على أثر أحداث ثورة 1929* اتضحت أمام الشعب العربي الفلسطيني عدة حقائق منها أن أسلوب الاحتجاج والتظاهر والاضراب الذي اتبعه قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية من قبل في النضال ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني أسلوب غير ناجع ولا يمكن أن يبلغ بالحركة الوطنية إلى الهدف المنشودج. كما تبين له أن اللجوء إلى السلاح لمقاومة العدو أمر لا بد منه.
تشكلت عصابة الكف الأخضر في تشرين الأول 1929 بقيادة أحمد طافش.وهي أول تنظيم مسلح في المقاومة الفلسطينية. وكان ظهورها أمراً ذا دلالة خاصة أثار انتباه المندوب السامي البريطاني تشانسلور فكتب عنها تقريراً خاصاً إلى حكومته.
بدأت عصابة الكف الأخضر نشاطها في الشهر الذي تشكلت فيه فشنت هجوما على الحي اليهودي في صفد بالتعاون مع أنصارها داخل المدينة. تعززت العصابة في شهر تشرين الثاني 1929 بانضمام عدد من الثوار السوريين الذين حاربوا المستعمرين الفرنسيين في الثورة السورية عام 1925 فشنت بشكلها الموسع هجوماً آخر على صفد* في منتصف شهر تشرين الثاني 1929، مما حمل حكومة الانتداب على ارسال تعزيزات من الشرطة إلى المنطقة.
بعد وصول التعزيزات الى صفد ظهر رجال الكف الأخضر في قضاء عكا حيث اخذوا ينصبون الكمائن لدوريات الشرطة والجيش البريطاني. وقد دفع ذلك كله سلطات الانتداب الى حشد قوات كبيرة من الجيش استطاعت أن ترصد تحركات الثوار وتلاحقهم.
وفي الوقت ذاته سيرت قوات الاحتلال الفرنسية في سورية دوريات كبيرة وكثيرة على الجانب السوري من الحدود السورية الفلسطينية لمنع وصول الامدادات والنجدات من سورية إلى فلسطين.
تميزت عصابة الكف الأخضر بقدرتها على الحركة والمناورة لأنها عملت في منطقة ريفية كان فلاحوها يعطفون عليها ويقدمون إليها للمساعدات المختلفة. بيد أن الافتقار إلى التنسيق والتعاون بين العصابة والقيادة السياسة الفلسطينية مع اتباع المقاومة المسلحة واعتمادها إلى مناطق أخرى، ولا سيما منطقة نابلس. وقد ساعد هذا الوضع سلطات الانتداب على شن عمليات عسكرية كثيفة ضد الكف الأخضر، ولا سيما خلال الشهرين الأولين من عام 1930، واعتقال 16 مناضلاً من أفرادها المؤسسين. وقد أدى ذلك كله إلى أن تتوقف العصابة عن العمل بصورة مؤقتة لتعيد تنظيم صفوفها. وقد عادت إلى نشاطها بصورة محدودة في ربيع 1930.
نشطت قوات الجيش والشرطة مرة أخرى في ملاحقة رجال عصابة الكف الأخضر صيف 1930. واستطاعت سلطات الانتداب القاء القبض على قائدها أحمد طافش في الأردن. وقد أدى ذلك إلى توقف نشاطها.
المراجع:
- عبد الوهاب الكيالي: تاريخ فلسطين الحديث، بيروت 1973.
- كامل محمود خلة: فلسطين والانتداب البريطاني (1922-1939)، بيروت 1974.
- بيان نويهض الحوت: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948، بيروت 1981.
كفار أونو: رَ: قريات أونو