ولدت فكرة هذه الندوة في لقاء تم بين بعض المسيحيين العرب في لبنان وجورج مونتارون رئيس تحرير مجلة “الشهادة المسيحية” الفرنسية ومديرها. فعندما كان مونتارون يزور بيروت اجتمع به بعض المثقفين العرب واتفقوا على تنظيم ندوة عالمية للمسيحيين تهدف إلى توفير الدعم والمساندة لكفاح الشعب العربي الفلسطيني، وإلى رفض الاستعمار الفكري الصهيوني والوصاية الفكرية التي تمارسها الصهيونية باسم الكتاب المقدس، وإلى تخليص العقل المسيحي الغربي من عقد الذنب الناجمة عما ارتكبته بعض الدول العربية المسيحية من اضطهاد لليهود. وكان من أهداف الندوة أيضاً تعريف غير العرب بأبعاد قضية فلسطين من خلال الاتصال المباشر والمنظمات الفلسطينية.
تشكلت لجنتان، احداهما في بيروت والثانية في باريس للاعداد للندوة التي تقرر عقدها في بيروت، وضمتا مجموعة من المفكرين ورجال الدين المسيحي المناصرين لقضية فلسطين.
التأمت الندوة في بيروت من 7 إلى 10/5/1970 وحضرها أربعمائة مندوب ممثلون جمعيات ومنظمات وكنائس مختلفة من بلدان كثيرة. وقد افتتحها رئيس الجمهورية اللبنانية ومثل الثورة الفلسطينية فيها كمال ناصر* وقامت أجهزة الاعلام الفلسطينية واللبنانية على خدمتها.
عملت الندوة لبلوغ أهدافها ضمن اطارين، سياسي وديني، لأنهما في نظرها لا ينفصلان بل يكمل أحداهما الآخر، ولا سيما أن الندوة ليست مغلقة في وجه المدنيين الآخرين، الاسلام واليهودية.
دار نشاط الندوة حول محاور ثلاثة:
1) الكيان الصهيوني ومراميه.
2) الثورة الفلسطينية وأبعادها.
3) مزاعم (إسرائيل) التي تسخر الكتاب المقدس لتبرير مطاعمها الاستعمارية.
وأصدرت الندوة في ختام اجتماعاتها بيانا سمته “نداء بيروت إلى مسيحي العالم أجمع، ودعت فيه إلى بعض استغلال نصوص الكتاب المقدس لأغراض التسلط السياسي، كما دعت مسيحيي العالم إلى مساندة الشعب الفلسطيني في مقاومته ونضاله.
قررت الندوة تشكيل لجنة دائمة وأمانتين عامتين احداهما في بيروت والأخرى في باريس لمواصلة دعم النضال الذي يخوضه الشعب الفلسطيني. كما قررت تشكيل لجان فرعية تعمل تحت اشراف اللجنة الدائمة من أجل تحقيق الأهداف التي حددها المؤتمرون. وهذه اللجان هي:
1) لجنة التنظيم والشؤون المالية.
2) لجنة الاعلام.
3) لجنة العمل لدى الرئاسات الدينية.
4) لجنة البحث اللاهوتي وقضية فلسطين.
5) لجنة المداولات السياسية والاتصالات بالجماعات السياسية والنقابات.
6) لجنة العلاقات العملية مع المقاومة الفلسطينية والحكومات العربية.
7) لجنة درس جدوى ندوة عالمية جديدة للمسيحيين من أجل فلسطين.
أقيمت بتأثير هذه الندوة ندوات كثيرة في بلدان مختلفة، وألقيت مئات المحاضرات. وطبعت الكتب عن هذه الندوات وعن قضية فلسطين، وشكلت لجان وطنية أطلق على كل منها اسم “اللجنة الوطنية للمسيحيين من أجل فلسطين، قامت بالعمل والتنسيق فيما بينها لدعم قضية فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
كانت للندوة أصداء كبيرة وهامة، الأمر الذي أثار أنصار الاستعمار والصهيونية فمارسوا ضغوطاً جمة على الصحافة العالمية لمقاطعة أعمالها. كما مورست ضغوط مباشرة على عدد من المندوبين لتسهم عن الاشتراك فيها. ولم تكتف (إسرائيل) بذلك بل عمدت إلى التهديد المباشر أثناء انعقاد الندوة. وقامت يوم 9/5/1970 بغارات جوية على منطقة العرقوب في جنوبي لبنان أتبعتها بعنوان بري على المنطقة ذاتها يوم 11/5/1970. وقد جرى ذلك كله حين كانت الندوة تتابع جلساتها، وكأنما كانت تعين أعضاؤها وثيقة جديدة تدين (إسرائيل) بالعدوان.
وفي الإمكان ايجاز أعمال الندوة بالنداء الذي أطلقه جورج مونتارون في خطابه الافتتاحي: “يا سكان فلسطين لستم بوحيدين فمسيحيو العالم معكم”.
ندوة: رَ: فلسطين (ندوة – العالمية)
الندى: رَ: المناخ