هي التحالف الذي قام في قطاع غزة بين الحزب الشيوعي الفلسطيني ومنظمة حزب البعث العربي الاشتراكي وفرع جبهة تحرير فلسطين (ج.ت.ف) فضلاً عن بعض الشخصيات الوطنية الديمقراطية في القطاع.
قامت هذه الجبهة لمواجهة القوات الإسرائيلية التي احتلت قطاع غزة اثر حرب 1967*. وتشكلت سراً في أول آب 1967، وظلت تمارس نشاطها حتى أواخر عام 1971. وقد أصدرت، منذ تشكيلها، صحيفة “المقاومة”، السرية الأسبوعية.
وفي أيلول 1967 أصدرت الجبهة ميثاقها، وفيه دعت إلى وحدة صفوف أبناء قطاع غزة، وحشد الطاقات، وتنظيمها، وتصعيد المقاومة، من أجل إحباط مشاريع الاحتلال الإسرائيلي، وأغراض هذا الاحتلال. وأشار الميثاق إلى أن الجبهة ستناضل “بالأساليب التي تراها مناسبة” من أجل:
1) سحب قوات الاحتلال الإسرائيلي.
2) عودة الإدارة المصرية إلى قطاع غزة.
3) إسقاط مشاريع التصفية والتشريد.
4) مقاطعة سلطات الاحتلال الإسرائيلي في كافة المجالات وإحباط مؤامراتها الرامية إلى تهويد الحياة في قطاع غزة.
وتدرجت الجبهة بالنضال الجماهيري، مبتدئة بأشكال المقاومة السياسية النشطة من المنشور، والصحيفة السرية، والوفد، والعريضة، والمظاهرة، والاضراب السياسي إلى المقاطعة والعصيان، وصولاً إلى الكفاح المسلح. كل ذلك بما يتفق ونمو القوى الوطنية في القطاع، مما جعل الحركة الوطنية في قطاع غزة، تأخذ، تحت الاحتلال الإسرائيلي، مسارها الصحيح “من السياسة إلى المقاومة”.
وفي 2/11/1967 نجح الاضراب السياسي العام الذي دعت هذه الجبهة إلى إعلانه في قطاع غزة ضد وعد بلفور* في ذكراه الخمسين، وتنديداً بذكرى احتلال القوات الإسرائيلية لقطاع غزة لأول مرة (1956 – 1957). وفي كانون الأول 1967 شكلت الجبهة تنظيمها المسلح.
وقد دعت الجبهة سكان القطاع إلى التقشف والكف عن استخدام الكماليات لمواجهة الضائقة الاقتصادية وتحقيق الصمود الاقتصادي والسياسي. كما دعت إلى مقاطعة مناهج التعليم غير العربية، والتصدي للحرب النفسية الإسرائيلية، والبقاء على أرض الوطن، والصمود في مواجهة إرهاب المحتل الإسرائيلي.
وعممت الجبهة شعارات: “الوطن أو الموت”، “البقاء على أرض الوطن تحت كل الظروف”، “الهجرة خيانة وطنية”، “لن نتحول إلى لاجئين من جديد”. ودأبت على نشر أخبار الصعوبات المادية والنفسية التي يلقاها النازحون من قطاع غزة.
وفي مجال الدعاية الخارجية أجرت الجبهة اتصالات مع عدد من الصحفيين الأجانب في صحف “الغارديان” البريطانية و”أونيتا” الايطالية، “لومانيته” الفرنسية، وأمدتهم بالمعلومات حول عسف قوات الاحتلال الإسرائيلي وأساليبها الإرهابية. كما أصدرت اللجنة الوطنية للمعلمين التابعة للجبهة، بالاشتراك مع اتحاد المعلمين السري في الضفة الغربية، بياناً في آذار 1968، فضحت فيه الأساليب الإسرائيلية في تشويه الثقافة والتعليم وفي إرهاب معلمي وطلبة قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين. وأرسلت من هذا البيان نسخاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو* وجامعة الدول العربية وهيئات دولية أخرى.
كما وجهت الجبهة في صيف 1967 نداء “إلى كافة المناضلين من أجل كرامة الإنسان وشرفه، وإلى أنصار السلم والحرية والديمقراطية في العالم”، ناشدتهم فيه التدخل لايقاف الإرهاب الإسرائيلي.
وفي المجال التنظيمي اعتمدت الجبهة صيغة اللجان الوطنية، وكانت كل لجنة لا تضم أكثر من خمسة أعضاء لا يشترط فيهم سوى الاستعداد لمكافحة الاحتلال الإسرائيلي.
وتعرضت الجبهة لضربات متلاحقة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي جاءت على التوالي في كانون الثاني 1968، وحزيران 1968، وشباط 1969، وتشرين الأول 1970. ويعد الضربة الأخيرة – التي قضت على من تبقى من قادة الجبهة – ترنحت الجبهة، وتقطع نشاطها، واعتراه الضعف إلى أن توقف مع نهاية عام 1971. وفشلت محاولات إحياء الجبهة من جديد.
المراجع:
– عبد القادر ياسين: تجربة الجبهة الوطنية في قطاع غزة، بيروت 1980.