اجتماع عام عقد يوم 24/2/1933 في دار اللجنة التنفيذية ودعتا إليه بعض أعضائها بتأثير حزب الاستقلال* وتوجيهه، وحضره إلى جانب أعضاء اللجنة سبعون مندوباً يمثلون جميع القوى السياسية من مختلف أنحاء فلسطين وفيهم الحاج محمد أمين الحسيني* وراغب النشاشيبي*.
ترأس الاجتماع موسى كاظم الحسيني* وجرى في جلستين. وكانت الغاية منه بحث مشكلتي الهجرة وبيع الأراضي، والأخطار المحدقة بالبلاد بسبب عدم مبالاة الحكومة البريطانية باحتجاجات العرب وتوصيات اللجان والخبراء، والبحث عن خطط ايجابية ولمواجهة هذه الأخطار.
تكلم في الجلسة الأولى رئيس الاجتماع وعدد من المندوبين فبينوا الغاية منه، واستعرضوا أحوال البلاد ومسألتي الأراضي والهجرة منذ لجنة شو*سنة 1929، ونددوا بتساهل سلطات الانتداب وموقف الحكومة البريطانية، وتحدثوا عن العواقب الوخيمة لبيع الأراضي وتدفق الهجرة وهاجموا السماسرة وطالبوا “بإخراج من يبيعون الأراضي من حظيرة الدين”. وبين الخطباء أن الحكومة البريطانية وسلطات الانتداب تعمل لإبادة العرب واحلال اليهود محلهم، وأن الكتب البيضاء والسوداء “مخدرات للعرب”، وأن الخطط السلبية من اضراب واحتجاج واستجداء لا تكفي، ولا بد من عمل إيجابي لحمل الحكومة على سن قوانين لمنع الهجرة وبيع الأراضي، ويتم ذلك بالعصيان المدني والامتناع عن تسديد الضرائب* ومقاطعة لليهود والبضائع الانكليزية.
اتفق المجتمعون على تشكيل وفد برئاسة موسى كاظم الحسيني يحمل مقررات الاجتماع إلى المندوب السامي البريطاني في الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم نفسه. وقد حمل الوفد مباشرة عبر فيها المجتمعون عن تخوف عرب فلسطين من نشاط اليهود في اكتساح الأراضي العربية، ومن فتح باب البلاد على مصراعيه لمهاجريهم، وما أدى إليه ذلك من تشرد أهل القرى العربية والمزاحة الشديدة لمعايش العرب. وأعادت المذكرة إلى الأذهان ما ذكرته تقارير لجنة شو وسمبسون* وفرنش* حول هذه الحقائق. وأثبتت أن السلطات القائمة في فلسطين غير عادلة بالأخطار الهائلة التي تهدد العرب بالفناء، ولذلك فالمجتمعون “يرون أن لا علاج لهذه الحالة إلا حماية العرب كمجموع حماية قانونية، وذلك بوضع تشريع بمنع انتقال الأراضي العربية إلى اليهود منعاً باتاً، وبإغلاق باب البلاد دون الهجرة اليهودية. ويقررون أن يطالبوا من السلطات ذلك بكل اصرار وجزم، وأن يرفضوا سياسة التعاون مع الحكومة”. وقد قرروا تعبيراً عن سخطهم واستنكارهم لسياسة السلطة إعلان اضراب عام في البلاد في 5/3/1933. وبعد ذلك يدعون “في حالة عدم اجابة مطالب البلاد في ظرف شهر إلى عقد اجتماع آخر تقرر فيه الطرق من شأنها درء الأخطار المحدقة بالعرب والمحافظة على كيانهم القومي على أساس اللاتعاون”.
وقد رفض المندوب السامي المطالب العربية محتجاً بأنه يقوم بواجبه في تنفيذ أحكام الانتداب الذي لا يبرر منع بيع الأراضي وزاعما على أن الهجرة اليهودية تقوم على مقدرة البلاد على الاستيعاب.
عقدت الجلسة الثانية الاجتماع القدس بعد ظهر اليوم نفسه (24/2/1933) وكانت جلسة صاخبة اشتدت فيها حماسة الحاضرين وثار غضبهم لرفض المطالب العربية. وانتهت الجلسة باتخاذ القرارات التالية:
1) عقد اجتماع كبير في يافا يوم 6/3/1933 بدعوة من مكتب اللجنة التنفيذية للبحث في وضع أسس “اللاتعاون” مع حكومة الانتداب.
2) توجيه نداء إلى الأمة بين حقيقة الموقف الحاضر فيما يختص بمسألتي بيع الأراضي والهجرة.
3) تقوية شركة انقاذ الأراضي العربية وحث الأهالي على الاكتتاب في أسهمها.
4) قبول مبدأ تأليف وفد يطوف مع لجنة صندوق الأمة* لجمع الاكتتابات لشركة انقاذ الأراضي العربية، وتكليف لجنة صندوق الأمة بتنفيذ هذا القرار.
5) قبول مبدأ تأليف وفد آخر يمثل جميع الهيئات الوطنية ليطوف المدن والقرى المهددة أراضيها بخطر البيع من اليهود ويلقي المحاضرات والمصالح اللازمة.
6) تنظيم صندوق الأمة في جميع المدن والقرى وتشكيل فروع له تتولى جميع التبرعات الشهرية طبقاً للقانون الداخلي للمؤتمر العربي الفلسطيني*، والمطلب إلى اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشباب بتنفيذ هذا القرار.
7) تأجيل الاضراب الذي تعين موعده في جلسة الصباح إلى ما بعد عقد الاجتماع الكبير في يافا لأن الاضراب- بعد سماع جواب المندوب السامي – لا يكفي لاظهار استنكار البلاد لسياسة الحكومة.
8) الدعوة إلى إرسال برقيات احتجاج إلى المندوب السامي بسبب موقفه من المطالب العربية.
المراجع:
- محمد عزة دروزة: القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها، بيروت 1959.
- عبد الوهاب الكيالي (جمع وتصنيف): وثائق المقاومة، بيروت 1968.
- كامل محمود خلة: فلسطين والانتداب البريطاني 1922- 1939، بيروت 1974.
- تقرير اللجنة الملكية (لجنة بيل) 1937.
- جريدة الجامعة العربية، 26/2/1933.
القدس (برنامج -): رَ: المؤتمر الصهيوني