جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية ومستشفاها الكبير مؤسساتها الأخرى تشكل قلعة وطنية عربية صامدة أمام الهجمة الصهيونية الاستيطانية المتصاعدة لتهويد القدس، انبثقت اثر نكبة 1948، وما أدت اليه من معاناة المواطنين في كافة المجالات ومن هجمة المؤسسات الأجنبية المتعدة تحت غطاء المساعدات الانسانية بسبب قلة عدد المؤسسات العربية الوطنية.
بادرت إلى تأسيس هذه الجمعية عام 1955 مجموعة من أبناء القدس وضمت عدداً كبيراً من العاملين في الحقل الاجتماعي وكان من أبرزهم: زليخة الشهابي*، وهند الحسيني*، والمحامي أحمد أبو ليلى، ود. أمين الخطيب، و”الصيدلي أحمد سعيد كامله، والمهندس أحمد الحسيني، ود. صبحي غوشة، وابراهيم الشهابي، ورضا القدومي، والصيدلي موسى عوض، وجواد جودة، وحسام العمد، ود. حسن الدجاني، وعادل نسيبة، ويوسف معتوق. وحدد النظام الداخلي للجمعية غاياتها وهي:
- انشاء للمستوطنات والمستشفيات لمعالجة المرضى الفقراء.
- انشاء المعاهد والمدارس المهنية والعلمية لتربية النشىء الجديد وتنشئتهم تنشئة صالحة.
- مساعدة الفقراء على توفير مرافق الحياة.
وقد تجاوب المواطنون مع هذه الجمعية وأهدافها وشاركوا في عضويتها وأسهموا في نشاطاتها وبلغ عدد أعضائها العاملين عام 1966 أكثر من 1700، وزياد عددهم بعد 1967، ليبلغ أكثر من خمسة آلاف، وقد بدأت نشاطاتها برأسمال قدره 1,796 دولاراً أمريكياً، وأخذت ميزانيتها تتنامى تدريجياً بفضل هيئاتها الادارية المتعاقبة حيث قدرت موجوداتها من أراض ومنشآت ومساكن وتجهيزات بمبلغ سبعة وسبعين مليون دولار أمريكي عام 1998.
هذا وقد تعاقب على رئاسة الهيئة الادارية د. سليم معتوق، د. صبحي غوشة، والشيخ عبد الله غوشة*، والشيخ سعد الدين العلمي* وأنور الخطيب*، وأمين عبد السلام، ود. موسى أبو غوش ، والشيخ عبد الحميد السائح*، وداود أبو غزالة، ود. حيدر عبد الشافي، ومنذ 1997 الدكتور عرفات الهدمي.
باشرت الجمعية نشاطاتها بانشاء المستوصفات التي تقدم خدماتها برسوم رمزية (100 فلس)، وكان يعمل بها عدد من الأطباء والصيادلة المتبرعين، وتم إقامة ستة مستوصفات حسب الترتيب التالي: المستوصف الاسلامي بالتعاون مع الأوقاف الاسلامية في مقر المحكمة الشرعية القديم في البلدة القديمة، ومستوصف الرام، والمستوصف الاسلامي في مقر عمارة الاخوان المسلمين بباب الساهرة، ومستوصف العيسوية، ومستوصف صور باهر، ومستوصف أبو ديس.
واشترت الجمعية عام 1957 أرضا في الرام مساحتها سبعة دونمات لإقامة مستوصف عليها، وأقامت فوقها فيما بعد ابنية استشارية. أما بعد 1967 فقد أضيف إليها مستوصف العيزرية. وقدمت هذه المستوصفات خدماتها لعشرات الآلاف من المواطنين، ولكن بعد انتفاضة 1987* أغلق ثلاثة منها بسبب ثقل المسؤوليات المالية والعمر المالي بعد حرب الخليج. وقد رسم اثنان منها لتحويلها إلى مركزين طبيين يضمان مختبرات طبية وأجهزة أشعة وغيرها.
وفي مجال إنشاء المعاهد والمدارس حققت الجمعية انجازاً هاماً في تعليم الكبار اناثاً وذكوراً فأقامت عام 1961 مدارس ليلية لمحو الأمية وتوقف نشاط هذه المدارس بعد الاحتلال الصهيوني عام 1967.
وأسست الجمعية بعد حرب 1967 في القدس خمس مدارس ما بين ابتدائية واعدادية وثانوية للبنين والبنات بعد ضم الكيان الصهيوني مدارس القدس الرسمية إلى اجهزتها، وبقيت تابعة لها حتى عام 1980 حيث ربطت بدائرة الأوقاف الاسلامية.
ومن أهم منجزات الجمعية مستشفى المقاصد والعيادات الخارجية والمستوصفات وكلية التمريض.
كان انشاء مستشفى المقاصد هدفا رئيسيا من أهداف الجمعية لملء الفراغ الموجود في القدس التي كانت تفقد إلى مستشفى عربي بجانب المستشفيات الأجنبية – ولذلك بات بجمع التبرعات واعداد الدراسات وقامت بوضع الحجر الأساسي عام 1964 وكانت موازية الجمعية لا تتجاوز 40 ألف دينار أردني ولكن بفضل موازرة المواطنين والتبرعات الخارجية من الكويت وغيرها تم انشاء المستشفى على أرض واقعية في جبل الطور تطل على المسجد الأقصى المبارك.
أنجز البناء في عام 1967 وقبل تجهيزه احتل العدو الصهيوني القدس فقلم د. نبيه معمر وعدد من الأطباء بتشغيله بمعدات بسيطة حتى لا يحتله العدو كما احتل المستشفى الحكومي في القدس.
تطورت الخدمات الطبية في المستشفى تطوراً ملحوظاً فقد كانت سعته عند افتتاحه في 1/1/1968 لا تتعدى سنين سريرا ثم أصبح مركزاً علاجياً وعلمياً متقدماً يؤمن جميع الخدمات الطبية الحديثة، واستطاع أن يواجه الظروف القاسية وعلاج آلاف الجرحى والمرضى في سنوات الانتفاضة الصعبة بطاقة وصلت في كثير من الأحيان إلى 300 مريض يوميا، فمنذ اندلاع الانتفاضة في نهاية 1987 قام مستشفى المقاصد بدور مركزي في علاج الحالات المعقدة الناشئة عن اصابات الانتفاضة، وقد عولج مجانا ودون مقابل كل هؤلاء الأبطال خلال السنوات الست الأولى ما يزيد عن ثلاثة عشر ألف مصاب وجريح مسجلة أسماؤهم، وأسماء جميع من عالجهم المستشفى في السجلات الرسمية للمؤسسة. وما يزال المستشفى يقوم بدوره في معالجة المصابين وفي الانتفاضات المتتالية التي يقوم بها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني وبخاصة انتفاضة الأقصى* عام 2000.
المراجع:
- عرفات الهدامي: لمحات عن جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية القدس –فلسطين، أيار 1998.
- يوسف حميدي البكري: اتحاد الجمعيات الخيرية في محافظة القدس لعام 1985، اصدار دائرة الأبحاث والدراسات.
- النظام الأساسي لجمعية المقاصد الخيرية.
- مجلة القدس الشريف (العدد الثلاثون، صفر 1408هـ، أيلول/سبتمبر 1987م).
- نشرة اتحاد الجمعيات النسائية التطوعية عام 1991.