عندما اشتد الخطر الصهيوني في فلسطين* وأوصت لجنة دولية كانت قد ألفتها هيئة الأمم المتحدة بتقسيمها بين العرب واليهود اجتمع مجلس جامعة الدول العربية في 7/10/1947 في عاليه (لبنان) وقرر تشكيل لجنة عسكرية فنية يمثل أعضاؤها الدول العربية. وأطلق عليها اسم “اللجنة العسكرية”. وقد عهد إلى هذه اللجنة بمهمة وتنظيم الدفاع عن فلسطين وتدريب الفلسطينيين ومتطوعي الدول العربية لهذا الغرض.
كان تشكيل اللجنة العسكرية أول خطوة عملية تخظوها الجامعة العربية في سبيل القضية الفلسطينية. وقد تم تأليفها من:
اللواء الركن اسماعيل صفوة عن العراق – رئيساً – والمقدم محمود الهندي عن سورية، والمقدم الركن شوكت شنفر عن لبنان، وصبحي الخضراء* عن فلسطين.
ولم ترسل الدول العربية الأخرى ممثلين عنها إلى اللجنة العسكرية. والتحق بها بعد قليل الفريق الركن طه الهاشمي (العراق) كمفتش عام للمتطوعين، وأصبح بمرور الزمن وحكم رتبته العالية الموجه الفعلي للجنة.
عقدت اللجنة العسكرية اجتماعاتها الأولى في عاليه يوم 7/10/1948. وبعد أن درست الحالة في فلسطين في ضوء المعلومات السريعة المتيسرة لديها رفعت يوم 9/10/1948 تقريراً سرياً إلى مجلس الجامعة العربية جاء فيه.
1) للصهيونيين في فلسطين ومنظمات وتشكيلات سياسية وعسكرية وإدارية على درجة عالية من النظام والأحكام في وسعها أن تنقلب إلى حكومة عند الحاجة.
2) لهم قوة كبيرة من الرجال والسلاح والعتاد، كما أن لديهم قوة احتياطية كبرى من الرجال المدربين وقدرة فائقة على استيراد التعزيزات والامدادات من وراء البحار.
3) ليس لعرب فلسطين في الوقت الحاضر هن القوة، على اختلاف أنواعها (رجال، سلاح، عتاد، تنظيمات الخ….)، ما يمكن مقاومته بالقوة الصهيونية.
4) في المناطق التي تقطنها أكثرية يهودية (في الوقت الحاضر) ما لا يقل عن 350 ألف عربي بكتل وقوى متفرقة. وهؤلاء مهددون بالقتل الجماعي والفناء.
5) ينذر الموقف السياسي الأخير وما أعلنته بريطانيا عن عزمها على الانسحاب بوقوع أحداث خطيرة لا يفيد منها سوى الجانب الصهيوني إذا لم تبادر الدول العربية إلى حشد أقصى ما يمكن من قوى وجهود لإحباط قرارات الصهيونيين.
واقترحت اللجنة في تقريرها أن تقوم الدول العربية بما يلي:
1) دعوة المتطوعين وتسليحهم وتجهيزهم وتدريبهم.
2) حشد ما يمكن من قواتها المسلحة النظامية في مناطق قريبة من الحدود الفلسطينية.
3) تأليف قيادة عامة ترتبط بها جميع القيادات الخاصة وتخضع لأوامرها جميع القوات العربية التي تحتشد بالقرب من فلسطين أو في فلسطين نفسها، سواء أكانت نظامية أم غير نظامية.
4) إمداد عرب فلسطين لا يقل عن 10.000 بندقية وكمية كافية من الرشاشات والقنابل اليدوية والمتفجرات. وتخصيص مبلغ لا يقل عن مليون جنيه استرليني بوضع تحت تصرف اللجنة العسكرية لصرفه على القوات الفلسطينية.
5) شراء أكبر كمية من الأسلحة والعتاد وادخارها.
6) حشد أقصى ما يمكن من الطائرات في المطارات القريبة من البحر المتوسط لمراقبة المواصلات البحرية والحيلولة دون وصول الامدادات إلى الصهيونيين من وراء البحار.
نقلت اللجنة العسكرية مقرها إلى دمشق قبل نهاية تشرين الأول 1948، ووضعت الحكومة السورية معسكر “قطنا” تحت تصرفها وزودتها بعدد غير قليل من الضباط وضباط الصف لتدريب المتطوعين. والتحق بالمعسكر فور افتتاحه نحو 1.000 من الفلسطينيين، ثم بدأ متطوعو البلاد العربية يفدون إليه تدريجياً.
وبعد أن حصلت اللجنة العسكرية على معلومات أوسع من التنظيمات والقوات الصهيونية في فلسطين وقعت في 27/11/1947 تقريراً ثانياً إلى مجلس الجامعة قررت فيه القوات الصهيونية العسكرية بما لا يقل عن 50 ألف مقاتل ثلثهم تحت السلاح والثلثان الآخران يمكن تعبئتهما وحشدهما خلال بضعة أسابيع. وذكرت اللجنة في تقريرها أن لدى هذه القوات من الأسلحة الحقيقية ما يكفي للقتال، مع إمكانية استيراد الأسلحة الثقيلة والطائرات من وراء البحار. وقالت انه ليس للعرب في فلسطين من القوات المسلحة ما يكفي لدرء الخطر الصهيوني.
ومما جاء في تقرير اللجنة: “إن مقاومة اليهود في فلسطين والتغلب عليهم وهم في هذه القوة بعصابات وقوات غير نظامية أمر أشبه بالمستحيل. ولا بد من مجابتهم بقوات نظامية مدربة ومسلحة تسليحاً عصرياً، مع الانتفاع من القوات الفلسطينية النظامية”.
وأوصت اللجنة العسكرية بأن “تسرع الدول العربية بحشد جيوشها في مناطق قريبة من الحدود الفلسطينية للمشروع بحركات سريعة وموحدة”. ثم أكدت اقتراحها الذي كانت ذكرته في تقريرها الأول بشأن إنشاء القيادات.
وقد دعي رئيس اللجنة العسكرية اللواء الركن اسماعيل صفوة إلى القاهرة لحضور اجتماعات اللجنة السياسية للجامعة العربية فأوضح لها ما جاء في التقرير وطلب بإصرار وجوب تنفيذ اقتراحات اللجنة منذراً بسوء العاقبة من الوجهة العسكرية إذا لم يؤخذ بها.
وبعد صدور قرار التقسيم في 29/11/1947، وحدوث مناوشات مدفعية بين العرب والصهيونيين. رفعت اللجنة العسكرية تقريرها الثالث إلى مجلس الجامعة العربية في 7/12/ 1947 وأوضحت فيه خطورة الوضع في فلسطين والضرورة القصوى لإمداد الفلسطينيين والمتطوعين بالسلاح والعتاد والمال. وأكدت مرة ؟ أخرى رأيها بوجوب اشتراك الجيوش العربية في عمليات إنقاذ فلسطين نظراً لما للصهيونيين من قوات مسلحة وتشكيلات منظمة.
عقد مجلس الجامعة العربية يوم 8/12/1947 اجتماعاً في القاهرة حضره رؤساء الحكومات العربية والأمين العام للجامعة العربية ومندوب الهيئة العربية العليا لفلسطين*. وبعد أن بحث المجتمعون القضية الفلسطينية على ضوء قرار التقسيم وتبادلوا الآراء حولها بلدة عشرة أيام أصدروا بياناً أعلنوا فيه “أن التقسيم باطل من أساسه وأنهم عملا بإرادة شعوبهم قرروا اتخاذ التدابير الكفيلة بإحباط مشروع التقسيم الظالم”.
وقد أقر مجلس الجامعة بشكل سري تزويد اللجنة العسكرية بما يلي:
1) عشرة آلاف بندقية تقدمها دول الجامعة على الوجه التالي: العراق 2.000، مصر 2.000، السعودية 2.000، سورية 2.000، لبنان 1.000، الأردن 1.000 على أن تكون البنادق مصحوبة بعتاد لا يقل عن 500 طلقة لكل بندقية.
2) ثلاثة آلاف متطوع على الأقل 500 من كل من العراق ومصر والسعودية وسورية وفلسطين، و300 من لبنان ، و200 من الأردن، على أن يصل هؤلاء إلى معسكرات اللجنة العسكرية قبل منتصف كانون الثاني 1948.
3) مبلغ مليون جنيه آخر يصرف على شؤون الدفاع عن فلسطين، على أن تدفع الدول العربية خصصها من هذا المبلغ إلى الأمانة العامة للجامعة حسب النسب المقررة لميزانية الجامعة.
وتقرر أن يتولى اللواء الركن اسماعيل صفوة قيادة القوات المؤلفة من عرب فلسطين ومتطوعي البلاد العربية الأخرى.
وكان أول عمل قامت به اللجنة العسكرية في دمشق بعد ذلك دعوة الشبان القادرين على حمل السلاح المتطوع في جيش تحرير سمي جيش الانقاذ*. وقد ألف هذا الجيش في 1/1/1948 من ثمانية أفواج هي: فوج اليرموك الأول، وفوج اليرموك الثاني، وفوج اليرموك الثالث، وفوج القادسية، وفوج حطين، وفوج أجنادين، وفوج العراق، وفوج الدروز.
لكن بتشكيل قوات غير نظامية باسم جيش الانقاذ وإدخالها إلى فلسطين تحت قيادة غير فلسطينية أثار خلافاً بين اللجنة والهيئة العربية العليا تطور إلى درجة صار معها كل طرف لا يثق بالآخر ولا يعترف به. الأمر الذي كان له أسوأ الأثر في المعارك التي دارت بين العرب والصهيونيين.
لقد كان في وضع اللجنة العسكرية أن تكوين جهودها لتدريب المتطوعين وتسليحهم وتجهيزهم وإرسالهم إلى الهيئة العربية العليا في فلسطين لتضمهم إلى قوات جيش الجهاد المقدس* وتحول دون حدوث التضارب الذي نجم عن وجود جيش الانقاذ بقيادة غير فلسطينية إلى جانب قوات جيش الجهاد المقدس في فلسطين. كما أنه كان في وسعها توحيد جهودها وجهود الهيئة العربية لتعزيز قوات جيش الجهاد المقدس وصدها بالرجال والمال والسلاح والمعدات العسكرية. وقد جابهت اللجنة العسكرية مشكلتين كبيرتين:
1) مشكلة الحصول على السلاح: لم تحصل اللجنة العسكرية من الأسلحة التي طلبتها في تقريرها الأول حتى 7/12/1947 إلا على 556 بندقياً و1.340 مسدساً و23.000 طلقة من الحكومة السنوية و300 بندقية و30 مسدساً و5.000 طلقة من الحكومة اللبنانية.
وقد بعثت اللجنة العسكرية بالوفود إلى سويسرا وفرنسا. وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا لشراء الأسلحة والأعتدة. إلا أن مساعي هذه الوفود باءت بالفشل بسبب العراقيل التي وضعها في طريقها الصهيونيون من والاهم من قادة الدول الغربية.
ومن مجموع الأسلحة التي قرر مجلس الجامعة أن تسلمها الدول العربية إلى اللجنة العسكرية تسلمت هذه حتى شهر آذار 1948 9.000 بندقية و3.76.000 طلقة بندقية و138 رشاشاً و 4 مدافع عيار 75 مم و8 مدافع هاون. وكان معظم هذه الأسلحة قديماً وبعضها فاسداً وغير صالح للاستعمال. وقد أكدت اللجنة العسكرية في تقريرها الرابع الذي رفعته بتاريخ 7/1/1948 الحاجة الماسة إلى السلاح والعتاد وأوصت بأن “تضحي الدول العربية بما لديها من أسلحة وعتاد، أو بأكبر نصيب منها وبوجه السرعة. وإلا فسيبقى الفلسطينيون عرضة للتقتيل والفناء”.
2) مشكلة القيادة: عندما أرادت اللجنة العسكرية أن تعهد بقيادة جيش الانقاذ إلى فوزي القاوقجي* واجهت صعوبتين:
(1) بعد المسافات وعدم تيسر وسائل النقل والمخابرات. ولهذا السبب احتفظت تحت قيادتها المباشرة بفوجين من أفواج جيش الانقاذ هما فوج اليرموك الثاني وفوج الدروز.
(2) معارضة رئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين الحاج محمد أمين الحسيني* قيادة القاوقجي ورغبته في أن تكون جميع القوات العربية دخل فلسطين بقيادته العامة هو، وأن تكون قيادتها في الميدان لعبد القادر الحسيني* قائد قوات جيش الجهاد المقدس.
ولما لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق في هذا الشأن تم اللجوء إلى حل وسط هو أن تقتصر أعمال جيش الانقاذ على المناطق الشمالية من فلسطين (الجليل والسامرة) وأن يعهد بالدفاع عن مناطقها الوسطى إلى قوات جيش الجهاد المقدس التي كانت تدين بالولاء للهيئة العربية العليا.
كان لهذا الازدواج في قيادة القوات العربية في فلسطين أسوأ الأمر لدى الشعب الفلسطيني وأوحم النتائج في ميادين القتال. ومن حركة صار المتطوعون الفلسطينيون يتركون أفواجهم في جيش الانقاذ ويلتحقون بقوات الجهاد المقدس.
ومن جزائه أيضاً عين رئيس الهيئة العربية العليا قادة حاميات لبعض المدن الفلسطينية في الوقت الذي كانت اللجنة العسكرية قد عينت فيه قادة حاميات آخرين. لتلك المدن. وهكذا كان يعمل في الميدان الواحد قائدان أحدهما متناسب من الهيئة العربية العليا والآخر يمثل اللجنة العسكرية.
انعقد مجلس الجامعة العربية في 8/2/1948. ودعي رئيس اللجنة العسكرية إلى القاهرة ليرفع بنفسه تقريراً عن الموقف في فلسطين. وقد وصف في تقريره خطوة وضع العرب العسكري في فلسطين وصفاً قاتماً فقال: “سيزداد الموقف سوءاً إذا لم تتدخل الجيوش العربية بكامل أسلحتها ومعداتها”. وأوصى “بأن تعمل الحكومات العربية فوراً على استكمال نواقص جيوشها لتصبح قادرة على العمل واحراز التصر عندما يزول الانتداب أو يحين وقت العمل”. ثم شكا بمرارة من عدم تسليم بعض الحكومات العربية ما تعهدت به من أسلحة وأعتدة للمتطوعين.
على أن بيان رئيس اللجنة العسكرية عن خطورة موقف العرب العسكري في فلسطين لم يحفز ممثلي الدول العربية في مجلس الجامعة على اتخاذ قرار سريع وحازم باشراك جيوشهم النظامية في الدفاع عن فلسطين لأن نية معظم الدول العربية لم تكن حينذاك متجهة إلى ذلك. وقد اتخذ المجلس ثلاثة قرارات لا تتناسب وخطورة موقف العرب العسكري هي:
1) تأليف لجنة تسمى لجنة فلسطين “لتباشر، بالنيابة عن اللجنة السياسية، شؤون الدفاع عن فلسطين”، على أن تعمل هذه تحت رقابة اللجنة السياسية وفي الحدود التي ترسمها لها. وأن “تختص باعداد مقومات الدفاع عن فلسطين، ويتوجيه السياسة العليا لهذا الدفاع، وتكون مرجع القيادة العليا”. وقد ألفت هذه اللجنة برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية عند الرحمن عزام وعضوية رئيسي وزراء سورية ولبنان. وممثلين عن العراق والأردن والسعودية، والحاج محمد أمين الحسيني ممثلاً عن فلسطين، والفريق الركن طه الهاشمي خبيراً عسكرياً. وكانت في الحقيقة حلقة زائدة لقيادة شؤون فلسطين الدفاعية (بين اللجنة السياسية واللجنة العسكرية)، وقد أدى تأليفها إلى تعقيد مشكلة القيادة.
2) تعيين اللواء الركن اسماعيل صفوة “قائداً عاماً لحركات الدفاع من فلسطين” على أن “تكون جميع القوات المقاتلة هناك تابعة له” ومنع أن المجلس منحه “السلطة لتوجيه إدارة الحركات العسكرية في فلسطين واتخاذ التدابير التي يراها كفيلة بانجاح هذه الحركات”. إلا أن وجود مرجعين أعليين يسيطران على الشؤون الدفاعية الفلسطينية – وهما اللجنة السياسية ولجنة فلسطين- أدى إلى تحديد حريته في ممارسة واجباته فلم يلبث أن استقال من القيادة العامة. ولم يحل تعيين اللواء الركن اسماعيل صفوة في هذا المنصب مشكلة القيادة العامة في فلسطين. فقرات الجهاد المقدس ظلت غير خاضعة لقيادته من الناحية العملية.
3) التوصية بإنشاء مصانع للعتاد. وهو أمر قد يستغرق سنوات في حين كان الموقف يقضي بايجاد حل عاجل لمشكلة نقص العتاد التي كانت القوات العربية تعاني منها.
ذكرت اللجنة العسكرية في تقريرها الذي رفعته إلى الجامعة العربية في 8/2/1948 أنها درست 4.976 متطوعاً منهم 2.987 سوريا و800 فلسطيني و800 عراقي و305 لبنانيين و50 مصرياً و34 يوغسلافيا. وقد دخل من هؤلاء إلى فلسطين حتى 8/2/1948 نحو 2.500 متطوع، أي أكثر من نصف الذين دربتهم اللجنة. وكان أول فوج انقاذ دخل فلسطين فوج اليرموك الثاني. وقد دخلها في 8/1/1948. ثم تبعه فوج اليرموك الأول الذي دخل فلسطين في 20/1/1948. وفي 25/1/1948 اجتاز الحدود قائد قوات المتطوعين فوزي القاوقجي وأقام مقر قيادته قرب جنين*.
وبعد 8 شباط بدأ المتطوعون الباقون الذين دربتهم اللجنة العسكرية يدخلون فلسطين تدريجياً ضمن أفواج جيش الانقاذ، أو كسرايا مستقلة. فبلغ مجموع المتطوعين الذين دخلوا فلسطين أو أواخر آذار 1948 نحو 5.200 متطوع. ويبدو أن جميع أفواج جيش الانقاذ ومغارتها كانت قد دخلت فلسطين حتى ذلك التاريخ عدا فوج اليرموك الثالث الذي دخلها في 24/4/1948.
وفي 22/11/1948 استدعى الأمين العام للجامعة قائد جيش الانقاذ فوزي القاوقجي إلى القاهرة وأبلغه شكره على جهوده وأخبره أن مهمة جيش الانقاذ قد انتهت.
بدأ دور اللجنة العسكرية يتضاءل منذ تعيين رئيسها اللواء الركن اسماعيل صفوة في 16/2/1948 قائداً عاماً للقوات العربية في فلسطين وتعيين أحد أعضاء لجنته، وهو المقدم محمود الهندي، ضابطاً ركناً له. فمنذ ذلك الوقت ابتعد عن اللجنة عضوان من أعضائها الأربعة بعد أن انتقلا إلى مقر القيادة العامة في الزرقاء (الأردن). وكان الفريق الركن طه الهاشمي قد عين في الوقت نفسه خبيراً عسكرياً للجنة فلسطين. إلا أنه بقي في دمشق وأصبح منذ ذلك الوقت الرئيس الفعلي للجنة العسكرية.
وبقيت اللجنة العسكرية تعمل حتى انتخاب جيش الانقاذ من فلسطين وانتهاء دورة في نهاية تشرين الأول 1948. وقد بذلت في أيام عملها جهوداً كبيرة للقيام بواجبها، إلا أنها لم تنجح في أداء مهمتها لأسباب كثيرة أهمها:
1) أنها شكلت في وقت متأخر – قبل صدور قرار تقسيم فلسطين بمياه قصيرة – فجاءت أعمالها واستعداداتها للمعركة متأخرة عن أعمال العدو واستعداداته بمياه طويلة. وقد حال ضيق الوقت المتيسر دون إعداد المتطوعين إعداداً مرضياً للمعركة.
2) أن المسؤولين في مقر الجامعة العربية واللجنة السياسية ومجلس الجامعة يهتموا الاهتمام اللازم بالتقارير التي رفعتها اللجنة العسكرية، والبيانات التي أدلى بها رئيسها أمامهم عن ضعف موقف العرب العسكري في فلسطين ووجوب إشراك الجيوش العربية النظامية في المعركة في أقرب وقت ممكن.
3) أن المسؤولين في مقر الجامعة العربية واللجنة السياسية ومجلس الجامعة لم يهتموا الاهتمام اللازم بالتقارير التي رفعتها اللجنة العسكرية – والبيانات التي أدلى بها رئيسها أمامهم عن ضعف موقف العرب العسكري في فلسطين ووجوب اشراك الجيوش العربية النظامية في المعركة في أقرب وقت ممكن.
3) أن معظم الدول العربية لم تتعاون مع اللجنة العسكرية تعاوناً صادقاً ولا قدمت لها المساعدات اللازمة وأرسلتها بما احتاجت إليه قوات المتطوعين والقوات الفلسطينية من رجال وسلاح وعتاد ولوازم أخرى.
4) لم يحظ تشكيل جيش الانقاذ وقيادته برضى القادة الفلسطينيين فأدى وجوده الى جانب قوات جيش الجهاد المقدس أن التقارب. وقد نجم عن ذلك كله عدم التعاون والتنيق بين قيادتي القوتين.
المراجع:
- هاني الهندي: جيش الانقاذ، بيروت 1974.
- طه الهاشمي: مذكرات طه الهاشمي، بيروت 1967.
- عارف العارف: النكبة، بيروت 1956.
- صالح صائب الخوري: محنة فلسطين وأسرارها السياسية والعسكرية، بيروت 1970.