أسفرت معركة أيلول 1970 بين المقاومة الفلسطينية والسلطات الأردنية عن توقيع اتفاقية القاهرة التي وضعت أسس توقف القتال وسبل التفاهم بين الطرفين. وتلا ذلك توقيع اتفاقية أخرى عرفت باسم اتفاقية عمان كانت أشبه باتفاقية تنفيذ للاتفاقية الأولى. فقد حددت أماكن وجود القوات الفدائية وأساليب عملها. ولكن بعد أن وقعت معركة أحراش جرش في تموز 1971، وانتهى بنتيجتها وجود المقاومة الفلسطينية في الأردن، ألغت الحكومة الأردنية من جهتها، واقعياً، اتفاقيتي القاهرة وعمان.
وبسبب هذا الوضع قامت وساطة مصرية – سعودية كان هدفها إعادة التفاهم بين منظمة التحرير الفلسطينية* والحكومة الأردنية لضمان عودة العمل الفدائي إلى الأردن من جديد. وأسفرت هذه الوساطة عن عقد مؤتمر باسم “مؤتمر جدة” أو “وساطة جدة”.
وقد عقد هذا المؤتمر على مرحلتين: بدأت المرحلة الأولى في 15/9/1971 وانتهت في 24/9 بالفشل. وبدأت المرحلة الثانية في 8/11/1971 وانتهت بعد فترة تأجيل في 26/11/1971 وانتهت بدورها إلى الفشل. ثم أعقبها في 28/11/1971 اغتيال وصفي التل، رئيس وزراء الأردن آنذاك، في القاهرة على يد ثلاثة شبان فلسطينيين ينتمون إلى منظمة (أيلول الأسود). فانتهت بذلك محاولة إعادة الحوار بين منظمة التحرير والحكومة الأردنية.
كان رئيس الوفد الأردني في المفاوضات رياض المفلح، ورئيس الوفد الفلسطيني خالد الحسن، أما الوسيطان العربيان فكانا حسن صبري الخولي (مصر) وعمر السقاف (السعودية).
وقد فشل اللقاء الأول للمؤتمر بسبب إصرار الوفد الأردني على إلغاء اتفاقية عمان وضرورة وضع اتفاقية جديدة تحل محل اتفاقيتي القاهرة وعمان، وهنا الاتفاقيتان اللتان أصر الوفد الفلسطيني على التمسك بهما حرفيا.
وفي المرحلة الثانية من المؤتمر وافق الوفد الفلسطيني، بتفويض من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على البحث في تعديل اتفاقية عمان بما لا يمس جوهرها، على ألا يعني هذا التعديل وضع اتفاقية جديدة. وقد تم ذلك بالفعل، ولكن الوفد الأردني أصر على تعديل بند يتعلق بحق منظمة التحرير في أن تكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني أينما وجد فلسطينيون. وهو ما رفض الوفد الفلسطيني القبول به، رغم أنه قدم للوفد الأردني تنازلات أخرى طالب هذا بها. وعند هذه النقطة فشلت المفاوضات.
المراجع:
– شؤون فلسطينية: العددان 5 و6، تشرين الثاني وكانون الأول 1972، بيروت.