مع اقتراب نهاية عام 1948 أخذ الفلسطينيون من مقيمين ولاجئين يفقدون الأمل في قدرة الدول العربية على قهر الصهيونيين، ولا سيما بعد انتهاء الهجوم الإسرائيلي على الجيش المصري في الجنوب وظهور الفرقة في الصف العربي.
وبالرغم من هذه الظروف القاسية فقد عبر الشعب الفلسطيني في مؤتمر غزة* الذي دعت اليه الحركة الوطنية في مطلع تشرين الأول 1948 عن ارادته في الاستقلال واقامة حكم وطني على كامل فلسطين، وجسد ذلك في حكومة عموم فلسطين*. غير أن اتجاها آخر ظهر بين لفيف من الفلسطينيين فدعوا إلى عقد مؤتمر في أريحا يكون، بعد مؤتمر عمان، ردا على مؤتمر غزة المذكور (رَ: المؤتمر الفلسطيني، عمان 1948). وانعقد المؤتمر يوم 1/12/1948 برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري* رئيس بلدية مدينة الخليل، وحضره حوالي ألف شخص بينهم عدد كبير من اللاجئين الذين نزحوا عن ديارهم إلى شرق الأردن، أو أقاموا في المناطق التي لا زالت بحوزة العرب من فلسطين.
تدارس المؤتمرون في أريحا ما آلت إليه الحال على أرض فلسطين، وتوقف الجيوش العربية على مواصلة الحرب ضد الدو الذي أخذ يزداد قوة وغطرسة، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن الحفاظ على ما تبقى من فلسطين لا يتم إلا بضمها إلى شرق الأردن، واتخوا القرارات التالية:
1) يشكر المؤتمر الدول العربية على ما بذلته من جهد وتضحيات وبطلب منها جميعاً مواصلة القتال لانقاذ فلسطين.
2) يعتبر المؤتمر فلسطين وحدة كاملة لا تتجزأ. وكل حل يتنافى مع ذلك لا يعتبر حلاً نهائياً.
3) لا يمكن للبلاد العربية أن تقاوم الأخطار التي تجابهها وتهدد فلسطين إلا بالوحدة القومية الشاملة. ويجب البدء بتوحيد فلسطين مع شرقي الأردن مقدمة لوحدة عربية تامة.
4) ينابيع المؤتمر الملك عبد الله ملكا على فلسطين كلها، ويحيي جيشه والجيوش العربية التي حارست، ولا تزال، دفاعاً عن فلسطين.
5) يقترح المؤتمر على الملك الاشارة بوضع نظام لانتخاب ممثلين شرعين عن عرب فلسطين يستشارون في أمورها.
6) التشديد على الاسراع في ارجاع اللاجئين إلى بلادهم والتعويض عليهم.
7) تبليغ هذه القرارات إلى منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ودولها وممثلي الدول الأخرى.
كان لهذه القرارات مؤيدون ومعارضون بين عرب فلسطين. فقد قال المؤيدون انها عين الصواب لأن فلسطين لا تستطيع النهوض وحدها بعد أن أصابها ما أصابها. وأما المعارضون فقالوا انه لا يجوز لفئة من الناس تقرير مصير البلاد دون الرجوع إلى سائر الفئات، وأن الشعب الفلسطيني ليس، بحكم تشريده في البلاد العربية المجاورة وغيرها، في وضع يمكنه من ابداء رغبته. وظهرت فئة ثالثة تنادي بأنه لا يجوز تقرير المصير إلا عن طريق استفتاء عام يشترك فيه جميع أبناء فلسطين. ونددت هذه الفئة بمؤتمر غزة (1/10/1948) ومؤتمر أريحا هذا. وكانت الحال كذلك بالنسبة إلى الدول العربية. فقد انقسمت بين مؤيد ومعارض، وصدرت احتجاجات في بعض أنحاء الوطن العربي.
وفي يوم 9/12/1948 قدمت الحكومة الأردنية إلى البرلمان مشروع قرار يوصي تطبيق مقترحات مؤتمر أريحا فصوت البرلمان الأردني مؤيداً.
المراجع:
- عارف العارف: النكبة، بيروت 1952.
- اسماعيل الخطيب الطوباسي: كفاح الشعب الفلسطيني، عمان 1977.