مدينة عربية من قضاء طولكرم تقع على مسافة 16 كم إلى جنوب الجنوب الغربي من مدينة طولكرم* وتتميز بموقع جغرافي هام لنشأتها في السهل الساحلي* لفلسطين فوق طرفه الشرقي القريب من أقدام مرتفعات نابلس*. فهي نقطة انقطاع طبيعية بين السهل غربا والجبل شرقاً، ونقطة في سلسلة مواقع الأماكن الممتدة على طول السهل الساحلي. وكانت قديماً محطة مرور للقوافل التجارية والغزوات الحربية. وهي الآن محطة لسكة حديد رفح – حيفا وعقدة مواصلات هامة لطرق كثيرة تربطها بمدن فلسطينية مثل طولكرم وحيفا* وعكا* شمالاً، ويافا* واللد* والرملة* والمجدل* وغزة* في الجنوب الغربي، نابلس* والقدس* والخليل* شرقاً. وتبعد عن القدس مسافة 75كم، وعن البحر المتوسط مسافة 14 كم.
ترتفع قلقيلية نحو 60م عن سطح البحر. وقد نشأت على أرض سهلية هي جزء من أرض السحل الساحلي لفلسطين. وتحاذيها من الشرق أقدام المرتفعات الجبلية، ومن الشمال والجنوب بعض الأودية الجافة التي تفيض بالمياه في فصل الشتاء أحياناً.
وظل موضعها يحدم الأغراض الزراعية والتجارية منذ القديم حتى اليوم. وقلقيلية مدينة كنعانية الأصل وهي إحدى الجلجالات الكثيرة التي ورد ذكرها في العهد القديم (والجلجال لفظ أطلق على الحجارة المستديرة التي يكثر وجودها في فلسطين وخصوصاً في مناطقها الشرقية. ثم أطلق على كل شيء مستدير وعلى كل منطقة أو مدينة مدورة).
ومن المحتمل أن تكون قلقيلية هي الجلجال المذكور في قائمة الملوك العموريين* والكنعانيين وغيرهم. ويقال ان موضعها القديم يبعد نحو خمسة كيلومترات إلى الشمال من رأس العين*. وهي اليوم إحدى القرى القريبة من مدينة قلقيلية. وقد يكون موضعها القديم عند قرية حيلة الواقعة على نهاية الهضبة التي تنحدر منها الطريق من نابلس إلى يافا. ويحتمل أن يكون اسم قلقيلية قد بقي من اسم قلعة كانت تعرف باسم “قلقاليا” ذكرها يوسيفوس كما ذكرت في التلمود باسم جلجيليا، وهي واحدة من الجلجالات الكنعانية التي أقيمت بفلسطين.
عرفت قلقيلية في العهد الروماني باسم “كاليكيليا”. وكانت آنذاك قرية صغيرة. وفي عهد المماليك كانت القرية من أعمال جلجوليا، ثم أصبحت ناحية من نواحي قضاء طولكرم في العهد العثماني، وعرفت باسم ناحية الحرم (نسبة إلى حرم سيدنا علي). وفي العقد الثاني من هذا القرن كانت تضم داراً للحكومة ومكتبا (مدرسة ابتدائية) وبلدية وسوقاً تجارية. وقد اشتهرت القرية آنذاك بزراعة الذرة البيضاء وأشجار الحمضيات* وكانت تصدر ما يزيد عن حاجتها إلى يافا.
ينسب إلى قلقيلية كثير من رجال العلم والأدب منهم الشيخ محمد بن أحمد بن ابراهيم بن مفلح شمس الدين القلقيلي*. والشيخ عبد الله العلقيلي
وقد نمت قلقيلية خلال فترة الانتداب البريطاني من الناحيتين السكانية والعمرانية فزاد عدد سكانها من 2.803 نسمات عام 1922 إلى 5.850 نسمة عام 1945. ويعزى نموها السكاني إلى عاملي الزيادة الطبيعية للسكان المستقرين فيها والزيادة البشرية الناجمة عن هجرة بعض العائلات الريفية من القرى المجاورة. وقد امتدت رقعة المدينة في اتجاهات الشرق والشمال والجنوب وكانت مبانيها السكنية المصنوعة من الطين والحجر متراصة في بادىء الأمر ثم ما لبثت أن تباعدت بفعل التنظيم الهيكلي الذي كان المجلس المحلي يشرف على وضعه وتنفيذه. ودلت أرقام موازنة مجلس قلقيلية على أن مجموع نفقاته زاد من 1.736 ج.ف. عام 1940 إلى 4.625 ج.ف. عام 1944.
بلغت مساحة الأراضي التابعة لقلقيلية أواخر الانتداب 27.915 دونماً منها 976 دونماً للطرق والأودية والسكك الحديدة* و787 دونماً تسربت إلى الصهيونيين. وقد شغلت الحمضيات نحو 3.628 دونماً من هذه المساحة، وشغلت الحبوب والخضر والأشجار المثمرة الأخرى ومساحة كبيرة من الأرض الزراعية. وتتميز أراضي قلقيلية الزراعية بارتفاع مستوى انتاجها لخصب تربتها وتوافر ميله الآبار* ونشاط المزارعين. ولكن سكان قلقيلية فقدوا معظم أراضيهم الزراعية، ولا سيما الراضي السهلية الخصبة في الجهة الغربية. نتيجة تطبيق اتفاقية رودس عام 1949، ومرور خط الهدنة غربي قلقيلية مباشرة (رَ: الهدنة الدائمة بين الأردن وإسرائيل). ولم يبق بحوزة قلقيلية التي غدت تمثل أقصى امتداد عمراني للأرض العربية غير المحتلة نحو الغرب سوى سبعة دونمات من أراضي السهل الساحلي مزروعة برتقالاً وليموناً 2.000 دونم من الأراضي المتموجة فوق أقدام المرتفعات، و3.000 دونم من الأراضي الجبلية الجرداء. وقد أقامت (إسرائيل) على أراضي قلقيلية المحتلة مستعمرات كثيرة منها مستعمرات “نيرالياها، وايال، ونيفي يمين”.
كان على قلقيلية أن تواجه واقعها المؤلم الجديد وانكماش أراضيها الزراعية وزيادة عدد سكانها منذ أوائل الخمسينات إذ بلغ عدد السكان الأصليين فيها حسب تعداد 1961 نحو 9.000 نسمة، والسكان اللاجئين إليها نحو 3.000 نسمة. فاضطر سكانها إلى التشمير عن سواعد الجد وبدأوا يستصلحون الأرض الجبلية ويعدونها للزراعة وحفروا الكثير من الآبار للتعويض عن مئات الآبار المفقودة.
أخذ عدد سكان قلقيلية يتزايد تدريجياً نتيجة الهجرة إليها من القرى القريبة واتسعت مسافة الرقعة العمرانية وتحسن نوع مبانيها فأصبحت مساكنها العصرية تتألف من الحجر الأبيض والاسمنت. وبلغ مجموع الأبنية فيها عام 1961 نحو 2.121 بناء. وفي عام 1967 ضمت قلقيلية 8 مدارس ومعهداً شرعياً ومسجدين ومركزاً طبياً عدا المحلات التجارية الحديثة والمقاهي والأفران. وتتوافر فيها المرافق العامة الأخرى كشبكة المياه التي تصل إلى معظم بيوتها والكهرباء والمسلخ الحديث. وتشرف بلدية قلقيلية على إدارة شؤون البلدة التي أصبحت منذ عام 1965 مركزاً لقضاء يحمل اسمها.
يقدر عدد سكان قلقيلية عام 1980 بنحو 20.00 نسمة. ويعمل معظمهم في الزراعة*، وهي الوظيفة الرئيسة للمدينة. وتتركز زراعة الحبوب* البعلية واللوزيات والخضر* في المنطقة الشرقية في حين تتركز زراعة الحمضيات والخضر المروية في المناطق الغربية والشمالية والجنوبية. ويهتم السكان أيضاً بتربية الثروة الحيوانية التي تقوم عليها صناعة منتجات الألبان. ومن أهم المنتجات الصناعية لقلقيلية صناعة المواد الغذائية* كمنتجات الألبان والحلاوة والطحينة وزيت الزيتون وصناعة الصابون* والزجاج*.
المراجع:
- مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، ج3، ق2، بيروت 1971.
- الأب مرمرجي الدومنيكي: بلدانية فلسطين العربية، بيروت 1948.
- ياقوت الحموي: معجم البلدان، بيروت 1957.
- العهد القديم: سفر يشوع.
- محمد المحبي: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، القاهرة 1284هـ.
- الوقائع الفلسطينية: العدد 602، 11/6/1936، والعدد 1589 لعام 1947.
- Smith, G.A.: The Historical Geography of the Holy Land, London