تأسست هذه الجمعية في نيويورك أواخر سنة 1918. وقد أنشئت بنتيجة الظروف التي نجمت عن انتهاء الحرب العالمية الأولى، واقتراب موعد افتتاح مؤتمر السلم لوضع التسوية النهائية لعالم ما بعد الحرب، وما رافق ذلك من ازدياد المطالب الصهيونية والتنازلات البريطانية للصهيونيين في فلسطين. وفي الوقت الذي كانت الزعامات الصهيونية تستعد لمؤتمر السلم، ولفرض قبول دولي بوعد بلفور*، لم يكن العرب فلسطين وفد يمثلهم. وكان الصوت الفلسطيني الوحيد الذي انطلق يعبر عن الرأي العربي الفلسطيني على أبواب مؤتمر السلم هو صوت الجاليات الفلسطينية في المهجر الأمريكي. وكانت تملك، أكثر من غيرها، القدرة على الحركة واسماع صوتها في الأوساط الدولية ولا سيما الأمريكية.
بعثت الجمعية رسالة إلى بلفور وزير خارجية بريطانيا في 26/11/1918، باسم سوريني فلسطين، تطلب السماح لهم بالإدلاء برأيهم أمام الدول حول أمر يعني الحياة أو الموت لوجدوهم القومي. وقد عرضت الرسالة حججها بأسلوب هادىء، وحاولت تحريك الحس بالعدالة عند البريطانيين، فهذا الحس لا يمكن أن يرضى “بالموافقة على خطة تمكن فئة غريبة من نزع أرضنا من أيدينا، ثم تسودنا في النهاية وتفرض علينا نظام حكمهم الغريب”. وتفند العريضة الدعوى الصهيونية قائلة: “لماذا ندوس بأقدامنا كل ما يمليه الضمير والعدل، ويشهد به الدين والتاريخ؟ إن سورية كلها لنا، ولنا وحدنا. واقتراح فلسطين وطناً قومياً لليهود ليس حلاً للمشكلة اليهودية، بل سيدفع العالم من جديد إلى مشكلة إعادة الحل”. ويطلب أصحاب الرسالة من بلفور أن يكون لهم صوت في تقرير مصيرهم، وأن يسمع هذا الصوت في مؤتمرهم السلم المقبل، ويقولون: “إننا لا نرغب في فصل فلسطين، سياسياً واقتصادياً، عن بقية سورية، ونطالب بأن يمنح الجميع فرصاً متساوية”.
لكن هذه الرسالة لم تنل موافقة الخارجية البريطانية، ولم يكن لها أي تأثير في القرارات التي كانت تعد آنذاك.
وقد ألف أحد أعضاء الجمعية، وهو حنا صلاح، في عام 1919 كتاباً عنوانه “فلسطين وتجديد حياتها” نشره في نيويورك، ولخص فيه أفكار الجمعية واقتراحاتها لمقاومة الصهيونية. وقد ضم الكتاب عرضاً للأوضاع السائدة في فلسطين، ومحاولة لرسم صورة المستقبل باستخدام جميع أساليب التحديث. ويقول المؤلف مستشرقاً المستقبل بما يحمل من خطر التهديد الصهيوني للوحدة العربية، كاشفاً ارتباط المطامع الصهيونية بالاستراتيجية البريطانية: “فان حسب سياسيو إنكلترا أن إمكانية اتحاد الأمم الناطقة بالضاد، الساكنة بشرقي القناة، سيهدد سلامتها، فإنهم برأي كاتب هذه السطور يؤسسون ولاية يهودية لتفصل بين العالم العربي وتحمي القناة”.
المراجع:
– حنا صلاح: فلسطين وتجديد حياتها، نيويورك 1919.
– Public Record Office: F.O.371/ 3420/ 206456/ 205022F.