يشمل الحرم القدسي الشريف جميع المساحة التي تحتضنها الأسوار الحجرية التاريخية من جهاته الأربع، بطول حوالي 500م، ومعدل عرض 282م، أي بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 141 دونماً. وتضم هذه المساحة مبنى المسجد الأقصى* المبارك ومبنى قبة الصخرة* المشرفة ومعالم إسلامية عديدة كالمآذن والقباب والمدارس والأزقة والمصاطب والمحاريب وآبار الماء وسبله. ويسمى هذا الموقع بمجمله بالمسجد الأقصى المبارك، فالتسمية تطلق على الموقع وليس على البناء. والموقع هو المقدس وليس البناء المتغير على مدى الزمن. وعندما أسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى لم يكن في الموقع أي بناء سوى الأسوار الحجرية والأبواب المفتوحة فيها.
بدأت المؤامرة الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف (المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة) منذ الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس* في حرب 1967* واتخذت هذه المؤامرة مظاهر وأساليب متعددة تهدف كلها إلى تخريب هذا الأثر الإسلامي المقدس وإزالته تمهيداً لإقامة “هيكل سليمان” المزعوم على أنقاضه.
ولعل أبرز المحاولات التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية لتحقيق هذا الهدف هي:
أ) الحفريات حول المسجد الأقصى: كانت الحفريات الاسرائيلية حول المسجد الأقصى وتحته من الناحيتين الغربية والجنوبية أخطر الأساليب التي اتبعت حتى الآن لتخريب المسجد الأقصى وتصديع جدرانه، وهي تبدو في ظاهرها محاولة للبحث عن بقايا الهيكل المزعوم، إلا أنها تهدف في حقيقتها إلى:
1) هدم جميع المباني الإسلامية وإزالتها من معاهد ومساجد وزاويا وأسواق ومساكن ومقابر قائمة فوق منطقة الحفريات وملاصقة أو مجاورة لحائط البراق (حائط المبكى) على طول امتداد أسوار الحرم القدسي من الناحيتين الغربية والجنوبية.
2) الاستيلاء على الحرم الشريف وتخريبه وإنشاء الهيكل في الموقع الذي يقوم عليه حالياً المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وتحقيقاً لهذين الأمرين بدأت السلطات الإسرائيلية عمليات الحفر في أواخر عام 1967، أي بعد بضعة أسابيع من احتلالها الجزء المتبقي من مدينة القدس. وقال روحي الخطيب* أمين القدس أن الحفريات الإسرائيلية في مدينة القدس مرت حتى أواخر 1981 يتسع مراحل يمكن إيجازها على النحو التالي:
(1) المرحلة الأولى: بدىء بها في أواخر 1967 وتمت سنة 1968 وجرت على امتداد 70م من أسفل الحائط الجنوبي للحرم القدسي خلف من جنوبي المسجد الأقصى وأبنية جامع النساء والمتحف الإسلامي والمئذنة الفخرية الملاصقة له.
(2) المرحلة الثانية: تمت سنة 1969 وجرت على امتداد 80م أخرى من سور الحرم القدسي من حيث انتهت المرحلة الأولى، وهي تتجه إلى أحد أبواب الحرم الشريف المسمى “باب المغاربة” مارة تحت مجموعة من الأبنية الإسلامية الدينية التابعة للزاوية الفخرية (مركز الامام الشافعي) عددها 14 بناء صدعتها جميعها وتسببت في إزالتها بالجرافات وإجلاء سكانها في 14/6/1969.
(3) المرحلة الثالثة: بوشر بحفريات هذا النفق في سنة 1970 على امتداد 180م وتوقفت سنة 1974، ثم استؤنفت ثانية سنة 1975 واستمرت حتى أواخر عام 1988 رغم قرارات اليونسكو التي أدانت إسرائيل. وامتد النفق من أسفل المحكمة الشرعية (من أقدم الأبنية التاريخية في القدس) ماراً أسفل خمسة أبواب من أبواب الحرم القدسي الشريف هي: باب السلسلة، وباب المطهرة، وباب القطانين، وباب الحديد، وباب علاء الدين البصير، وتحت مجموعة من الأبنية الدينية والتاريخية منها أربعة مساجد ومئذنة قايتباي الأثرية وسوق القطانين ومساكن يقطنها حوالي (3000) عربي مقدسي. وقد وصلت حفريات النفق إلى عمق (11 – 14 م) تحت منسوب الأرض وتسببت في تصدع الجامع العثماني، ورباط كرد والمدرسة الجوهرية، والمدرسة المنجكية، والزاوية الوقائية، وسكن عائلة الشهابي. ويمر النفق بآثار أموية حولت السلطات الإسرائيلية جزءاً منها إلى كنيس للصلاة عند الجزء السفلي من المحكمة الشرعية. وفي شهر آذار/ مارس سنة 1987 أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها اكتشفت القناة التي كان قد اكتشفها الجنرال الألماني كونراد تشيك في القرن التاسع عشر بطول حوالي 80م، وأوصلتها بنهاية النفق الشمالية. أما نهاية القناة فتصطدم بالبرك الصخرية الرومانية الموجودة في دير راهبات صهيون على طريق الآلام. وبتاريخ 7/7/1988 باشرت السلطات الإسرائيلية في فتح باب رأسي للدخول منه إلى القناة بهدف تهوية النفق، ولكن جهاز دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أقفله بعد أن تصدى المواطنون للعمال الإسرائيليين، ونجحت السلطات الإسرائيلية بتاريخ 24/9/1996 في فتح باب من جهة المدرسة العمرية على طريق المجاهدين ليلاً، بعد محاصرة المنطقة ومنع العرب من التجول فيها إلى أن اكتمل العمل، واستعملت المعدات الميكانيكية السريعة لإنجاز العمل في أسرع وقت. وتم ذلك بدعم مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو. ولم تجد قرارات اليونسكو الداعية لإيقاف حفريات هذا النفق أذننا صاغية لدى السلطات الإسرائيلية. وقال المستشار الخاص لمدير عام اليونسكو (المسيو لومير) في تقريره الذي قدمه في عام 1966 أن الإسرائيليين قد استخدموا مواد كيماوية خاصة لتفتيت الصخر في داخل النفق، وهذه المواد تشكل خطورة على أساسات الأبنية الإسلامية إذا وصلتها عن طريق المياه الجوفية.
4) المرحلة الرابعة: بوشر بهذه الحفرية سنة 1973 واستمرت حتى سنة 1974 وامتدت إلى مسافة 80 م إلى الشرق. وفي تموز/ يوليو سنة 1974 اخترقت الحائط الجنوبي للحرم القدسي الشريف ودخلت أسفل المسجد الأقصى بطول 20م وأسفل مسجد عمر (الجناح الجنوبي الشرقي لمبنى المسجد الأقصى) وتحت الأبواب المنفرد والثنائي والثلاثي الكائنة في الجدار الجنوبي بعمق 13م. وهذه الحفرية تعرض الجدار الجنوبي ومبنى المسجد الأقصى لخطر الانهيار بسبب قدم البناء وفرق المنسوب الكبير بين الداخل والخارج بسبب تفريغ التراب الملاصق للحائط الجنوبي من الخارج.
5) المرحلة الخامسة: بتاريخ 21/8/1981 (ذكرى إحراق المسجد الأقصى) أعادت السلطات الإسرائيلية فتح النفق الذي اكتشفه الكولونيل وارين سنة 1867 والذي يمتد من موقع على السور الغربي قرب باب المطهرة وباتجاه سبيل قايتباي بطول حوالي 25م وبعمق حوالي ستة أمتار. وسمع أحد الحراس المسلمين ليلاً صوت الحفر فاستدعى المسؤولين في دائرة الأوقاف الإسلامية، ثم تجمع المواطنون ومنعوا استمرار الحفريات، ثم أقفل النفق بالخرسانة المسلحة من قبل جهاز دائرة الأوقاف بتاريخ 3/9/1981. وهذا النفق أثر إسلامي وجزء من شبكة أقنية مائية. ونتج عن هذه الحفريات تصدع في الأروقة الغربية بين باب السلسلة وباب القطانين.
6) المرحلة السادسة: بدىء بها في أوائل سنة 1975 في منتصف الحائط الشرقي لسور المدينة ولسور الحرم الشريف ما بين باب السيدة مريم والباب الذهبي. وتهدد أعمال الحفر فيها بإزالة وطمس القبور الإسلامية التي تضمها أقدم مقبرة إسلامية في المدينة، وفيها رفات الكثير من رجال الدين والعلم والحكم الإسلامي في مقدمتهم الصحابيان عبادة بن الصامت*، وشداد بن أوس الأنصاري.
7) المرحلة السابعة: وهي مشروع تعميق ساحة البراق الشريف التي يسميها اليهود المبكى، وهي الملاصقة للحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك وللحرم القدسي الشريف. ويقضي هذا المشروع بضم أقسام أخرى من الأراضي الغربية المجاورة للساحة وهدم ما عليها، وحفرها بعمق تسعة أمتار. وكانت هذه الساحة حتى 7/9/1967 تضم حوالي 200 عقار عربي إسلامي تشكل القسم الأكبر من الحي الغربي، وقد هدمت ما بين 1967 و1977، وتشرد جميع أهلها، وعددهم 800 مواطن. ويعرض المشروع الجديد الأبنية الملاصقة والمجاورة لخطر التصدع والانهيار ثم الهدم. وتضم هذه الأبنية: عمارة المحكمة الشرعية القديمة المعروفة بالمدرسة التنكزية*، وعمارة المكتبة الخالدية، وزاوية ومسجد أبو مدين الغوث وكلاهما من الأوقاف الإسلامية. بالإضافة إلى 35 عقاراً يسكنها ما لا يقل عن 250 مواطناً عربياً. وفي عام 1982 أصدرت السلطات الإسرائيلية على إجراء حفريات فيها بحجة وجود بركة إسرائيل في هذا الموقع. وانتهت الحفريات في عام 1986 ولم يكتشف أي أثر فلسطيني. وفي عام 1988 قامت البلدية الإسرائيلية في القدس بإنشاء مدرج ومقاعد حجرية على كامل المساحة وبناء جدار حجري يفصل الساحة عن طريق المجاهدين بهدف واضح وهو الاستيلاء على هذه الأرض ومنع الأوقاف الإسلامية من استعمالها.
8) المرحلة الثامنة: وتتناول منطقة تقع خلف الجدران الجنوبية للمسجد الأقصى، وهي تكملة للمرحلتين الرابعة والخامسة، وتهدف إلى الكشف عما يسمى بمدافن “ملوك إسرائيل”. وقد نشب خلاف حولها بين جماعة ناطوري كارتا التي تطالب بوقف الحفر وفريق الحفر التابع لوزارة الأديان.
9) المرحلة التاسعة: وقد أعلن عنها في آب/ أغسطس 1981، وهي تخترق الحائط الغربي للحرم القدسي لتصل إلى نفق قديم تم اكتشافه منذ عام 1880، وهو يمتد من أسفل الحائط الغربي للحرم القدسي في الموقع المسمى بالمطهرة، ما بين بابي السلسلة والقطانين باتجاه الشرق مسافة 25م، بعمق ستة أمتار حتى يصل إلى سبيل قايتباي المواجه لقبة الصخرة المشرفة، وعلى بعد 30م إلى الجهة الغربية منها. وتبين من الضجة التي أثارتها أجهزة الإعلام الإسرائيلية حول هذا النفق أن هناك محاولة للإيهام بأن اكتشافه ينطوي على بعض الدلالات الأثرية التي تخدم أسطورة البحث عن الهيكل المزعوم، إلا أن هذه الدلالات لا تنطوي في الحقيقة على أية دلالات باعتراف علماء الآثار اليهود أنفسهم. فقد صرح مئير بن دوف أحد علماء الآثار الإسرائيليين بأن العثور على هذا النفق لا يعد اكتشافاً فالنفق كان معروفا منذ 110 سنوات عندما اكتشفه الكولونيل البريطاني تشارلز وارين وهو جزء من شبكة أقنية مائية أقيمت في عهد الصليبيين ولم تكن هذه الأقنية سرية. وفي شهر تموز/ يوليو من عام 1998 أعلن عالم الآثار الإسرائيلي جدعون أفني أن عمليات التنقيب الأخيرة في الجزء الشرقي من مدينة القدس أدت إلى اكتشاف شبكة مياه ترجع إلى العهد الكنعاني، وهذا مخالف لما يدعيه الإسرائيليون عن مدينة داود. فالملك داود لم ينشى مدينة جديدة بل وجد مدينة حية قائمة. وعلق عالم الآثار الإسرائيلي رواني رايخ قائلاً: أن السيد داود والسيد سليمان لم يظهرا في هذه الحقبة. أما عالم الآثار الإسرائيلي توفيا ساجيف فقد طلب منه صديقه شمعون بيرس أن يضع تقريراً يثبت فيه أن المعالم الدينية الإسلامية في القدس والخليل* قد بنيت على آثار يهودية. وبعد ستة أشهر من الدراسة قدم ساجيف تقريره الذي قال فيه: إنه خلال هذه المدة لم يستطع إيجاد بصيص نور لإثبات ما طلب منه وإن الواقع الآثري والتاريخي يثبت أن هذه المعالم الدينية (ويقصد المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي) هي منشآت إسلامية. وإنه لم يكتشف باستعمال الأشعة تحت الحمراء في الأساسات ما يغير هذه الحقيقة. ويفيد التقرير الذي أصدره مهندس أعمار المسجد الأقصى أن النفق أثر إسلامي خالص. وهو يمتد من أسفل الحائط الغربي للحرم القدسي في الموقع المسمى بالمطهرة ما بين بابي السلسلة والقطانين باتجاه الشرق مسافة 25 م وبعمق ستة أمتار حتى يصل إلى مقابل سبيل قايتباي المواجه لقبة الصخرة المشرفة، وعلى بعد 30 م منها إلى الجهة الغربية. وليس الادعاء باكتشاف النفق إلا محاولة لخلق الذرائع لمواصلة أعمال الحفر تحت المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهي بحد ذاتها امتداد لأعمال الحفر السابقة التي بدأت منذ عام 1976. وقد قامت الهيئة الإسلامية باغلاق فتحتي النفق بالقوة صباح يوم 3/9/1981 أثناء الاضراب العام الذي شمل الضفة الغربية كلها استجابة للنداء الذي وجهته الهيئة الإسلامية احتجاجاً على حفريات النفق. إلا أن ذلك لا يعني أن الجهات الإسرائيلية قد كفت عن مواصلة عمليات الحفر التي تهدف أولاً وأخيراً إلى نقويض الحرم القدسي الشريف وإقامة الهيكل على أنقاضه.
ب) إحراق المسجد الأقصى: وقد ارتكبت جريمته يوم 21/8/1969 (رَ: المسجد الأقصى، إحراقه).
ج) المحاولات المتكررة للصلاة في المسجد الأقصى: لقد أفتى حاخامو إسرائيل بإباحة دخول اليهود إلى الحرم القدسي الشريف وهم: مردخاي الياهو، وابراهام شبيرا، وشلوموغورين. وكانت التعليمات اليهودية السابقة تشدد بالخطر على اليهود الدخول إلى المسجد الأقصى. وسمح الحاحامون لأعضاء الكنيست الدخول إلى الأقصى لإثبات أن الأقصى واقع تحت السيطرة الإسرائيلية. ورفع الوفد البرلماني الإسرائيلي علم إسرائيل في ساحات الأقصى وهم يرددون النشيد الوطني الإسرائيلي.
وعلى أثر رفع قضية من قبل حركة أمناء جيل البيت في المحاكم الإسرائيلية صدر قرار بأن الحرم القدسي الشريف يقع ضمن سيطرة السلطات الإسرائيلية، وبعد ذلك أصبحت الشرطة الإسرائيلية تسمح للزوار الإسرائيليين بالدخول بشكل ثنائي حتى لا يصطدموا مع المسلمين.
وقد بدأت المحاولات الإسرائيلية لاقتحام المسجد الأقصى وساحاته الخارجية بحجة أداء الصلاة في وقت مبكر. فقبل ثلاثة أيام من حريق الأقصى المدبر قام نفر من الشباب الصهيوني بالتسلل إلى الحرم القدسي ثم الطواف حول قبة الصخرة وهم يرتلون المزامير والأدعية وبعض فقرات من التوراة. وفي 7/8/1973 قام عضو الكنيست* بنيامين هاليفي والحاخام لويس رابينوفيتش بالدخول إلى المسجد الأقصى وأداء الصلاة فيه. وفي مطلع أيار/ مايو 1975 قامت مجموعة من الشباب اليهود بالتسلل إلى المسجد الأقصى وأداء الصلاة فيه. وقد تصدى لهم المواطنون العرب وبعض أفراد الشرطة. وقد وصلت هذه القضية إلى المحاكم الإسرائيلية بسبب الشكوى التي تقدم بها هؤلاء الشبان ضد رجال الشرطة وأصدرت القاضية الإسرائيلية روت أور قراراً يتبرئه هؤلاء الشبان من جريمة انتهاك حرمة الأقصى، ووجهت نقداً شديداً لوزارتي الأديان والشرطة الإسرائيليتين لأنهما لم تقوما بإصدار تعليمات تبيح لليهود أداء الصلاة في المسجد الأقصى. توالت بعد هذا القرار عمليات انتهاك حرمة المسجد الأقصى ومحاولات الصلاة فيه. وفيما يلي أبرز هذه المحاولات التي قامت بها المجموعة الصهيونية المتطرفة التي تطلق على نفسها اسم “أمناء جيل البيت”:
1) اقتحمت هذه المجموعة ساحة الحرم القدسي يوم 3/1/1980 يرافقها الحاخام موشي شيفل وبعض قادة حركة هاتحيا المتطرفة وأدوا الصلاة وهم يرفعون العلم الإسرائيلي ويحملون كتب التوراة.
2) كررت هذه الجماعة عملية الاقتحام وأداء الصلاة دون أن يعترض لها رجال الشرطة يوم 23/4/1980.
3) بعث حاخام حائط المبكى ي.م. غانس مذكرة إلى وزير الأديان الإسرائيلي طالبه فيها بالسماح لليهود بدخول المسجد الأقصى وأداء الصلاة فيه. ويذكر أن وزارة الأديان الإسرائيلية أصبحت هي المسؤولة عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بموجب القرار الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية بضم القدس في 27/6/1967. وقد أصدرت الهيئة الإسلامية في القدس بياناً في 7/7/1981 نددت فيه بالمحاولات المتكررة التي قامت بها جماعة أمناء جبل البيت اليهودية المتطرفة لإقامة الصلوات في ساحة المسجد الأقصى، ونددت بالدعم والتأييد الذين تلقاهما هذه الجماعة من قبل شخصيات سياسية إسرائيلية مسؤولة. وحذرت الهيئة الإسلامية من مغبة تكرار هذه الاعتداءات وما يمكن أن تجره من أخطار ومضاعفات.
4) ومن أواخر هذه المحاولات ما حدث يوم 9/8/1981 الذي يسمى بذكرى الهيكل، حين حاولت مجموعة كبيرة من الشبان الصهيونيين أكثر من مرة، ومن عدة أبواب، التسلل إلى داخل الحرم القدسي لإقامة الصلاة فيه. فقد كسروا باب المغاربة، وحطموا قفل باب الحديد وصعدوا إلى بناية التنكزية، ولكن المسلمين تصدوا لهم وحالوا دون دخولهم. وتأتي هذه المحاولات المتكررة للصلاة في الحرم القدسي ضمن خطة مرسومة لفرض الأمر الواقع اليهودي في الحرم على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل. فمن المعروف أن الوجود اليهودي فيه بدأ بزيارات متفرقة لليهود، ثم بالصلاة في غير أوقات صلاة المسلمين، ثم بالصلاة في أوقات محددة، إلى أن انتهى الأمر بتقسيم الحرم الإبراهيمي وتحويل جزء كبير منه إلى كنيس (رَ: الخليل – تهويد).
د) محاولات نسف الأقصى وتفجيره: عثرت قوات الأمن الإسرائيلي بمحض الصدفة على مخزن كبير للمتفجرات يوم 11/5/1980 وضعه يهود من عصبة الدفاع اليهودي* التي يتزعمها الحاخام مئير كاهانا على سطح إحدى المدارس الدينية اليهودية في القدس المحتلة. وقد اعتقل الحاخام وعدد من أتباعه من بينهم جنديان بتهمة سرقة أسلحة من مستودعات الجيش الإسرائيلي والإعداد لنسف أماكن مقدسة إسلامية. وجاء اكتشاف مخزن المتفجرات قبل أيام معدودة من الموعد الذي حدده كاهانا لتفجير المسجد الأقصى. وقد اعترف كاهانا في محاضرة القاها في 24/12/1980 بأن عدم ازاة الحرم القدسي من قبل الجيش الإسرائيلي بعد احتلال عام 1967 كان خطيئة العمر. وبتاريخ 11/3/1983 تسلل 46 إسرائيلياً يحملون صناديق متفجرات تكتفي للنسف جميع الأبنية داخل الحرم القدسي الشريف فاكتشفهم حراس المسجد الأقصى التابعون لدائرة الأوقاف الإسلامية وابلغوا عنهم الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلتهم ثم افرجت عنهم فيما بعد. وفي نيسان/ إبريل من عام 1984 اكتشفت السلطات الإسرائيلية تنظيماً سرياً من رجال الجيش الإسرائيلي كان يخطط للنسف الحرم القدسي الشريف من الجو، واعتقلت رجاله، ثم أفرج عنهم بعد أيام.
الاعتداء المسلح على المصلين:
أ) في صباح 11/4/1982 اقتحم جندي إسرائيلي يدعى ألن جودمان باب الغوانمة، ووصل إلى مبنى قبة الصخرة المشرفة، وقتل حارس المبنى وأحد المصلين وجرح 44 شخصاً. وكان ذلك الجندي يحمل الجنسية الأمريكية، وحكم عليه بالسجن مدة سنة واحدة فقط.
ب) بتاريخ 8/10/1990 قامت فئة من اليهود المتعصبين باقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك، بحماية الشرطة والجيش الإسرائيلي. وعندما حاول المصلون والحراس المسلمون منعهم بادر أفراد الجيش الإسرائيلي باطلاق النار عليهم، وتبع ذلك إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع. وقد نتج عن هذه المجزرة استشهاد (22) مسلما وجرح حوالي(95) آخرين ولم يصب أي يهودي بأذى. ويؤكد الفيلم الذي صوره أحد الصحفيين الأجانب خفية أن المجزرة قد خططت لها السلطات الإسرائيلية مع الفئات المتعصبة بهدف إرهاب المسلمون والاستيلاء على الحرم القدسي الشريف.
الحراسات الإسرائيلية:
بعد تاريخ 11/4/1982 (على إثر إطلاق النار على مبنى قبة الصخرة المشرفة) تم تعيين حراسات إسرائيلية في داخل الحرم القدسي الشريف، وأصبح يقف على كل باب من أبواب الحرم القدسي الشريف المفتوحة حراس من المسلمين والإسرائيليين والفرق بينهما أن الحراس الإسرائيليين مسلحون بينما الحراس المسلمين عزال من السلاح.
اختراق الطائرات الإسرائيلية الحربية لحاجز الصوت:
تمارس السلطات الإسرائيلية عملاً ظاهره عسكري وأمني، وباطنه اعتداء صارخ على المقدسات الإسلامية، حيث تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية باختراق حاجز الصوت فوق مباني الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، من أجل خلخلة هذه المباني. وهذا ما قاله الخبير الهولندي للآثار البروفيسور هانس ثامنتا لمنظمة الأمم المتحدة. ومن النتائج العملية الظاهرة لهذا الاختراق خلخلة وانفصال البلاط القاشاني حول رقبة قبة الصخرة المشرفة. وبدأ جهاز الأعمار بترميمه في عام 1999.
منع حرية العبادة:
إن إحاطة القدس بالحزام الأمني يهدف إلى الضغط السياسي والاقتصادي على أهالي المدينة العرب، ومنع وصول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى من خارج القدس. ولذلك فإن أهالي الضفة الغربية ومن ليس لديه تصريح بزيارة القدس لا يتمكن من الصلاة في المسجد الأقصى إلا تسللاً. ورغم ذلك فإن السلطات الإسرائيلية تدعي أنها تسمح بحرية العبادة.
المزاعم حول تشابه الحجارة:
يروج الإسرائيليون أن حائط البراق جزء من الهيكل بحجة وجود الحجارة الكبيرة، علما بأن هذه الحجارة هي نموذج من البناء اليبوسي والروماني واكتشفت حجارة مثلية له في كل من المواقع التالية:
(أ) شارع ملكي صادق (ملك بيوس) الذي اكتشفته علماء الآثار عام 1998 في سلوان*.
(ب) قبر عائلة هيرودية قرب فندق الملك داود.
(ج) نفق تحت الباب المفرد المغلق.
(د) أرضية قبة الأرواح الموجودة شمالي قبة الصخرة المشرفية.
(هـ) داخل النفق الغربي على شكل عقود إسلامية.
(و) على مدخل رباط كرد خارج باب الحديد الواقع على السور الغربي.
وعليه لا يمكن منطقياً أن يغطي الهيكل جميع هذه المناطق المتباعدة كما أن هناك شكاً في كونه قد بني من الحجارة بموجب النصوص التوراتية الآتية:
1- في الإصحاح السابع عشر من سفر أخبار الأيام الأول يوجد النص التالي: “وكان لما سكن داود في بيته قال داود لناثان النبي. هنا أنذا ساكن في بيت من أرز وتابوت عهد الرب تحت شقق”.
2- في الاصحاح العشرين من سفر الخروج يوجد النص التالي: “وإن صنعت لي مذبحاً من حجارة فلا تبنه منها منحوتة. إذا رفعت عليها ازميلك تتلمسها”.
3- في الإصحاح الثالث من سفر أخبار الأيام يوجد النص التالي: “والبيت العظيم غشاه بخشب سرو غشاه بذهب خالص، وجعل عليه نخيلاً وسلاسل”. والسلاسل تبنى من حجر دبش غير مهذب.
إن ادعاء الإسرائيليين بالعثور على حجارة مشابهة لحجارة الهيكل هو محاولة للتشبث بالأباطيل بعد أن عجزت الحفريات الأثرية التي أجريت خلال الفترة (1967 – 2000) تحت الحرم القدسي الشريف وحوله عن الكشف عن أية آثار للهيكل المزعوم.
المراجع:
– أبحاث ميدانية للمهندس رائف نجم، عضو لجنة الأعمار.
– الأنس الجليل ج2.
– تقارير أمين القدس المرحوم روحي الخطيب.
– تقارير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
– تقارير مسيو لومير مستشار خاص مدير عام اليونسكو مختار إمبو، والمدير الذي جاء بعده السيد مايور والمقدمة إلى منظمة اليونيسكو.
– تقارير مهندس لجنة أعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة.
– مؤلفات كاثلين كنيون – مديرة مدرسة الآثار البريطانية.
– المكتب التنفيذي لشؤون الأرض المحتلة.
– ملفات وزارة شؤون الأرض المحتلة – عمان.
– منشورات علماء الآثار الإسرائيليين في صحف معاريف، ويديعوت أحرونوت.
الحروب الصليبية: رَ: الفرنجة.