لعل اسم هذه القرية العربية مأخوذ من الزيارة المستمرة. فالمكان يضم قبور بعض الأولوياء كمقام وفيثور لبعض الأولياء الامام علي والشيخ القطناني والشيخ بركة. ولموقع يازور الجغرافي في السهل الساحلي* الفلسطيني أهمية كبيرة في العصور التاريخية المختلفة، فهي تقع على مسافة 5 كم جنوبي شرق يافا* وتؤلف بوابتها الجنوبية الشرقية.
ويازور قرية قديمة قد تكون في الأصل “بيت الزور” المدينة الكنعانية التي ورد ذكرها في النقوش المصرية العائدة إلى عصر أخمس (1580-1557 ق.م.) الذي خربها وغيرها من المدن الفلسطينية انتقاما من الهكسوس* بعد طرده اياهم من بلاده. وقد عرفت هذه المدينة في العهد الأشوري باسم “أزورو Azuru”.
ورد ذكر يازور كثيرا في كتب مؤرخي العصور الوسطى ابان الهجمة الصليبية على ديار المشرق العربي. فقد ذكر أن الفرنجة* استولوا عليها في عام 492هـ/1099م فأقام فيها فرسان المعبد الداوية* فوق جامع البلدة قلعة سموها “قلعة السهول”. وفي عام 1102 م استردها منهم الفاطميون* بقيادة شرف الدين المعالي من بدر الدين الجمالي الوزير الفاطمي فكان فيها مقتلة عظيمة للافرنج ويبدو أن الافرنج عدو فاستولوا عليها ثم استعادها منهم صلاح الدين الأيوبي* بعد معركة حطين* عام 583هـ/1187م. ولكنه اضطر بعد معركة أرسوف إلى الانسحاب منها وتدمير قلعتها خوفا من وقوعها ثانية في يد الأفرنج. وقد تمكن رستشارد قلب الأسد من احتلالها مرة ثالثة فأعاد بناء قلعتها عام 587هـ/1191م.
ذكر ياقوت الحموي يازور في معجم البلدان فقال: “بليدة بسواحل الرملة من أعمال فلسطين بالشام ينسب اليها الوزير الفاطمي الحسن بن علي بن عبد الرحمن أبو محمد اليازوري وأحمد بن حمد بن بكر الرملي وأبو بكر الفاطمي اليازوري وغيرهم كثير”.
وفي يازور قلعة من العصور الوسطى وبقايا أبنية ومدافن. وفي عهد الانتداب البريطاني استفاد سكان يازور العرب من موقع قريتهم الاستراتيجي على خط سكة حديد يافا – القدس وطريق يافا- القدس فقطعوا هذه الطرق أكثر من مرة أمام مرور القوافل الصهيونية بين المدينتين وجعلوا قريتهم قاعدة انطلاق لهجماتهم على المستعمرات الصهيونية المجاورة.
تقوم يازور على أرض منبسطة ترتفع نحو 25م عن سطح البحر وتبلغ مساحتها 87 دونما. وكانت القلعة التي شيدها ريتشارد قلب الأسد تقوم في قلب القرية فأقيم على أنقاضها جامع القرية. وأما مساكنها فقد انتشرت حول وسطها الذي اشتمل بالأضافة إلى الجامع على سوق ومقهى. وفي يازور مدرستان للذكور والاناث أقيمتا على رقعة واسعة من الأرض.
تتكون يازور من أربع حمائل (عشائر) هي حمائل البطانجة والحوامدة والمصاروة والعميريين. ونعيش كل حمولة في حارة مستقلة بيوتها من الحجارة أو الطين أو القش. وتتلاصق هذه البيوت في مجموعات لكل مجموعة بوابة ذات نمط قوسي. وفي السنوات الأخيرة من عهد الانتداب نما عمران القرية على طول طريق يافا – القدس. ونما عدد سكانها من 1,284 نسمة عام 1922 إلى 2,337 نسمة عام 1931. وغدوا عام 1945 4,030 نسمة عمل معظمهم في الزراعة* وتربية الأبقار.
كانت مساحة الأراضي التابعة للقرية 11,807 دونمات غرس منها 30 دونما أشجار زيتون و6,700 دونم أشجار حمضيات. وتعتمد الزراعة على مياه الأمطار والآبار* التي بلغ مجموعها في عام 1947 نحو 140 بئرا. وأهم المحاصيل الزراعية، عدا الحمضيات والزيتون، الحبوب والخضر والبطيخ، وفيها ثروة حيوانية من الأبقار والدواجن. وقد كانت الأبقار الهولندية تنتج كميات كبيرة من الحليب نقيض عن حاجة سكان يازور فيعيعونها في أسواق يافا وتدر دخلا كبيرا عليهم.
طرد اليهود سكان يازور من ديارهم عام 1948 ودمروا القرية وأقاموا على أنقاضها بلدة “آزور” الصهيونية التي تكاد الآن تلتحم بمدينة حولون* ضمن منطقة صناعية مرتبطة بتل أبيب*.
المراجع:
- مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، ج4، ق2، بيروت 1972.
- ياقوت الحموي: معجم البلدان – مصر 1906.
- أنيس صايغ: بلدانية فلسطين المحتلة (1948-1967)، بيروت 1968.
- الوقائع الفلسطينية: العدد1375، الملحق رقم 2، 1944.