يقع في الجهة الشرقية الشمالية من القدس*، بناه إسماعيل موسى الحسيني سنة 1897 في شارع أبي عبيدة بمنطقة باب الساهرة للسكن وقد استخدم مضافة لزوار القدس وخاصة من الشخصيات السياسية، ففي سنة 1906 أقيم فيه حفل استقبال كبير للإمبراطور الألماني ولهم (غليوم الثاني) في أثناء زيارته للقدس. وفي أوائل الثلاثينات تلقى فيه كل من الملك فيصل والملك عبد الله العزاء بوفاة والدهما الشريف حسين الذي دفن في رحاب المسجد الأقصى. وظل البيت مكاناً لتجمع آل الحسيني ووجهاء القدس وضيوفها حتى حلول النكبة 1948، حيث استأجرته وكالة غوث اللاجئين لفترة، ثم أصبح مقراً لفندق الشرق الجديد والذي أغلق بعد حرب 1967، وأصبح مسكناً لأسرة إبراهيم بن إسماعيل الحسيني.
وفي عام 1980 استأجر فيصل الحسيني* جناحاً من البيت ليكون مقراً لجمعية الدراسات العربية التي تأسست في القدس، والتي بدأ فيها نشاطه في خدمة القدس وسكانها العرب والحفاظ على هويتها العربية وإنشاء ودعم المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية في القدس، وركز جهداً كبيراً على ترميم البيوت والمساجد في البلدة القديمة. وقد تأسست هذه الجمعية لتكون مؤسسة فكرية وعلمية، لإعداد الأبحاث التربوية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والسياسية والثقافية من خلال مراكز متخصصة، وللقيام بأدوار تمس بشكل مباشر أو غير مباشر القضايا المحلية والعربية والدولية. ويشرف على الجمعية مجلس أمناء يضع السياسة العامة لها يتكون من (25) عضواً برئاسة فيصل الحسيني (قبل وفاته) يمثلون القطاعات والفعاليات المختلفة في مدينة القدس. وتتولى هيئة إدارية الإشراف على الجهاز التنفيذي وتتكون من ثمانية أعضاء: الرئيس فيصل الحسيني، ونائب الرئيس أحمد بكر، وأمين سر حسن السلوادي، وأمين الصندوق لميس لمعي، والمدير العام للجمعية إسحاق البديري، والأعضاء باسل الحسيني، وسمية فرحات، وعلي الجرباوي. وقامت الجمعية منذ تأسيسها بإنشاء مراكز متخصصة هي: مركز التوثيق والمعلومات، مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الإنسان، المركز الجغرافي الفلسطيني، مركز أبحاث الأراضي، مركز استطلاع الرأي العام، مركز الأبحاث والنشر والطباعة، مركز التخطيط، مركز الدراسات والمعلومات السياحية، دائرة الشباب والرياضة.
قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بإغلاق بيت الشرق في 28/7/1988 متعلقة بذرائع أمنية إلا أنها سمحت بإعادة فتحه في تموز/ يوليو 1992 فاستأجر فيصل الحسيني البيت بكامله بعد أن أصبح مسؤول ملف القدس في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية*. وفي 26 تشرين أول/ أكتوبر 1992 فتح بيت الشرق أبوابه للترحيب بالضيوف الأجانب الذي يزورون القدس. وفي العام نفسه استخدم مقراً لوفود مفاوضات السلام الفلسطينية، للاجتماع بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة، جيمس جونا لمناقشة موضوع المبعدين الفلسطينيين إلى مرج الزهور بلبنان والبالغ عددهم 415.
وأصبح مكتب فيصل الحسيني في بيت الشرق رمزاً فلسطينياً تؤمه قناصل الدول وسفراؤها وزوار القدس الرسميين من كل أنحاء العالم والوفود الشعبية والرسمية والإعلامية الدولية، وفيه أعدت التحضيرات لمؤتمر مدريد* فأصبح بيت الشرق المقر شبه الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
لم يشعر الإسرائيليون بالارتياح من الأنشطة التي كان يقوم بها بيت الشرق ورأوا فيه خطراً يهدد مخططهم الرامي إلى تهويد القدس بكاملها والتي يصرون على اعتبارها عاصمتهم الأبدية فقرروا إغلاقه. ففي 26/4/1999 قامت حكومة بنيامين نتنياهو بإغلاق ثلاثة مكاتب تعمل من خلال بيت الشرق في القدس الشرقية، وقد حدثت اعتراضات كثيرة من الدول العربية ومن عدة دول في العالم على هذا الإجراء، فأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية حكما بوقف قرار الإغلاق إلا أن حكومة ارئيل شارون أمرت الشرطة الإسرائيلية باحتلال بيت الشرق وإغلاقه في 10/8/2001، وصادرت ما فيه من وثائق ومستندات وأبحاث ودراسات واعتقلت سبعة من حراسه وأنزلت العلم الفلسطيني ووضعت الإسرائيلي مكانه. فاعتبرت القيادة الفلسطينية أن العملية الإسرائيلية قد سددت ضربة قاضية إلى جميع اتفاقيات السلام. وقد تم اضراب عام في الضفة والقطاع احتجاجاً على احتلال بيت الشرق، كما حدث اضراب عام في المخيمات الفلسطينية بسورية ولبنان.
المراجع:
-بلسم: مجلة تصدر عن الهلال الأحمر الفلسطيني في قبرص – العدد 236، 1995.
-جريدة الدستور الأردنية – العدد 11401 في 11/5/1999، والعدد 12224 في 11/8/2001.
– جريدة الرأي الأردنية: في 14/8/2001.
-نشرة صادرة عن مؤسسة التعاون والمجمع الثقافي – أبو ظبي، وبيت الشرق المقدسي، في كانون الأول/ يناير 1996.
-مقابلة مع د. موسى الحسيني في عمان بتاريخ 12/9/2001.