نقم الصهيونيون على أهالي قلقيلية* قبل فترة طويلة لأنهم رفضوا رغم الاغراءات بيع أي شبر من أراضيهم اليهم وتصدوا لكل الأعمال العدوانية التي قام بها صهيونيو المستعمرات للاستيلاء على أراضيهم وأراضي القرى المجاورة. وقد شعر سكان قلقيلية بالخطر التوسعي الصهيوني منذ صدور قرار التقسيم (رَ: تقسيم فلسطين) فأخذوا يستعدون للدفاع عن قريتهم وجمعوا مبالغ كبيرة من المال اشتروا بها السلاح والذخيرة. وأصبح في القرية قرابة 1.200 مناضل مسلح تعاونوا فيما بينهم على حراسة أراضيهم ورد العدوان عنها وأسهموا في الدفاع عن القرى المجاورة وخاضوا معارك كثيرة كان النصر فيها حليفهم. ومن أهمها معركة قلنسوة وعين ورد وبيار عدس والطيرة وكفار سابا. وشنوا في بعض الحالات هجمات معاكسة على المستعمرات الصهيونية التي كان ينطلق العدوان منها مثل “رامات هكوفيش” و”كلما نباه”.
لم تنقطع الاشتباكات بين عرب قلقيلية والقرى القريبة وصهيوني المستعمرات المجاورة بعد التوقيع على اتفاقية الهدنة الدائمة بين الأردن وإسرائيل* بل ازدادت ضراوة لأن الجيش الإسرائيلي أخذ يشارك فيها. ولم يكتم الإسرائيليون غضبهم من فشلهم في كسر شوكة سكان القرية، حتى ان موشي دايان قال في اجتماع على الحدود اثر اشتباك في حزيران عام 1953: “سأحرث قلقيلية حرثاً”.
في الساعة التاسعة من مساء 10/10/1956 تسللت إلى مفرزة الجيش الإسرائيلي تقدر بكتيبة مشاه وكتيبة مدرعات تساندهما كتيبتا مدفعية ميدان ونحو عشر طائرات مقاتلة فقطعت الأاسلاك الهاتفية ولغمت بعض الطرق في الوقت الذي تحشدت فيه قوة كبيرة في المستعمرات القريبة تحركت في الساعة العاشرة من مساء اليوم نفسه وهاجمت القرية من ثلاثة اتجاها مع تركيز الجهد الرئيس بقرى كتيبة المدرعات على مركز الشرطة فيها. ولكن الحرس الوطني تصدوا بالتعاون مع سكان القرية لهذا الهجوم وصدوا بقوة، مما أدى إلى احباطه وتراجع المدرعات. وبعد ساعة عاود المعتدون الهجوم بكتيبة المشاة تحت حماية المدرعات بعد أن مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية، وفشل هذا الهجوم أيضاً وتراجع العدو بعد أن تكبد بعض الخسائر.
شعر سكان القرية أن هدف العدوان هو مركز الشرطة فزادوا قوتهم فيه وحشدوا عدداً كبيراً من المناضلين هناك. ولكنهم تكبدوا خسائر كبيرة عندما عاودت المدفعية للقصف. واشتركت الطائرات في قصف القرية ومركز الشرطة بالقنابل. وفي الوقت نفسه هاجم العدو الإسرائيلي مرة ثالثة بقوة كبيرة وتمكن من احتلال مركز الشرطة ثم تابع تقدمه عبر شوارع القرية مطلقاً النار على المنازل وعلى كل من يصادفه. وقد استشهد قرابة سبعين مناضلاً من سكان القرية والقرى المجاورة الذين هبوا لنجدتها ومنيت بخصائر مادية كبيرة.
وكانت وحدة من الجيش الأردني متمركزة في منطقة قرية من قلقيلية فتحركت للمساعدة في التصدي للعدوتن ولكنها اصطدمت بالألغام التي زرعها المهاجمون مسبقا فدمرت لها مصفحة وسيارتان كبيرتان واشتبكت مع وحدات العدو المكلفة قطع الطرق إلى القرية. وقد قصفت المدفعية الأردنية العدو وكبدته بعض الخسائر. ثم انسحب العدو بعد أنعاث بالقرية فساداً وتدميراً.
المراجع:
- عارف العارف: النكبة، بيروت 1956.
- علي محمد علي وابراهيم الحمصاني: إسرائيل قاعدة عدوانية، القاهرة 1964.القمح: رَ: الزراعة
قمران (خربة -): رَ: البحر الميت (مخطوطات -)