المجمع العالمي للكنائسThe World Council of Churches هو اطار حركة عالمية هدفها وحدة الكنيسة المسيحية والعمل على خدمة البشرية وسعادتها. وتعود جذور هذا المجمع إلى حركة ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر في صفوف الإرساليات البروتستانتية وفئات نشطة من المسيحيين منادية بوضع حد للانقسامات والخلافات العقائدية التي كانت قائمة آنذاك بين مختلف الكنائس المسيحية. وقد أسفر نشاط هذه الحركة عن عقد مؤتمر ادنبرة (سكوتلندا) في العام 1910. وتشكلت اثر هذا المؤتمر ثلاث حركات مترابطة كان لتضافر جهودها الفضل في تأسيس المجمع العالمي للكنائس، وهذه الحركات هي مجمع الارسالية الدولي، وحركة الحياة والعمل، وحركة الايمان والنظام.
وفي آب 1948 عقد مؤتمر عالمي للكنائس في أمستردام فأسفر عن تأسيس “المجمع العالمي للكنائس W.C.C” الذي ضم 147 كنيسة معظمها من كنائس أوروبا وأمريكا الشمالية.
وفي العام 1961 انضم مجمع الارسالية الدولي إلى المجمع العالمي للكنائس وأصبحتا مجمعاً واحداً. ثم اتسع اطار المجمع في الستينات والسبعينات بانضمام عدد من كنائس افريقيا وآسيا وأمريكا وجزر البحر الكاريبي والمحيط الهادي إليه فأصبح يضم 300 كنيسة بروتتانية وأرثوذكسية تمثل أكبر من 400 مليون مسيحي موزعين في معظم أرجاء العالم. ورغم هذا الاتساع في عضوية المجمع فإن الكنيسة الكاثوليكية لم تصبح عضوا فيه واكتفت بالمشاركة في بعض أعماله التعاونية وبعض لجانه.
يقرر سياسة المجمع مبعوثون عن الكنائس الأعضاء في جمعية تعقد كل سبع سنوات. وتنتخب الجمعية مجلسا أعلى ولجنة مركزية تتمتع بصلاحيات واسعة تمكنها من تسيير أعمال المجمع واتخاذ القرارات في المدة الفاصلة بين جمعيتين، وانتخاب أمين عام للمجمع.ويقع المركز الرئيس للمجمع في جنيف.
اتسمت مرحلة تبلور فكرة انشاء المجمع بين الحربين العالميتين بالمآسي الكبيرة التي شهدتها الانسانية من جراء الحرب العالمية الأولى، وظهور الفاشية والنازية، واتساع نطاق القمع الذي مارسته الدول الاستعمارية بين الحربين على الشعوب التواقة للتحرر. ثم جماعات الحرب العالمية الثانية فزادت حدة هذه المآسي وسعت نطاقها. وكان من الطبيعي أن يترك كل ذلك أثره في اهتمامات المجمع وبرامج عمله، وأن يركز المجمع جهده منذ البداية على قضايا معينة كحقوق الانسان ومشاكل اللاجئين والتمييز العنصري وغيرها.
وعندما عقدت الجمعية التأسيسية للمجمع في أمستردام عام 1948 كان النزاع العربي – الصهيوني على أشده، ولم يكن قد مضى على الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى وقيام الدولة الصهيونية سوى عدة شهور. كما كانت الأفكار في العالم لا تزال تحت تأثير الدعاية الصهيونية التي ضخمت مسألة اضطهاد النازية ليهود أوروبا ووضعها في بؤرة اهتمام الرأي العام العالمي وجعلت منها قضية مستقلة عن الاضطهاد الذي مارسه النازيون على جميع الشعوب الأوروبية التي سيطروا عليها، وعلى النقدميين من مختلف الجنسيات والديانات بما فيهم النقدميون المسيحيون الألمان. ولذا كان الرأي في الجمعية متعاطفا مع اليهود المضطهدين على أيدي النازية. ولقد أشار بعض ممثلي الكنائس إلى هذا الموضوع خلال انعقاد الجمعية. كما اهتم المجتمعون بالأحداث الدائرة في الأراضي المقدسة. ولكن الجمعية امتنعت عن اتخاذ موقف سياسي من النزاع العربي – الصهيوني واكتفت بالتركيز على نواحي النزاع الانسانية والدينية. وقدمت عدداً من التقارير تناولت ثلاثة منها الصراع الدائر في فلسطين آخذة بالاعتبار قضية إنشاء (دولة إسرائيل) وقضية اللاجئين الفلسطينيين وغيرها من الشؤون التي نتجت عن الحرب وقيام (إسرائيل).
عالج تقرير “الكنيسة والاضطراب الدولي” الذي قدمته اللجنة الرابعة قضية اللاجئين الفلسطينيين كقسم من قضية اللاجئين في العالم، ودع الكنائس الأعضاء إلى المطالبة بوضع وثيقة دولية لحقوق الانسان تضمن الحريات الخاصة والسياسية والاجتماعية.
وفي قرار حول اللاجئين الفلسطينيين ذكرت الجمعية بقرار سابق كان المجمع قد اتخذه ودعتا فيه الكنائس الأعضاء إلى دعم جهود الأمم المتحدة لاغاثة اللاجئين العرب وغيرهم من اللاجئين في مناطق النزاع في فلسطين. وناشدت الجمعية – باسم المجمع العالمي للكنائس- الهيئات اليهودية في العالم للتعاون في مجال إغاثة اللاجئين العرب وغيرهم من اللاجئين في مناطق النزاع، ومساعدتهم على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت.
وقدمت اللجنة الفرعية (ب) التابعة للجنة الرابعة للجمعية تقريراً حول الانفتاح المسيحي على اليهود عرضت فيه موقفها من (إسرائيل) واليهود والنزاع في فلسطين. واعتبرت أن انشاء (إسرائيل) أعطى الانفتاح المسيحي على اليهود بعداً سياسياً. ودعت الدول على هذا الأساس الى عدم معالجة المسألة من النواحي السياسية أو الاقتصادية أو الاستراتيجية بل النظر إليها من الناحية الدينية. وبحثت اللجنة الوضع الخاص الذي تعطيه الديانة المسيحية لليهود استناداً إلى أن (لإسرائيل) مكانة خاصة عند الله “الذي عقد مع بني إسرائيل معاهدة خاصة”، وأما فيما يتعلق برفض اليهود الاعتراف بقدوم السيد المسيح فقد اعتبرت اللجنة أنه سر إلهي. وانتقدت اللجنة الكنيسة المسيحية واعتبرتها مسؤولة عن انتشار اللاسامية في العالم بسبب تصوير اليهود على أنهم أعداء المسيحية الوحيدين. ودانت اللجنة اللاسامية واعتبرتها خطيئة بحق الله والانسان على حد سواء، وناشدت الكنائس محاربتها.
واقتصر تقرير اللجنة الفرعية (ب) على معالجة النزاع في الشرق الأوسط من الناحي الانسانية كقضية إغائة اللاجئين. ودعا الكنائس إلى الصلاة والعمل من أجل استتباب الأمن والنظام في فلسطين، وإلى إغائة المصابين والمتضررين وبذل كل جهد ممكن لدفع الدول إلى الترحيب بالمهجرين ومعاملتهم بسخاء أكبر. وأوصى بوضع دراسات مفصلة عن المشكلات الانسانية التي نجمت عن قيام (إسرائيل).
وقدمت اللجنة الفرعية (د) المنبثقة عن اللجنة الرابعة للجمعية تقريراً عن إعادة البناء المسيحي والمساعدة المتبادلة بين الكنائس. واعتبرت قضية اللاجئين الفلسطينيين جزءاً من قضية اللاجئين في العالم. وطالبت اللجنة الكنائس بتقديم المزيد من المساعدات لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين، ودعت المجمع العالمي للكنائس إلى العمل (في اطار لجنته الخاصة باللاجئين) على طلب المساعدات الطبية والمادية وتعيين ممثل في المنطقة بالتعاون مع مجلس الإرسالية الدولي. كما دعت مسيحيي فلسطين والدول المجاورة إلى المساهمة في هذا العمل من خلال اللجان المختصة بمعالجة قضايا اللاجئين في كل من الأردن ولبنان والضفة الغربية وغزة ومصر و(إسرائيل).
وكانت الحرب الباردة مستمرة عندما عقدت الجمعية الثانية في ايفنستون(1954). ولذا فإنها لم تأت على ذكر الشرق الأوسط أو أية منطقة من مناطق التوتر في العالم.
أما الجمعية الثالثة المنعقدة في نيودلي (1961) فإنها لم تذكر الشرق الأوسط عند تحديد المناطق الحساسة في العالم كبرلين والكونغو وفيتنام وغيرها. وانما اكتفت بذكر لاجئي الشرق الأوسط بشكل عام خلال معالجتها مشكلات اللاجئين في العالم. وطالبت الكنائس بمضاعفة جهودها من أجل هؤلاء اللاجئين. ومساعدتهم حسب ظروفها على العودة إلى بلادهم، أو توطينهم في مناطق إقامتهم، أو الإبقاء على وضعهم.
ولكن المجمع اهتم بقضية اللاجئين خارج نطاق الجمعية. وتطورت موافقة بصورة متوازية مع التطورات الجارية في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد أن ارتفعت داخل المجمع أصوات الكنائس الشرقية المؤيدة لقضية الشعب الفلسطيني. فلقد عقد المجمع مؤتمرين لبحث قضية اللاجئين الفلسطينيين تم أولهما في بيروت واستمر من 4 الى 8/5/1951 وكان تعبيراً عن اهتمام المسيحين بمصير اللاجئين الفلسطينيين. ولقد شارك في الدعوة إليه المجلس المسيحي للشرق الأدنى Near East Christian Council (الذي أصبح في عام 1964 مجلس الكنائس للشرق الأدنىNear East Council of Churches ووجه هذا المؤتمر إلى كنائس العالم نداء يدعوها فيه إلى مساعدة اللاجئين، وأصدر بياناً قال فيه ان هناك ظلماً حل بالشعب الفلسطيني ومن المستحيل حل مشكلة اللاجئين دون ايجاد حل شامل للنزاع في الشرق الأوسط. وأوصى باستمرار أعمال الاغاثة والتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لاغائة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين* لهذه الغاية، وطالب لجنة الشؤون الخارجية بالاهتمام بنشاطات الأمم المتحدة وجهودها لايجاد حل عادل وعملي لمسألة القدس.
وعقد المؤتمر الآخر عام 1956 في بيروت أيضاً بدعم من مجلس الكنائس للشرق الأدنى. وكرس هذا المؤتمر لقضية اللاجئين الفلسطينيين وكان الغرض منه دراسة حاجات الإغاثة. ورغم عم تناول النواحي السياسية للقضية فقد دعا المؤتمر في بيانه الختامي إلى السعي لتفهم القضايا السياسية الواجب مواجهتها. كما جاء على ذكر الظلم الذي حل بشعب فلسطين وأكد ضرورة العمل لايجاد حل عادل ودائم للقضية.
واثر عدوان 1967 (رَ: حرب 1967) وما أحدثه من تغيرات في المنطقة أخذ المجمع يبحث قضية فلسطين كقضية مستقلة قائمة بذاتها. وبدلاً من التركيز على مسائل غوث اللاجئين توجه المجمع إلى بحث النواحي الأخرى من القضة، ولا سيما حق تقرير المصير وحق العودة وفق مبادىء ميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وكان تفاعل المجمع مع حرب 1967* منذ البداية سريعاً. فلقد بعث إلى الأمين العام للأمم المتحدة رسالة عبر فيها عن ارتياحه لوقف اطلاق النار. وأوفد إلى الدول العربية و(إسرائيل) مبعوثين مهمتهم مواجهة مشكلة اللاجئين الجدد وإيجاد حل دائم لها، وطلب من “قسم التعاون بين الكنائس وخدمة اللاجئين والعالم” رصد مليوني دولار لمساعدة اللاجئين الجدد.
وأصدرت اللجنة المركزية للمجمع اثر اجتماعها في هيراكليون (جزيرة كريت) في آب 1967 بياناً جاء فيه أنه لا يمكن السماح لأية دولة باحتلال أراضي دولة أخرى عن طريق القوة. وأنه من المتعذر ايجاد حل عادل ودائم للقضية قبل ايجاد حل لمشكلة اللاجئين القدامى والجدد. كما طالب بتطبيق حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.
وفي الجمعية الرابعة التي عقدت في أوبسالا (السويد) عام 1968 أصدر المجمع بياناً عن الشرق الأوسط احتوى – لأول مرة في تاريخه – على موقف سياسي، وطالب بضرورة تحقيق النقاط التالية:
1) ضمان استقلال جميع دول المنطقة وسلامة أراضيها.
2) العمل على ايجاد حل مشكلة اللاجئين.
3) ضمان الحرية الدينية والتنقل في الأراضسي المقدسة بموجب اتفاق دولي.
4) تحديد التسلح الى الحد الأدنى الذي يتطلبه الأمن القومي.
5) مطالبة الدول الكبرى بالامتناع عن متابعة السعي وراء مصالحها الخاصة في المنطقة.
وتناولت الجمعية أيضاً موضوع اللاجئين الفلسطينيين فأعلنت أنه لا يمكن إيجاد حل بناء دون الوصول إلى حل سياسي يحترم حقوق الانسان. كما دعت قسم التعاون بين الكنائس إلى التعامل الايجابي مع وكالة إغاثة اللاجئين وطلبت من الكنائس مزيداً من مساعدات للاجئين.
وفي ضوء تقريؤ الجمعية الأخير عقدت اللجنة المركزية للمجمع اجتماعاً في كانتربري (بريطانيا) في آب 1969 أصدرت على أثره بياناً أكدت فيه أنه لا يجوز احلال السلام الدائم في المنطقة دون احترام الحقوق المشروعة للشعبين الفلسطيني واليهودي، وان على الدول أن تتحمل مسؤولياتها وتخلق ظروفاً ملائمة لحل سلمي في المنطقة يستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في 22/11/1967. ولقد اعتبر البيان أن انشاء (دولة إسرائيل) دون ضمان حقوق الشعب الفلسطيني يمثل اجحافاً بحق الفلسطينيين. وطالب المجمع بمتابعة القيام بمسؤولياته إزاء اللاجئين.
وبناء على طلب مجلس الكنائس للشرق الأدنى دعا المجمع إلى مؤتمر ثالث حول قضية اللاجئين الفلسطينيين عقد في قبرص(29/9/1969). وقد اتخذ المؤتمر موقفاً سياسياً عندما أشار إلى حقيقة وجود الكيان الفلسطيني الذي تجسد في حركة التحرر الوطني الفلسطيني. ودعا إلى اشراك الفلسطينيين في كل أعمال المجمع المتعلقة بشعب فلسطين في انجازات الانسانية والثقافية والاعلامية، وطالب الكنائس بالعمل لرفع الظلم الذي أصاب الشعب الفلسطيني. ولقد قدم المؤتمر برنامجاً للإغاثة، ودعا الكنائس إلى السعي لدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لدعم وكالة الاغاثة.
وعقدت الجمعية الخامسة في نيروبي عام 1975 وسط مناخ ما بعد حرب 1973*. وفي البيان الذي أصدرته الجمعية عن الشرق الأوسط اتخذ المجمع المواقف التالية:
1) عبر عن قلقه إزاء الوضع في الشرق الأوسط.
2) الاعتراف بحق جميع دول المنطقة بما في ذلك (إسرائيل) والدول العربية في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها.
3) تطبيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
4) أيد اتفاقية فصل القوات الثانية في سيناء ورآها قليلة بتخفيف التوتر في منطقة الشرق الأوسط استئناف مؤتمر جنيف* للسلام أعماله لايجاد حل شامل على أسس المبادىء التي وردت أعلاه.
5) دعا جميع أطراف النزاع الى وقف العمليات العسكرية وأعمال العنف والارهاب بمختلف أشكالها.
6) أن تتم عملية الاعتراف المتبادل بعد المفاوضات لا قبلها. وتبنت الجمعية تقريراً عن القدس المحتلة وضعته البطريركية المسكوبية ويتضمن النقاط التالية :
1) اعتبار القدس مدينة مفتوحة أمام المؤمنين من جميع الأديان.
2) ابقاء القوانين الخاصة المحددة لعلاقات جميع الطوائف والسلطات والمضمونة بموجب اتفاقيات دولية (مارس 1856، برلين 1878، عصبة الأمم*) والمعروفة بالوضع القائم في الأماكن المقدسة. واحترام هذه الاتفاقات من قبل أي اتفاق دولي جديد، علماً بأن معظم الأماكن المسيحية المقدسة في القدس والمناطق المجاورة لها ملك الكنائس الأعضاء في المجمع العالمي للكنائس.
3) رفض الكنائس الأعضاء أن تصبح الأماكن المسيحية المقدسة أماكن للزيارة، مع تأكيد ضرورة بقائها أماكن حية للعبادة تستجيب لحاجات الطوائف المسيحية وتضمن بقاءها والحفاظ على جذورها في المدينة المقدسة.
4) أن يكون اتخاذ القرار بشأن وضع القدس ضمن اطار لحل شامل للنزاع في الشرق الأوسط.
5) أن يتم حل المشكلات القائمة بين مختلف الأديان في الأماكن المقدسة باضراف هيئة دولية مقبولة من الدولة والسلطات، وبالاتفاق مع الكنيسة الكاثوليكية.
6) أن تعبر هذه المبادىء موضوعا للحوار بين هيئات مسيحية وإسلامية ويهودية.
7) الأمل في أن يتم إحلال السلام في المدينة المقدسة.
وبدراسة مقررات المجمع بشأن قضية فلسطين يلاحظ أنها نوع من الحلول الوسطية بين تيارين يتنازعان السيطرة على مواقف المجمع، أحدهما مؤيد للموقف العربي والآخر منسجم مع خط (إسرائيل). واذا كان تأييد الموقف العربي ينبع من عدالة الحق العربي وخاصة المظالم التي تعرض لها شعب فلسطين فان تأييد الموقم الإسرائيلي ناجم عن أن الكنائس الأوروبية والأمريكية الشمالية كانت تمثل في الخمسينات غالبية الأعضاء في المجمع.
ولقد عرفت هذه الكنائس مرحلة طزيلة من التعاون مع (إسرائيل) نما مع الزمن باسم الحوار بين مختلف الأديان والتقارب بين الكنائس، كما خضعت لضغوط الصهيونية القوية في العالم الغربي والولايات المتحدة بشكل خاص، وتأثرت بهذه الضغوط بشكل تماثل لتأثر المجتمعات الغربية بها.
وهناك سبب آخر دفع المجمع إلى اتخاذ مواقف وسطية هو أن جزءاً كبيراً من الكنائس، ولا سيما الأوروبية والأمريكية، لم يتحرر تماماً من عقدة الذنب تجاه اليهود. ولقد سيطرت هذه العقدة على مفهوم الكنائس الأوروبية والأمريكية لمسألة الحوار بين المسيحية واليهودية. وبالإضافة إلى ذلك فإن الكنائس الراغبة في فتح الحوار مع اليهود والناظرة إلى هذا الحوار على أنه رسالة روحانية وجدت نفسها في حوار مع (إسرائيل) التي طرحت نفسها كممثل ليهود العالم، الأمر الذي جعل الكنائس داخل المجمع غير قادرة على الفصل بين اليهودية كدين سماوي عالمي (وإسرائيل) كدولة صهيونية ذات أكثرية يهودية.
والسبب الثالث لهذه الوسطية هو تأثر عدد من الكنائس بالدراسات اللاهوتية التي تربط بين القومية اليهودية والدين اليهودي وتدعو المسيحيين إلى فهم الجذور الدينية القومية اليهودية كمدخل إلى تقارب مسيحي- يهودي.
إن كل هذه الأسباب والعوامل أثرت في المقررات الخاصة فقضية فلسطين، وشجعت على ظهور الأصوات المؤيدة (لإسرائيل) داخل المجمع داخل عندما كانت المنظمات الدولية تتخذ مقررات تتعارض مع مصالح الدولة الصهيونية. ويذكر على سبيل المثال احتجاجات مؤيدي (إسرائيل) داخل المجمع على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3237 (25/11/1974) الذي منح منظمة التحرير الفلسطينية* مركز المراقب في منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة (رَ: منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة). كما أن الأمين العام للمجمع فيليب بوتر أصدر يوم 11/11/1975 بياناً هاجم فيه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 (10/11/1975) الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. ولقد أكد بوتر في بيانه أن الصهيونية حركة تحرر الشعب اليهودي فترك موقفه هذا أثراً سيئاً داخل المجمع، ودفع الكنائس المؤيدة للحق العربي إلى الاحتجاج عليه.
المراجع:
-Gaines, D.P.P. The World Council of Churches: A Study of its Background and History, Peterborough N.H.1966.
- Goodall, N (Ed): The World Council of Churches, the Uppsala Report, 1968.
- Samartha, S.J. and Taylor, J.B. Christian-Muslim Dialogue Papers Presented at the Broumana Consultation, 12-18 July 1972 Geneva
- Visser’t Hooft, W.A.(ed): The New
Delhi Report, The third Assembly of the World of Churches, 1961.
المجموعة الاقتصادية الأوروبية:
رَ: الجماعة الاقتصادية الأوروبية