الحافظ أبو الفتح المقدسي النابلسي، محدث علامة زاهد. كان شيخ الشافعية في عصره بالشام. وقد ولد في نابلس* وفيها نشأ ودرس. ثم انتقل إلى القدس* مدة طويلة للدرس. وكان يرحل خلال ذلك على ما يظهر إلى شيوخ الحديث الآخرين في جنوب الشام وشماله. فقد صحب سليم بن أيوب الرازي في صور أربع سنوات وعلق عنه تعاليق في ثرثمائة جزء (30 مجلدا) وقصد غزة* فدرس على أبي جعفر البستاني. ودرس في دمشق على ابن الطبير وأبي الحسن السمسار. كما درس في آمد. وكانت هذه مدن التعاليم السنية. وحين عاد إلى القدس كان قد برز في الحديث كما برز في الفتيا على المذهب الشافعي*، حتى لقد اعتبر شيخ الشافعية في الشام. وكان جنوب الشام في ذلك العصر للخلافة الفاطمية (رَ: الفاطميون)، ولكنه كان منكوبا بالجماعات البدوية التي كانت تقطن البادرية بزعامة بني الجراح (من طيىء)، وتسيطر من مركزها الأساسي في الرملة* على الأعمال وتفسد الأمن ونهب الزراعات.
انتقل ابو الفتح إلى دمشق سنة 480هـ وعمره يزيد عن السبعين. وفي دمشق قضى عشر سنوات تفقه عليه خلالها جماعة من العلماء، وعظم شأنه مع العبادة والزهد والعلم والعمل. وحين قدم الامام الغزالي إلى دمشق سنة 478 هـ /1094م اجتمع به واستفاد منه. ولما توفي أبو الفتح ألحقت به بعض الكرامات.
المراجع:
- ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق، دمشق 1951-1954.
- الذهبي: العير في أخبار البشر، الكويت 1961- 1963.
- ابن الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب – القاهرة 1931.
- السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، القاهرة 1964- 1965.