نقابي تقدمي فلسطيني تربى وتلقى تعليمه بالأرجنتين في أمريكا اللاتينية، وعرف بميوله لماركسية.
عاد في أوائل الثلاثينات إلى وطنه واستقر في يافا* فهاله ما رأى من المخططات الصهيونية الاستيطانية. وبخاصة تطبيق الشعارات الصهيونية المعروفة باسم العمل العبري، واحتكار العمل، وتهويد العمل (رَ: الهجرة الصهيونية إلى فلسطين). ويتلخص مخطط هذه الشعارات كما أعلن عنه بن غوريون سنة 1933 حين كان رئيس الهستدروت* بوجوب قصر العمل في المناطق والمؤسسات اليهودية على العمال اليهود، واستعمال القوة لمنع صاحب العمل اليهودي من تشغيل أي عامل عربي في أعمال الصناعية أو الزراعية الخاصة أو العامة، أو الاعمال التي تنفذها حكومة الانتداب في الأراضي والمناطق التي احتلها الصهيونيون. وقد وضعت الهيئات الصهيونية هذا المخطط موضع التنفيذ منذ أيلول 1934.
تصدى ميشيل متري لهذا المخطط. واذ كانت يافا مسرح لمجابهة الرئيس بين العمال العرب واليهود فقد أسس فيها سنة 1935 جمعية العمال العرب (رَ: العمال والحركة العمالية) لاحباط المخطط الصهيوني. وقد بادرت الجمعية إلى تكوين الحاميات العربية للتصدي بالقوة لفرق العمل اليهودية التي تحمي العمال اليهود وتحارب العمال العرب، وللحيلولة دون تشغيل العمال اليهود وتحارب العمال العرب، وللحيلولة دون تشغيل العمال اليهود في المشاريع التي تنفذها أو تديرها سلطات الانتداب في المناطق العربية، وفي أعمال المشروعات والمؤسسات العربية. ونجحت الحاميات العربية في ذلك فمنعت العمال اليهود الذين أوفدتهم شركة سوليل بونيه لبناء ثلاث مدارس عربية في يافا منها المدرسة العامرية في حي النزهة ومدرسة الزهراء في حي العجمي. وقد قاد عملية المنع هذه ميشيل متري نفسه، وسقط فيها من الطرفين العربي والصهيوني عدد من المصلين. وحين تدخل رجال الشرطة البريطانيون قتل منهم اثنان، وألغت سلطات الانتداب العقد مع الشركة الصهيونية وكلفت مقاولين وعمالاً عرباً بناء المدارس.
شارك ميشيل متري أيضاً في النشاطات الوطنية الفلسطينية غير النقابية، ومنها الاجتماع الشعبي الكبير في نابلس يوم 2/11/1935. فقد ألقى فيه كلمة أكد فيها أن “خصوصاً الخارجين هم الحكومة البريطانية والصهيونيون وعصبة الأمم*، وأن خصوصاً الداخلين هم السماسرة وباعة الأراضي والمتاجرون بالوطنية والذين يخونون المبادىء القومية”. كما حضر الاجتماع الشعبي الكبير الذي تم في القدس يوم 9/12/1935 بمناسبة ذكرى احتلالها. وألقى فيه كلمة تحدث فيها عن آمال العرب وآلامهم.
واشترك في اجتماع 26/1/1936 في القدس أيضاً تضامنا مع كفاح سورية ضد الفرنسيين.
وحين بدأ الاضراب الكبير في فلسطين (رَ: ثورة 1936-1939) ألقت سلطات الانتداب البريطاني القبض على ميشيل متري في حزيران 1936 وزجته في معتقل عوجاء الحفير* الصحراوي فانتخبه المعتقلون عضوا في الهيئة العامة للمعتقل. وفي تموز نقل إلى معتقل صرفند.
أفرج عن ميشيل متري في 29/10/1936، ولكن القدر لم يمهله. ففي 31/12/1936 امتدت يد آثمة اليه وقتلته غيلة وهو في أوج شبابه وعطائه، فاهتزت الأوساط الفلسطينية والوطنية لهذه الجريمة النكراء التي لم يكتشف التحقيق مفترفها. وقد قيل في ميشيل متري: “انه من أخلص شبابنا وأكثرهم اندفاعا وحيوية ورغبة في العمل مع صفاء طوية وخلوص نية. وقد كان في مقدمة من اعتقلوا في صرفند، وفضله في تنظيم العمال ودورهم في الحركة الوطنية مذكور غير منكور. وهو كريم شهم همام، يقضي في زهرة شبابه، ورونق يناعته”.
المراجع:
- أكرم زعيتر: الحركة الوطنية الفلسطينية (1935-1939)، بيروت 1980. بيان نويهض الحوت: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين (1917 – 1948)، بيروت 1981.
- عجاج نويهض: رجال من فلسطين، بيروت 1981.
- حسني صالح الخفش: حول تاريخ الحركة العمالية العربية الفلسطينية، بيروت 1973.
الميعاد (أرض -): رَ: التوسعية الصهيونية