شمس الدين. عالم متصوف جمع بين العلم والعمل والوعظ والتجارة، وأصله من أسرة “صب لبن” من مدينة الخليل.
اشتغل في شبابه ببيع الزيت والسيرج في بلده. ولقيه مرة أحد الصالحين وطلب منه أن يملأ له كوزاً معه سيرجا فملأه له فدعا له بالخير ونصحه أن يسافر إلى مصر لطلب العلم. واستجاب لنصحه ودرس في الأزهر،على كبر، العلوم الدينية كالتفسير والحديث والفقه والقراءات. وطوف في بلاد الشام وأخذ في مدينة حماة الطريقة القادرية عن شيخها. ثم عاد إلى القدس سنة 1104هـ/1692م وسكن في المدرسة البلدية في جدار المسجد الأقصى* وأخذ يدرس ويعظ ويصدر الفتاوى على المذهب الشافعي.
وأجازه الشيخ عبد الغني النابلسي* ولقبه “بعلامة البلاد المقدسية وفخر العلماء الصالحين وعمدة الفقهاء الكاملين”. وحج سنة 1111هـ/1699م ثم عاد إلى القدس “قائماً بكمال العبودية صائما غالب أيامه خفية لا علانية، محباً للفقراء، مكرماً للضيفان،مكثراً للبر والصدقات”.
عرفت الدولة العثمانية مكانته فأرسلت إليه “الفرامانات” السلطانية بخلع الرتب الدينية. ونظم الشعر الديني بلغة بسيطة تفهمها العامة، وجمع فتاواه الكبرى في مجلدين والصغرى في مجلد واحد. ووقف سنة 1139هـ/1726م على طلاب العلم، مكتبة كبيرة احتوت على نحو 7.000 كتاب في التفسير والحديث والفقه والأصول والتوحيد والتصوف والقراءات والفرائض والحساب والفلك والنحو والمعاني والبيان والمنطق واللغة والأدب والتاريخ، وحبس عليها جزءا من ماله وجعل مآلها إلى الزاوية المحمدية القائمة في صحن الصخرة. وهي أقدم مكتبة عامة في القدس ما يزال بعض كتبها محفوظاً. وحين رأى اقبال الغرباء على شراء الدور والأراضي وقف جميع ما يملك وقفاً ذرياً ودعا قومه إلى الحفاظ على الأرض المقدسة.
توفي في الخليل سنة 1147هـ/1734م ودفن بمدرسة البلدية في القدس. ومن مصنفاته: “فخر الأبرار في بعض ما في اسم محمد من الأسرار”.
المراجع:
- حسن بن عبد اللطيف الحسيني: أعيان القدس في القرن الثاني عشر الهجري (مخطوط).
- محمد خليل المرادي: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، القاهرة 1301هـ.
- وقفية الشيخ محمد الخليلي، حققها اسحق موسى الحسيني وأمين سعيد أبو ليل سنة 1979.
- محمد عبد الحي الكتاني: فهرس الفهارس، فاس 1346-1347هـ.