التحرير العربية*.
وأصبحت المنظمة تضم فصائل حركة المقاومة الأساسية، وجرت بنتيجة ذلك تغييرات في قيادتها.
3) أحداث الأردن (1970): تفجر الصدام بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الأردنية فنشبت معارك دامية بين قوات الثورة الفلسطينية والجيش الأردني في أيلول 1970. وتوقف الصدام الدامي مع عقد مؤتمر قمة عربي استثنائي في القاهرة (26-27/9/1970) توصل إلى عقد اتفاقيتي القاهرة وعمان لتنظيم العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الأردنية، ولتنظيم الوجود الفدائي في الأردن.
لكن الصدام المسلح تجددد خلال الدورة التاسعة للمجلس الوطني الفلسطيني (تموز 1971) وانتهى بخروج قوات الثورة الفلسطينية من الأردن.
4) الدولة الديمقراطية العلمانية: طرحت منظمة التحرير مشروع الدولة الديمقراطية الفلسطينية فأقره المجلس الوطني في دورتيه السابعة والثامنة، وبين أن الكفاح الفلسطيني المسلح ليس كفاحا عرقيا أو مذهبيا ضد اليهود. ولهذا فان دولة المستقبل في فلسطين المحررة من الاستعمار الصهيوني هي الدولة الفلسطينية الديمقراطية التي يتمتع الراغبون في العيش فيها بسلام بنفس الحقوق ضمن اطار مطامح الأمة العربية في التحرر القومي.
5) مشروع المملكة العربية المتحدة (15/2/1972): ازدادت حدة الصراع بين منظمة التحرير والسلطة الأردنية عندما طرح الملك حسين مشروع المملكة العربية المتحدة. وقد رأت المنظمة في هذا المشروع ما يناقض أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة ويتعارض مع استقلال القرار الفلسطيني. ولذلك قررت اللجن التنفيذية الدعوة الى عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني يسبقها مؤتمر شعبي عربي يحضره ممثلو الشعب الفلسطيني وممثلو القوى والأحزاب والحركات التقدمية والوطنية العربية (رَ: الحسين، مشروع 1972).
وقد رفض المؤتمر الشعبي والمجلس الوطني في دورته العاشرة مشروع اللملكة العربية المتحدة لأن فيه خروجا على اعتراف جامعة الدولة العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب فلسطين وبأنها تملك وحدها حق الحديث باسمه، ولأن حق تقرير المصير يعني تحرير الوطن كله، في حين يحصر مشروع المملكة العربية المتحدة القضية في الضفة الغربية.
أوصى المؤتمر الشعبي بعقد مؤتمر للأحزاب والمنظمات والقوى الوطنية والتقدمية العربية غايته توحيد النضال ضد الاستعمار والصهيونية. وقد عقد هذا المؤتمر فكانت أهم ثمراته “الجهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية” التي قامت فيما بعد بدور كبير في مساندة الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير.
ك- برنامج العمل المرحلي: كانت الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني (1-9/6/1974) من أهم دورات المجلس لأنها جاءت في أعقاب حرب 1973*، ولأن ممثلي الشعب العربي الفلسطيني المجتمعين في هذه الدورة أثبتوا أن الوحدة الوطنية ووحدة الموقف الفلسطيني أمر أساسي. وقد خرجوا برنامج عمل مرحلي من عشر نقاط يحدد خط سير منظمة التحرير في المرحلة القادمة. وكان لبرنامج النقاط العشر هذا الفضل في تحقيق كثير من الانجازات بالنسبة إلى منظمة التحرير، ولا سيما على الساحة الدولية، كما كان الساس فيما تلاه من برامج مرحلية سياسية.
وقد أكدت النقطة الأولى من البرنامج موقف منظمة التحرير السابق من قرار مجلس الأمن 242 ورفضها التعامل معه لأنه يطمس الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ويتعامل مع قضيته على أنها مشكلة لاجئين.
وأعلنت النقطتان الثانية والثالثة اصرار المنظمة على النضال بمختلف الوسائل، وعلى رأسها الكفاح المسلح، لتحرير الأرض الفلسطينية واقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء منها يتم تحريره، واصرارها كذلك على النضال ضد أي مشروع كيان فلسطيني ثمنه الاعتراف والصلح والتنازل عن الحق الوطني. وبينت النقطة الرابعة أن أية خطوة تحريرية تتم هي حلقة لمتابعة تحقيق استراتيجية منظمة التحرير في اقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية.
ودعت النقطتان الخامسة والسادسة إلى اقامة جبهة وطنية أردنية – فلسطينية، واقامة وحدة نضالية بين الشعبين الفلسطيني والأردني ومختلف قوى حركة التحرر العربي.
أما النقطة السابعة فقررت أن تناضل منظمة التحرير من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والارتقاء بها إلى المستوى الذي يمكنها من القيام بواجباتها ومهامها الوطنية والقومية.
وانتقلت المادة الثامنة إلى تقرير نضال السلطة الوطنية الفلسطينية بعد قيامها في سبيل اتخاذ أقطار المواجهة لاستكمال تحرير التراب الفلسطيني كله فيكون ذلك خطوة على طريق الوحدة العربية الشاملة. ودعت النقطة التاسعة إلى أن تناضل منظمة التحرير في سبيل تعزيز تضامنها مع البلدان الاشتراكية وقوى التحرر والتقدم العالمية لاحباط مخططات الصهيونية والرجعية والامبريالية.
أما أساليب العمل لتحقيق هذه الأهداف فقد تركت النقطة العاشرة لقيادة الثورة أن تحددها على ضوء هذا البرنامج.
انتخبت على أساس برنامج العمل المرحلي لجنة تنفيذية تمثل جميع فصائل حركة المقاومة. ولكن خلافا حدث بينها حول تطبيق هذا البرنامج وأدى إلى أن يجمد فصيلان عضويتهما في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ويشكلا مع قوى أخرى جبهة أطلق عليها اسم “جبهة الرافض”. وظلت هذه الجبهة تقاطع أعمال اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي على الرغم من اتفاق فصائل المقاومة أثناء انعقاد دورة المجلس الوطني الثالثة عشرة (دورة الشهيد كمال جنبلاط) على برنامج جديد سمي “برنامج النقاط الخمس عشرة. ثم جاءت زيارة السادات للقدس وما تلاها من خطوات هددت بتصفية قضية فلسطين فكانت حافزا لاجتماع فصائل حركة المقاومة وقوى الشعب الفلسطيني كلها، داخل الوطن المحتل وخارجه، من أجل توحيد المواقف في اطار منظمة التحرير. والتقت في الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني (دورة الشهيد هواري بومدين، دمشق 15-23/1/1979) واتفقت على برنامج سياسي وبرنامج تنظيمي جندين فعادت الى حركة المقاومة الفلسطينية وحدتها داخل منظمة التحرير الفلسطينية.
ل- اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: تشبه اللجنة التنفيذية ضمن بنية منظمة التحرير الفلسطينية السلطة التنفيذية في الدول. وقد عرفها النظام الأساسي للمنظمة بأنها “أعلى سلطة تنفيذية للمنظمة، وتكون دائمة الانعقاد، وأعضاؤها متفرغون للعمل، وتتولى تنفيذ الساسية والبرامج والمخططات التي يقررها المجلس الوطني، وتكون مسؤولة أمامه مسؤولية تضامنية وفردية”. (المادة 15).
1) مهامها: بالاضافة إلى المادة 15 حددت مواد أخرى في النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية مهام اللجنة التنفيذية. فقد جاء في المادة 16:
“تتولى اللجنة التنفيذية:
“أ- تمثيل الشعب الفلسطيني
“ب- الاشراف على تشكيلات المنظمة.
“ج- إصدار اللوائح والتعليمات، واتخاذ القرارات الخاصة بتنظيم أعمال المنطقة، على ألا تتعارض مع الميثاق أو النظام الأساسي
“د- تنفيذ السياسة المالية للمنظمة واعداد ميزانيتها.
“وعلى وجه العموم تباشر اللجنة التنفيذية جميع مسؤوليات منظمة التحرير وفق الخطط العامة والقرارات التي يصدرها المجلس الوطني.
وأوكلت إليها المادتان 18 و19 مهمة انشاء دوائر منظمة التحرير والقيام “بتوثيق العلاقات وتنسيق العمل بين المنظمة وجميع المنظمات والمؤسسات العربية والدولية التي تتفق معها في الأهداف أو تعينها على تحقيق أغراضها.
وحددت المادة 20 مدة ولاية اللجنة التنفيذية وقيامها بمهامها. فهي “تستمر في ممارسة صلاحياتها واختصاصاتها ما دامت متمتعة بثقة المجلس الوطني. وعلى اللجنة التنفيذية أن تقدم استقالتها للمجلس الوطني الجديد في أول اجتماع يعقده. ويحوز اعادة انتخابها”. وتبين هذه المادة الارتباط الوثيق بين دورات المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية، هذا الارتباط الذي ظهر جلياً في تطورها.
2) تشكيلها: مر تشكيل اللجنة التنفيذية بطورين:
(1) من قيام المنظمة حتى الدورة الرابعة للمجلس الوطني: نص نظام المنظمة الأساسي الأول الذي وضع في الدورة الأولى للمجلس الوطني (القدس، 28/5/-2/6/1964) على أن “ينتخب المجلس الوطني من بين أعضائه رئيس اللجنة التنفيذية، ويتولى الرئيس اختيار اعضائها” (المادة 13)، وعلى أن “تؤلف اللجنة التنفيذية من خمسة عشر عضواً بما فيهم الرئيس، وينتخب هؤلاء من بينهم نائباً للرئيس” ( المادة 14).
وقد تولى أحمد الشقيري، رئيس اللجنة التنفيذية آنذاك، استناداً إلى هاتين المادتين، تعيين أعضاء اللجنة التنفيذية طوال فترة رئاسته للجنة ما بين 2/6/1964 و24/12/1967.
(2) منذ الدورة الرابعة للمجلس الوطني: بدأ هذا الطور عقب تعديل النظام الأساسي لمنظمة التحرير في الدورة الرابعة للمجلس الوطني (القاهرة 10-17/7/1968). وقد أصاب هذا التعديل المادتين 13 و14 فأصبح المجلس الوطني هو الذي ينتخب من بين أعضائه جميع أعضاء اللجنة التنفيذية، وتقوم هي بانتخاب رئيسها من بين أعضائها (المادة 13). كما حددت المادة 14 عدد أعضاء اللجنة “بأربعة عشر بمن فيهم رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني”. وإذا شغرت العضوية في اللجنة التنفيذية بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب يؤجل ملؤها إلى أول دورة قادمة للمجلس. وهذا اذا كانت الحالات الشاغرة تقل عن ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية. وأما اذا كانت هذه الحالات الشاغرة تقل عن ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية. وأما اذا كانت هذه الحالات تساوي الثلث أو أكثر فيتم ملؤها من قبل المجلس الوطني في جلسة خاصة يدعى إليها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً. وإذا تعذر دعوة المجلس الوطني وجمعه يتم ملىء الشواغر في الحالتين السابقين من قبل اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس ومن يستطيع الحضور من أعضائه وذلك في اجتماع مشترك.
3) تطورها: شكل أحمد الشقيري اللجنة التنفيذية الأولى للمنظمة وفقاً للنظام الأساسي الأول الذي خوله ذلك الحق. ففي 10/7/1964 أعلن في القدس أنه اختار 13 عضواً من أعضاء اللجنة التنفيذية الأربعة عشر. ثم أعلن في القاهرة يوم 15/9/1964 بدء تشكيل جيش التحرير الفلسطيني وتعيين المقدم وجيه المدني قائداً له وترفيعه إلى رتبة لواء، واختيار العضو الرابع عشر في اللجنة التنفيذية.
وقد عقدت اللجنة سلسلة من الاجتماعات في مقرها الدائم في القدس، واتخذت القرارات اللازمة لتسيير أمور المنظمة، لا سيما المتعلق منها بوضع نظام داخلي لعمل اللجنة نفسها، وتوزيع العمل على أعضائها. وتكليفهم الشروع في إنشاء دوائر المنظمة وافتتاح مكاتبها.
وقد تابعت هذه اللجنة أعمالها والقيام بالمهام الموكلة إليها حتى كانت الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني (غزة 20-24/5/1966) فتقدمت باستقالتها إلى المجلس الذي قبلها وعهد إلى أحمد الشقيري باعادة تشكيلها حسب النظام الأساسي للمنظمة. وفي 15/7/1966 أعلن الشقيري تشكيل اللجنة التنفيذية الثانية.
ولكن الشقيري عاد في 27/12/1966 فأعلن عن حل هذه اللجنة التنفيذية وإعادة تشكيلها “تشكيلاً ثورياً” عن طريق إنشاء مجلس ثورة “يأخذ على عاتقه إعداد الشعب لخوض معركة التحرير”. وقد ظلت أسماء هذا المجلس طي الكتمان. وبعد شهرين من ذلك (26/2/1967) أعلن الشقيري مرة أخرى تشكيل لجنة تنفيذية جديدة برئاسته وقال إنها سوف “تمارس جميع اختصاصاتها التي نص عليها النظام الأساسي بصفتها أعلى سلطة تنفيذية للمنظمة”، وان اللجنة ملتزمة بمبادىء الميثاق القومي الفلسطيني وتنفيذ مقررات المجلس الوطني.
على أن الامور لم تستقم داخل اللجنة التنفيذية بعد هذا التشكيل الجديد بل أخذت الخلافات تتفاقم، ولا سيما اثر عدوان حزيران 1967، الأمر الذي أدى إلى تقديم الشقيري استقالته من رئاسة المنظمة في رسالة وجهها إلى الشعب الفلسطيني يوم 24/12/1967. وقد قبلتها اللجنة التنفيذية في اليوم نفسه وأوكلت إلى يحيى حمودة رئاسة اللجنة التنفيذية بالوكالة.
وفي الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 10-17/7/1968) التي اشتركت فيها فصائل المقاومة بشكل رسمي وعلني لأول مرة أقر فصل رئاسة المجلس الوطني عن رئاسة اللجنة التنفيذية، كما عدل النظام الأساسي لمنظمة التحرير فأصبح المجلس الوطني الفلسطيني هو الذي ينتخب اللجنة التنفيذية. ولكن تعذر الاتفاق في هذه الدورة على صيغة ترضي جميع الأطراف بشأن تشكيل لجنة تنفيذية جديدة، ولذا جدد للجنة القديمة ستة أشهر أخرى يتم خلالها تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد. كما ضم في 5/9/1968 عضو جديد إلى اللجنة تنفيذ لقرار المجلس الوطني برفع عدد أعضائها من عشرة إلى أحد عشر.
وشهدت الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 1-4/2/1969 تبدلاً جذرياً. ففي نهاية اجتماعات الدورة استقالت اللجنة التنفيذية وانتخبت بالتركية لجنة تنفيذية جديدة ضمت ممثلين عن منظمات فلسطينية مقاتلة برئاسة ياسر عرفات الناطق الرسمي باسم فتح. وشغل ياسر عرفات الدائرة العسكرية علاوة على رئاسة اللجنة. وقد أعلن المجلس في بيانه الختامي عن هذه الدورة أنه حقق خطوة أساسية محورية على طريق بناء الوحدة الوطنية القتالية التي دعيت فيما بعد “قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني”.
حدثت تطورات أخرى في الدورات التالية للمجلس الوطني الفلسطيني. فقد أقرت الدورة السادسة (القاهرة 1-6/9/1969) أن تؤلف اللجنة التنفيذية من 12 إلى 15 عضواً بمن فيهم رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي. وأعيد انتخاب ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية، واتخذ قرار بزيادة أعضائها إلى 15 كحد أعلى.
وأدخلت الدورة السابعة للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 30/5- 4/6/1970) تطويراً جديداً على اللجنة التنفيذية ومهامها. فقد قررت تشكيل لجنة مركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية من رئيس المجلس الوطني وأعضاء اللجنة التنفيذية والقائد العام لجيش التحرير الفلسطيني وثلاثة من المستقلين من أعضاء المجلس الوطني تنتخبهم اللجنة التنفيذية بالتشاور ومندوب قيادي مفوض بكافة الصلاحيات يمثل كل منظمة من المنظمات الفلسطينية الموقعة على اتفاق 6/5/1970. ولا يشترط في هؤلاء أن يكونوا من بين أعضاء المجلس الوطني. ويكون رئيس اللجنة التنفيذية هو رئيس اللجنة المركزية.
قامت اللجنة المركزية في حينها بمهام اللجنة التنفيذية على رغم بقاء الأخيرة ومثلت القيادة العليا للنضال الفلسطيني في الأمور التي تطرح عليها ضمن سلطاتها، وهي:
(1) البت في الأمور والقضايا العاجلة والطارئة بما لا يتعارض وأحطام الميثاق الوطني الفلسطيني.
(2) العمل باستمرار على ايجاد صيغ أكثر تقدماً وعمقاً واتساعاً للوحدة الوطنية.
(3) متابعة تنفيذ قراراتها وقرارات المجلس الوطني.
(4) مناقشة الأمور المطروحة عليها من اللجنة التنفيذية أو أحد أعضائها، واتخاذ القرارات الملزمة وفق النظام الداخلي الذي تقرره اللجنة، على أن تتولى اللجنة التنفيذية تنفيذ القرارات التي تتخذها اللجنة المركزية.
وخولت اللجنة المركزية أيضاً تجميد عضوية أي عضو أو تنظيم، أو تعليقها، أو اتخاذ أية عقوبة بشأنه. على أن يعرض الأمر على المجلس الوطني في أول دورة لانعقاده، وأن يكون قراره فاصلاً.
وهكذا باتت اللجنة التنفيذية – بوجود اللجنة المركزية – مجردة من بعض صلاحياتها السابقة فلم يوكل إليها سوى تنفيذ ما تقرره اللجنة المركزية التي اختير أعضاؤها من قيادات المنظمات الفدائية.
وقرر المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثامنة (القاهرة 28/2- 5/3/1971) أن تستمر اللجنة التنفيذية القائمة في عملها إلى أن يتم تشكيل مجلس وطني جديد مع إبقاء اللجنة المركزية.
واستعادت اللجنة التنفيذية مهامها حين قرر المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة (القاهرة 7-13/7/1971) أن “تحل اللجنة التنفيذية محل اللجنة المركزية في جميع مسؤولياتها وصلاحياتها والاتفاقات التي عقدتها. كما تعطى اللجنة التنفيذية حتى توقيف إعلان إلغاء اللجنة المركزية”.
وانتخب المجلس لجنة تنفيذية جديدة تألفت من 14 عضواً وضمت جميع التنظيمات. وقامت هذه اللجنة بالغاء اللجنة المركزية وعادت إلى ممارسة مسؤولياتها وصلاحياتها كاملة. وتقرر أن يحضر القائد العام لجيش التحرير الفلسطيني جلسات اللجنة التنفيذية كلها.
ولم يحدث أي تغيير على صعيد اللجنة التنفيذية حين عقد المجلس الوطني دورته العاشرة. ولكنه قرر في دورته الحادية عشرة (القاهرة 6-10/1/1973) تشكيل مجلس مركزي من بين أعضائه يكون صلة الوصل بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني ويترأسه رئيس هذا المجلس. كما قرر تشكيل لجنة تنفيذية جديدة.
تم توسيع اللجنة التنفيذية في الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني (القاهرة 1-8/6/1974). وكان اثنان من أعضائها هما محمد يوسف النجار* وكمال ناصر* قد استشهدا، وأضيف إليها ستة أعضاء جدد، ثلاثة منهم يمثلون الجبهة الوطنية الفلسطينية التي تعمل في الوطن المحتل، وأما الثلاثة الآخرون فهم ممثل الجبهة الشعبية – القيادة العامة وعضوان مستقلان.
حدث بعد هذه الدورة خلاف داخل منظمة التحرير اثر تشكيل جبهة الرفض فجددت بعض الفصائل عضويتها في اللجنة التنفيذية وفي المجلس المركزي.
وقد ظلت هذه اللجنة قائمة إلى أن عقدت الدورة الثالثة عشرة المجلس الوطني الفلسطيني المشكل من جديد (القاهرة، آذار 1977). وفي هذه الدورة قدمت اللجنة التنفيذية استقالتها فانتخب المجلس لجنة تنفيذية جديدة استمرت في عملها ولم تتقدم باستقالتها إلى الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني (دمشق، 15-22/1/1979). وهكذا لم تنتخب هذه الدورة لجنة تنفيذية جديدة بديلة لها.
م- المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية: في الدورة الحادية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني (6-12/1/1973) تقرر تشكيل مجلس مركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية لمعاونة اللجنة التنفيذية في تنفيذ قرارات المجلس الوطني واصدار التوجهات المتعلقة بتطورات القضية الفلسطينية بين دورتي المجلس. فالفارق الزمني الطويل نسبياً بين دورتي المجلس الوطني (سنة كاملة) يوجد فراغاً في اتخاذ التشريعات والقرارات اللازمة لأن مسائل وتطورات هامة تبرز بين حين وآخر على صعيد القضية الفلسطينية فلا تستطيع اللجنة التنفيذية للمنظمة أن تبت فيها دون الاستناد إلى قرار المجلس الوطني الفلسطيني. والدعوة إلى عقد المجلس لدورة غير عادية ليست بالأمر السهل لعدة أسباب من بينها توزع أعضاء المجلس على التجمعات الفلسطينية في مختلف الأقطار العربية وخارجها.
وهكذا ظهرت فكرة تشكيل مجلس وسيط بين المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية للمنظمة لسد ذلك الفراغ فجاء هذا المجلس المركزي.
حددت اللائحة الداخلية للمجلس المركزي ماهية وكيفية تشكيله والمهام المنوطة به واجتماعاته وقراراته.
فهو “هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، وهو مسؤول أمامه” وبشكل من بين أعضاء المجلس الوطني، “ويتكون من اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وعدد من الأعضاء يساوي على الأقل ضعفي عدد أعضاء اللجنة التنفيذية ويكونون من فصائل حركة المقاومة والاتحادات الشعبية والكفايات الفلسطينية”.
1) مهامه: أما مهامه فهي كما حددتها المادة الثالثة من لائحته:
“أ- اتخاذ القرارات في القضايا التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية في اطار مقررات المجلس الوطني.
“ب- اقرار الخطط التنفيذية المقدمة إليه من اللجنة التنفيذية.
“ج – متابعة اللجنة التنفيذية تنفيذ قرارات المجلس الوطني.
“د- 1 – يشكل المجلس المركزي لجنة دائمة من بين أعضاء المجلس الوطني، ويكون رؤساء اللجان الدائمة من أعضاء المجلس المركزي.
“2 – تكون مهمة اللجان الدائمة اعداد الدراسات والبحوث في المسائل المحالة من المجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية.
“3 – الاطلاع على حسن سير عمل دوائر المنظمة وتقديم التوصيات اللازمة وبذلك للمجلس المركزي”.
ويجتمع المجلس “مرة كل شهرين على الأقل بدعوة من رئيسه”. ويترأس جلسات المجلس ويديرها رئيس المجلس الوطني ويقدم تقريراً عن أعماله إلى المجلس الوطني عند انعقاده.كما ينتخب المجلس أمين سر له. ولكن المجلس المركزي يعقد أيضاً جلسات طارئة بناء على طلب من أعضاء اللجنة التنفيذية أو من خمسة عشر عضواً من أعضائه الآخرين. وتتخذ قرارات المجلس “بأكثرية أصوات الحاضرين، وفي حال التساوي يعتبر صوت الرئيس مرجعاً”.
2) تشكيله: وجه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في 21/1/1973 رسالة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية يطلب منه فيها تسمية أعضاء المجلس المركزي “على أن يكون ذلك مناصفة تقريبا بين المنظمات الفدئية والكفايات الفلسطينية غير المنتمية والاتحادات الشعبية”.
وقد قررت اللجنة التنفيذية في جلستين عقدتهما يومي 2 و9/3/1973 تشكيل المجلس المركزي من 32 عضواً يضاف إليهم 6 أعضاء مراقبين، وذلك على الشكل التالي:
رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأعضاء اللجنة التنفيذية العشرة، وأربعة من فتح، واثنان من الصاعقة، واثنان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واثنان من جبهة التحرير العربية، واثنان من الجبهة الديمقراطية*، وتسعة من أصحاب الكفايات.
إلا أن هذا العدد لم يستقر. فقد رفع في 27/6/1974 إلى 43 عضواً مضافاً إليهم 6 أعضاء مراقبين، إذ زيد على العدد الأصلي أربع أعضاء جدد في اللجنة التنفيذية، وعضوان من الجبهة الشعبية – القيادة العامة، وأربعة من اتحادات المرأة والطلاب والمعلمين والعمال، وقائد جيش التحرير الفلسطيني.
وفي سنة 1977 زيد عدد أعضاء المجلس المركزي إلى 55 عضواً بإضافة عضو واحد جديد في اللجنة التنفيذية، وثلاثة أعضاء هم مكتب المجلس الوطني، وتسعة أعضاء من أصحاب الكفايات. وسحبت عضوية المجلس من قائد جيش التحرير الفلسطيني.
وبعد الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني سنة 1979 زيد عدد أعضاء المجلس المركزي إلى 59. فقد أضيف عضوان لكل من جبهة النضال الشعبي* وجبهة التحرير الفلسطينية.
وهكذا أصبح المجلس المركزي مؤلفاً من: رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأعضاء اللجنة التنفيذية الخمسة عشر، وأربعة من فتح، واثنين من الصاعقة، واثنين من الجبهة الشعبية، واثنين من الجبهة الشعبية – القيادة العامة، واثنين من جبهة النضال الشعبي، واثنين من جبهة التحرير الفلسطينية، وثلاثة من مكتب المجلس الوطني الفلسطيني، وأربعة من اتحادات المرأة والطلاب والمعلمين والعمال، وثمانية عشر من أصحاب الكفايات، بالإضافة إلى ستة مراقبين.
3) نشاطه: قام المجلس المركزي الفلسطيني خلال السنوات التي انقضت منذ تشكيله بدور هام في مناقشة التطورات السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية على الساحة العربية والدولية وصياغة التوصيات اللازمة والمناسبة بشأنها. ولا ريب أن عدده المحدود وتمثيله لمختلف فصائل المقاومة قد ساعداه على انجاز المهام الموكولة إليه، وعلى حسن التوصل إلى حلول وقرارات للقضايا التي تطرح عليه. وثمة أمثلة عديدة على ذلك تبين طبيعة عمله.
فعقب الغزو الصهيوني لجنوبي لبنان في شهر آذار 1978 عقد المجلس المركزي اجتماعاً في دمشق يومي 20 و21 أيار “قدمت فيه اللجنة التنفيذية عرضاً شاملاً للموقف وآخر تطورات قضية فلسطين على جميع المستويات المحلية والعربية والدولية، وشرحت أهداف الغزو الصهيوني وآثاره وتطورات القتال فيه”، كما عرضت “الاتصالات والنشاطات التي قامت بها في الفترة الأخيرة”. وقد كان البيان الذي صدر عن هذا الاجتماع بمنزلة برنامج عمل للجنة التنفيذية تضمن توكيدات المجلس المركزي بشأن الوحدة الوطنية الفلسطينية والتصدي للعدو الصهيوني والقوى الامبريالية التي تدعمه، وبشأن “ثقته بالأخوة اللبنانية – الفلسطينية”، وتعميق العلاقات مع الشعب اللبناني بجميع قواه الوطنية والتقدمية على “قاعدة احترام سيادة واستقلال لبنان ووحدة أراضيه وشعبه”، وبشأن “إن التضامن العربي يجب أن يقوم على أساس التصدي للاحتلال الصهيوني والقوى الامبريالية، وأنه يتطلب حشد الطاقات العربية السياسية والعسكرية والاقتصادية والنفطية وتسخيرها لخدمة قضايا الأمة العربية، وخاصة قضية فلسطين”. ثم أعلن البيان “رفض الدعوة لأية قمة عربية في ظل مبادرة السادات والسياسة التي انتهجها”.
وفي شهر تموز 1979 أكد المجلس المركزي ضرورة الالتزام بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ولا سيما حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولة مستقلة. وحذر من المحاولات الأمريكية الهادفة إلى تمييع الصمود العربي وزرع الشقاق وإبعاد الانظار عن الخطر الحقيقي الذي يتمثل في اتفاقيات كامب ديفيد* ومشاريع الحكم الذاتي ومحاولات تصفية الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني”.
إن في هذه الأمثلة مؤشراً على نوعية عمل المجلس المركزي في اجتماعاته العادية وغير العادية. ولكن التوصيات التي يقدمها للجنة التنفيذية من أجل تصعيد النضال الفلسطيني ضد العدو الصهيوني لا تتضمنها البيانات الصادرة عن اجتماعاته، اذ ان هذه تسير نحو التنفيذ ولا تجد طريقاً لها نحو النشر.
ن- دوائر منظمة التحرير الفلسطينية: مرت دوائر منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن تستقر على ما هي عليه الآن بسلسلة من التطورات عدداً ومهام ومسؤولين. فبعد أن تشكلت اللجنة التنفيذية الأولى للمنظمة في 10/8/1964، وبعد أن وافق مؤتمر القمة العربي الثاني (الاسكندرية 5-11/9/1964) على قيام المنظمة، أخذت اللجنة التنفيذية تمارس نشاطها في مقرها الدائم في القدس، وأنشأت الدوائر التالية:
1) الدائرة السياسية للشؤون العربية
2) الدائرة السياسية للشؤون الخارجية.
3) دائرة التنظيم الشعبي.
4) دائرة الاعلام والتوجيه القومي
5) الدائرة العسكرية.
6) دائرة الشؤون الادارية.
ثم حددت المادة 18 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية المعدل في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 10-17/7/1968) دوائر المنظمة على الشكل التالي:
1) الدائرة العسكرية.
2) دائرة الشؤون السياسية والاعلامية.
3) دائرة الصندوق القومي الفلسطيني.
4) دائرة البحوث والمؤسسات المتخصصة.
5) دائرة الشؤون الادارية.
6) أي دائرة أخرى ترى اللجنة التنفيذية ضرورة انشائها.
وعين لكل دائرة مدير عام وعدد من الموظفين. ونصت المادة 18 على أن يحدد اختصاص كل دائرة بنظام خاص تضعه اللجنة التنفيذية. وأما رئيس كل دائرة فهو أحد أعضاء اللجنة التنفيذية.
على أن هذين التطورين لم يكونا الوحيدين بالنسبة إلى هذه الدوائر. فقد مرت هذه بتطورات أخرى، زيادة ونقصاناً، واستقرت على الشكل التالي:
1) أمانة السر: تتولى أمور العلاقة بين مختلف دوائر المنظمة وأجهزة الدولة العربية في البلد المضيف لمقر اللجنة التنفيذية، وتتولى أيضاً إقرار جدول أعمال اللجنة التنفيذية بالتشاور مع رئيسها، وإعداد محاضر اجتماعات اللجنة وقراراتها. وترد إليها جميع القضايا التي يجب أن تعرض على اللجنة التنفيذية، سواء أكانت من أفرد أم من دوائر منظمة التحرير الفلسطينية أم من جهات أخرى حكومية أو شعبية، عربية أو أجنبية.
2) الدائرة السياسية: هي المكلفة إدارة النشاطات السياسية التي تقوم بها منظمة التحرير الفلسطينية على مختلف الصعد، سواء مع الدول أو الأحزاب أو المنظمات العربية والأجنبية. وهي المسؤولة أيضاً عن نشاطات المنظمة في هيئة الأمم المتحدة وشتى وكالاتها المتخصصة.
وتتولى الدائرة السياسية الاشراف على مكاتب المنظمة في البلدان العربية والأجنبية، وهي التي تعين مديريها وموظفيها. وهي الجهة التي تعقد الاتفاقيات، ولا سيما الاتفاقيات التي تنظم علاقات المنظمة بمختلف دول العالم. وهي المكلفة رعاية مصالح الشعب الفلسطيني في شتى الدول، والإشراف على علاقة المنظمة بجامعة الدول العربية، وتنظيم العلاقات بمنظمة الوحدة الافريقية ومنظمة المؤتمر الاسلامي* وحركة دول عم الانحياز*، وتطبيق البرنامج السياسي لعلاقات المنظمة بدول العالم وفق التوجهات التي تضعها اللجنة التنفيذية.
3) الدائرة العسكرية: تناط بها المسؤوليات التالية: قضايا جيش التحرير الفلسطيني على صعد التعبئة والتدريب والتسلح والتجهيز والتمويل، وابداء المشورة لرئيس اللجنة التنفيذية والقائد العام في الأمور العسكرية والتنظيمية والمتعلقة بجيش التحرير وقوات الثورة الفلسطينية، وإعداد برامج التدريب والتعبئة وتأمين حاجات القوات المسلحة للثورة الفلسطينية. كما أنها ترعى بالتعاون مع الصندوق القومي أسر شهداء جيش التحرير الفلسطيني.
4) دائرة الصندوق الفلسطيني: الصندوق القومي الفلسطيني مكلف بتسلم الموارد المختلفة، وتمويل منظمة التحرير الفلسطينية والأجهزة التي تنبثق عنها، وتنمية موارد الصندوق بجميع الوسائل والامكانيات، والإشراف على أعمال الجباية، ومراقبة النفقات التي تحتاج إليها دوائر المنظمة ومكاتبها وأجهزة مؤسساتها في المجالات المدنية والعسكرية، وتدقيقها وضبطها، ومراقبة صرف الأموال والمساعدات التي تقررها اللجنة التنفيذية.
5) دائرة شؤون الوطن المحتل: تعنى بقضايا الأرض المحتلة وشؤونها. وهي مكلفة دراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والنضالية فيها، وإعداد وتنفيذ الخطط المتعلقة بصمود الشعب العربي الفلسطيني في داحل الوطن المحتل ومساندة مختلف أساليب نضاله، ولا سيما الكفاح المسلح. وهي مسؤولة أيضاً عن فضح الممارسات الصهيونية وتقديم الأدلة لشتى الجهات العربية والدولية عن وحشية هذه الممارسات، ووضع برامج التنمية، ودعم التطور الاقتصادي والتربوي والخدمة العامة وبرامج البلديات وتطورها في الأراضي العربية المحتلة.
وقد أكد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة عشرة المعقودة في دمشق (15-22/1/1979):
“أ- ضرورة قيام دائرة الوطن المحتل وفروعها وأجهزتها بممارسة صلاحياتها ومسؤولياتها كاملة وفق الاختصاصات المحددة لها في النظام الأساسي.
“ب- إعادة بناء الجهاز التنفيذي للدائرة بما يمكنه من القيام بواجباته.
“ج- تشكيل مجلس أعلى للوطن المحتل على أسس جبهوية من القوى الفلسطينية والكفايات الفلسطينية كافة.
“د- تشكيل لجان فنية متخصصة لاعداد الدراسات اللازمة.
“هـ- رصد الميزانية التي تكفل قيام الدائرة بتحقيق برامجها كاملة”.
6) دائرة التربية والتعليم العالي: هي المسؤولة عن قضايا التعليم ومتابعة برامجه بالنسبة إلى الشعب العربي الفلسطيني في الأقطار العربية عامة، وفي الأرض المحتلة خاصة. وهذه الدائرة هي المكلفة بموجب قرارات اللجنة التنفيذية اختيار الطلاب الفلسطينيين الذين يوفدون للدراسة في الخارج بمنح دراسية، ويناط بها الاهتمام باسم منظمة التحرير الفلسطينية بمتابعة الدراسة في مدارس وكالة الاغاثة. وقد قامت مؤخراً بافتتاح مدارس لأبناء فلسطين في لبنان لمواجهة النقص في المدارس التي تقيمها وكالة إغاثة اللاجئين، وفي المدارس الخاصة. كما أنها عملت على افتتاح مدارس في بلدان عربية أخرى لتعليم أبناء فلسطين فيها. وهي تهتم بالتعاون مع المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم بقضايا التعليم الجامعي لأبناء الشعب العربي الفلسطيني في الأرض المحتلة وخارجها، وتمثل منظمة التحرير في اليونسكو* وفي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
وقد أكد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة عشرة ما يلي:
“أ- الاعتناء بالطفل الفلسطيني، وتشكيل لجنة مركزية للتنسيق تعنى برياض الأطفال باعتبارها المرحلة التعليمية الأولى، ووضع المناهج الوطنية وتعميمها على كافة تجمعات الشعب الفلسطيني، وتدريب الكادر الفني المطلوب لأداء هذه المهمة.
“ب – وضع مادة تعليمية حول فلسطين- قضية وشعباً – لكافة المراحل التعليمية، والتأكيد على قرار المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الـ13 السابقة بشأن مادة فلسطين التي يقوم بإعدادها مركز التخطيط.
“ج- دعم وتطوير جميع المؤسسات المعنية بالتأهيل المهني في اطار منظمة التحرير الفلسطينية.
“د- إلزام جميع الخريجين من الطلبة الفلسطينيين الذين حصلوا على منح دراسية من خلال منظمة التحرير أو احدى فصائلها أو اتحاداتها الشعبية بالخدمة الثورية والعمل في مؤسسات الثورة الفلسطينية لمدة أقلها سنتان”.
وأكد المجلس أيضاً في قرار آخر:
“أ- دعم ورعاية المؤسسات التعليمية، وضرورة إنشاء معاهد مهنية وزراعية لاستيعاب طلابنا في الوطن المحتل، ودعم المدارس ورياض الأطفال ومراكز مكافحة الأمية.
“ب- ضرورة اعطاء أهمية أكبر لقضايا الطلبة بعد المرحلة الثانوية”.
7) دائرة العلاقات القومية: دائرة حديثة أقامها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة عشرة (القاهرة، آذار 1977). ونيط بها تنظيم العلاقات بالمنظمات والأحزاب العربية القومية، والعلاقات بالمنظمات العالمية غير الرسمية، وفي مقدمتها جمعيات الصداقة مع الشعوب الأخرى ومنظمات السلم والتضامن العالمية، كل ذلك بالتنسيق والتشاور مع الدائرة السياسية.
8) دائرة الإعلام والثقافة: وهي المكلفة الاشراف على النشاطات الإعلامية والثقافية التابعة للمنظمة، والمشاركة في مختلف النشاطات والمؤتمرات الإعلامية والثقافية العربية والدولية. وهي مكلفة الاهتمام بالقضايا الثقافية المتعلقة بفلسطين وشعبها وقضيتها من أدب وغناء مسرح وآثار وتراث شعبي. وتشرف على النشاطات الفنية التي تقوم بها منظمة التحرير الفلسطينية في شتى أنحاء العالم، ولا سيما تنظيم المعارض الفنية واصدار الكراسات عن القضية الفلسطينية. وتولي دائرة الاعلام والثقافة قضايا التراث العربي الفلسطيني اهتماماً كبيراً واسعاً. وقد نيطت بها مهمة أحياء هذا التراث.
وتولي هذه الدائرة القضايا المتعلقة بجماهير الأرض العربية المحتلة أهمية بالغة. وقد أكد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة عشرة “العمل من أجل أن يولي الاعلام الفلسطيني، ولا سيما الاذاعي، أهمية بالغة الاحتياجات جماهيرياً في المناطق المحتلة من حيث التوجيه السياسي الواضح والدقيق، والاهتمام بمعالجة قضاياهم الحياتية والجماهيرية. كما يؤكد المجلس أهمية إنشاء مركز إعلامي خاص بشؤون الوطن المحتل، وأن يقدم هذا المركز نشرات خاصة به”.
9) دائرة التنظيم الشعبي: هي المكلفة الإشراف على نشاط وانتخابات الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية والمشاركة في مؤتمراتها العامة. ومن تلك الاتحادات اتحاد الشبيبة، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، والاتحاد العام لطلبة فلسطين*، والاتحاد العام للصحفيين والكتاب الفلسطينيين* والاتحاد العام للمعلمين* وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني*، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة*، والحركة الكشفية الفلسطينية، ومختلف الاتحادات الرياضية.
وتمثل هذه الدائرة منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمرات التي تعقدها منظمة العمل الدولية، وتبعث بمندوبيها إلى المؤتمرات الدولية للمنظمات العربية والأجنبية المماثلة للاتحادات الشعبية الفلسطينية التي تشرف عليها. وهي مسؤولة عن التنسيق بين نشاطات الاتحادات الشعبية عبر المجلس الأعلى لهذه الاتحادات.
وتقوم هذه المنظمات والاتحادات الشعبية بدور هام في مسيرة الثورة الفلسطينية. ولذا توليها دورات المجالس الوطنية المتعاقبة اهتماماً كبيراً. وقد أكدت الثورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني سيادة “مبدأ الوحدة الوطنية في مجال العمل الشعبي، وأن يكون مبدأ المشاركة في تحمل المسؤولية سائدأ، مما يعزز دور هذه التنظيمات في أن تمارس دوراً أكبر في تعزيز الوحدة الوطنية بين كافة فصائل الثورة الفلسطينية بما لا يتعارض مع روح العمل الديمقراطي والمنافسة الشريفة”. وأكدت أيضاً تقديم “الدعم المادي والمعنوي للتنظيمات الشعبية لكي يكون بمقدورها القيام بمهاتها وتطوير نشاطاتها في كل المجالات، ولا سيما قواعدها وكوادرها في الأرض المحتلة، من أجل تصعيد مختلف أشكال نضالها وتحرير صمودها وفعالياتها، وكذلك اشراك التنظيمات الشعبية في لجان الأرض المحتلة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يقتضي النظر بجدية إلى الميزانيات المقدمة من هذه التنظيمات”.
10) دائرة الشؤون الاجتماعية: ترعى الخدمات الاجتماعية الواجب تقدمها لجماهير الشعب العربي الفلسطيني في جميع أماكن تجمعاته. وتشرف على أعمال “جمعية رعاية أسر مجاهدي وشهداء الثورة الفلسطينية” بالتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الاجتماعية الذي تتمثل فيه مختلف المنظمات والمؤسسات التي تهتم بالشؤون الاجتماعية في الساحة الفلسطينية. وقد أكدت الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني هذه الناحية فقررت “تخصيص الاعتمادات المالية لتغطية جميع الالتزامات المالية المترتبة على هذه الجمعية لتمكينها من الاستمرار في أداء تجمعاتها المتزايدة تحقيقا لأغراضها الانسانية المعقودة في مجالي:
“أ- رعاية جميع أسر الشهداء والأسرى والمعتقلين المتضررين والمفقدوين والجرحى.
“ب– مشروع المدينة التعليمية لأبناء شهداء ومجاهدي فلسطين، وتكاليف استكمال وتجهيز المرحلة الأولى منها حسب الامكانيات المتاحة للمنظمة”.
كما قررت دعم المشاريع التي تعنى بالشؤون الاجتماعية للمرأة الفلسطينية، والاعتناء بالتجمعات الفلسطينية المحتاجة التي تعيش في بعض الدول العربية في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.
وبالإضافة إلى هذه المهام تقوم دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل بتمثيل المنظمة في المؤتمرات العربية والدولية التي تعنى بالشؤون الاجتماعية.
11) دائرة الشؤون الإدارية: تعنى بشؤون الامور الادارية المتعلقة بالمنظمة والعاملين فيها.
ولا بد من بيان أن هذه الدوائر ليست نهائية عدداً ومهام. فقد يجد أثناء مسيرة العمل الفلسطيني ما يستدعي إيجاد دوائر جديدة تناط بها مسؤوليات مستجدة في منظمة التحرير الفلسطينية.
المراجع:
- الميثاق القومي الفلسطيني (1964).
- الميثاق الوطني الفلسطيني (1967).
- النظام الأساسي بمنظمة التحرير الفلسطينية ( 1964 و1968).
- راشد حميد (اعداد): مقررات المجلس الوطني الفلسطيني 1964 – 1974، بيروت 1975.
- مؤسسة الدراسات الفلسطينية: الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية، بيروت (لعدة سنوات).
- مركز الأبحاث: اليوميات الفلسطينية، بيروت، (لعدة سنوات).
- اللائحة الداخلية للمجلس المركزي الفلسطيني.