أبو عمر المقدسي الحنبلي. واحد من كبار العلماء الحنابلة والزهاد. ولد بقرية جماعيل، كما جاء في المصادر القديمة، وجماعين كما يلفظها أهل اليوم، قرب نابلس*.
ويسمى أبو عمر في المصادر أحياناً بقاضي الجبل. وقد ظهر أثر ميزاته في الزهد والعلم والعبادة والخلق في مدرسته العمرية وفي سمعتها العلمية، فاذإ هي تجتذب إليها طلاب العلم، لا من مدينة دمشق فحسب، بل من كل مكان فيه حنبلي، حتى أصبحت بجهود أبي عمر، ثم بجهود أولاده وأولاد اخوته من بعده، أكبر مركز علمي حنبلي في العالم الإسلامي خلال القرنين السابع والثامن الهجريين (الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين). وقد توسعت المدرسة العمرية وجدد بناؤها عدة مرات، ونقلت فيها عشرات الدروس والحلقات والأسباع في مختلف ساعات النهار، وأدخل عليها بالتدريج تدريس المذاهب الإسلامية الأخرى: الشافعية ثم الحنفية ثم المالكية، كما عرفت أجيالاً كثيرة من كبار العلماء كانوا يدرسون فيها أو يدرسون. ووهبت لها خزائن الكتب. واتسعت أوقافها وخيرانها، فكان يفوق فيها من الجرايات على الفقراء ألف رغيف من الخبز يومياً. ويطبخ اللحم في رمضان كل افطار وفي الأعياد، وتوزع الحلوى في أيام معلومة. وكان لها وقف على قمصان الطلبة وملابسهم، وعلى غسيل الفقراء، وعلى تسخين الماء وتوزيع الغذاء والكعك والصابون والحلوى وأواني الطبخ والشرب على بيوتها. هذا عدا النفقات المخصصة للمدرسين والجرايات عليهم.
توفي أبو عمر واضع الأساس الأول لهذا المركز الفكري الكبير عن ثمانين سنة، ودفن في قاسيون بجنازة قدر المشيعون فيها بعشرين ألفاً.
المراجع:
- ابن طولون: القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، دمشق 1949-1956.
- النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس، ج2، دمشق 1367-1370هـ.
- الذهبي: العبر في أخبار البشر، الكويت 1960.
- ابن شداد: الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة، دمشق 1956.
- ابن كثير: البداية والنهاية، بيروت 1966.
- ابن قاضي شهبة: الذيل على تاريخ الاسلام، مخطوط.
- محمد بن كنان: الحلل السندسية الفيحية في تاريخ الصالحية.
- ابن عبد الهادي: ثمار المقاصد في ذكر المساجد. بيروت 1943.