هي القضية التي اكتسبت اسمها من بنحاس لافون وزير الدفاع الإسرائيلي بين عامي 1953 و1954. ولافون في الأصل نقابي صهيوني احتل مواقع قيادية في الهستدروت* منذ أواخر العشرينات وكان أحد مؤسسي حركة الرواد المعروفة باسم “غودونيا” (نسبة إلى غوردون). ثم أصبح سكرتيرا لحزب ماباي* عند قيام (إسرائيل)، وانتخب في العام الثاني سكرتيراً عاماً للهستدروت. وشغل ضمن كتلة ماباي البرلمانية مقعداً في الكنيست* الإسرائيلي منذ قيامها عام 1949 وحتى عام 1961. ومن العام 1950 إلى 1952 كان لافون وزيراً للزراعة في حكومة بن غوريون، ثم أصبح وزيراً للدولة بلا حقيبة فوزيراً للدفاع في عامي 1953 و1954.
بدأت وقائع قضية لافون في منتصف شهر تموز 1954 عندما أصدر العقيد بنيامين جبيلي مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أوامره إلى بعض عملاء الاستخبارات الإسرائيلية في مصر، ومعظمهم من اليهود المصريين بتنفيذ أعمال تخريب ضد المنشآت الأمريكية والبريطانية في القاهرة والاسكندرية لنسف العلاقات الأمريكية – المصرية وإعاقة تنقيذ الايطالية التي كانت الحكومتان المصرية والبريطانية على وشك توقيعها وتنص على جلاء القوات البريطانية عن قناة السويس. ولهز ثقة الغرب بالحكومة المصرية التي سنبدو في صورة العدو عن ضبط الأمن في مصر.
نجحت مجموعة العملاء في تنفيذ أعمال التخريب التي توكلت إليها. إلا أن أجهزة الأمن المصرية تمكنت من إلقاء القبض على هؤلاء العملاء قبل استكمال مخطط التخريب ونجح رئيسهم في الهرب من مصر. ونفذ حكم الاعدام في اثنين وحبس الباقون مدداً طويلة. وقد أفرج الرئيس المصري أنور السادات عن آخر هؤلاء العملاء غداة زيارته القدس المحتلة في تشرين الثاني 1977.
وفي الجانب الصهيوني كانت المفاجأة كاملة لرئيس الوزراء موسى شاريت آنذاك.وللمعارضة ومعظم الوزراء لأنهم كانوا يجهلون الموضوع وسارع شاريت إلى عقد اتفاق مع زعيم المعارضة مناحيم بيغن لمنع استغلال هذه العملية في الخصومة السياسية والحيلولة دون إثارتها في الصحف والكنيست. ومن جهة ثانية شكل مجلس الوزراء الإسرائيلي* لجنة تحقيق لمعرفة المصدر الحقيقي للأوامر الصادرة بتنفيذ أعمال التخريب هذه. وضمت اللجنة خمسة من كبار وزراء حزب ماباي الحاكم.
على أن اللجنة لم تصل إلى مصدر تلك الأوامر وتاه الأمر بين وزير الدفاع ومدير الاستخبارات العسكرية وهيئتة أركان الجيش. وانتهى باقصاء جييلي عن منصبه. وقد شجع ذلك لافون على طلب تعزيز سلطات وزير الدفاع وتشكيل مجلس قومي للدفاع. إلا أن طلبه رفض فقدم استقالته. على أن هذه القضية ظلت مرتبطة بلافون دون غيره باعتباره المسؤول الأول عن شؤون الدفاع وبقية الأوامر العسكرية الإسرائيلية حين وقعت الحادثة.
وبعد شهور قليلة جرى انتخاب لافون أمينا عاماً للهستدروت.
وفي عام 1960 طالب لافون باعلان تركته من القضية التي حملت اسمه.ولا سيما بعد ظهور حكومات جديدة فيها تثبت أن بعض خصوم لافون تقدموا بشهادات كاذبة ووثائق مزورة.
وتشكلت لجنة وزارية سباعية حملت اسم “لجنة السبعة” لإحياء التحقيق من جديد، في الوقت الذي نجح فيه بن غوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك والرجل القوي في الماباي في إقصاء لافون عن منصبه في الهستدروت عقاباً له على مطالبته بإحياء التحقيق في قضية يؤدي اكتشاف المتورطين الحقيقيين فيها إلى افتضاح أمر بن غوريون، على الرغم من وجوده خارج الحكم منذ وقوع “قضية لافون”.
وبجرد خروج لافون من الهستدروت نظم مع أنصاره حزب “مين هايسود”. ثم أعلنت لجنة السبعة براءة لافون من القضية، الأمر الذي حدا ببن غوريون إلى طلب إجراء تحقيق قضائي فيها بعد أن شعر بالهزيمة أمام لافون. وعندما رفض طلب بن غوريون تقدم باستقالته في عام 1963. وكانت قضية لافون أحد محاور الصراع بين جناحين في الماباي يتولى زعامة أولهما بن غوريون نفسه ويتولى ليفي أشكول الذي حل محل بن غوريون في رئاسة الوزراء زعامة الجناح الثاني. وتطور الصراع بين الجناحين إلى أن وصل إلى حد خروج بن غوريون وأتباعه من الماباي عام 1965 وتشكيلهم حزب رافي*. وكان أشكول قد أعلن في عام 1964 براءة لافون من هذه القضية.
المراجع:
- عبد الوهاب المسيري: موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية، القاهرة 1975.
- أنيس صايغ: رجال السياسة الإسرائيليون، بيروت 1970.