عالجت منظمة الصحة العالمية، حسب اختصاصها، نواحي محددة من قضية فلسطين. وقد تركزت معالجتها، بصورة خاصة، على الناحيتين التاليتين:
1) العناية الصحية باللاجئين.
2) انتهاكات (إسرائيل) لحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة من حيث علاقة هذه الحقوق، وانتهاكاتها، بالناحية الصحية.
بدأت منظمة الصحة العالمية معالجة الناحية الصحية للاجئين منذ نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في عامي 1947 – 1948، وأصدرت دورتها الثانية قراراً رقمه 2/76 (حزيران 1949)، فوضت بموجبه إلى المدير العام للمنظمة “معالجة الحوادث التي تتطلب عملاً مباشراً فيما يتعلق بوضع الللاجئين الفلسطينيين الصحي”، لأن هذا الوضع “في منطقة فلسطين لا يزال يسبب القلق، وربما يؤدي، إذا حدث تهاون في الإجراءات، إلى أوبئة يمكن أن تكون خطراً على البلاد الأخرى”. وقررت الجمعية تخصيص مبلغ في ميزانية عام 1950 لتغطية النفقات التي تحتاج إليها العناية بالوضع الصحي للاجئين الفلسطينيين ورأت “أن خير حل لهذه المشكلة، فيما يتعلق بالناحية الصحية منها هو الإسراع في إعادة توطين اللاجئين”.
استمرت جميعية الصحة العالمية في تخصيص قسم من ميزانية المنظمة في كل عام للغرض نفسه، حتى إذا وقع العدوان الإسرائيلي عام 1967 (رَ: حرب 1967)، وتشرد قسم آخر من الفلسطينيين نتيجة الأعمال العدوانية الإسرائيلية، وأصاب التشرد أيضاً قسماً من اللاجئين الفلسطينني أنفسهم (رَ: النازحين، حقوق -)، أخذت المنظمة تعالج الوضع الصحي على ضوء الواقع الجديد. فأصدرت جمعية الصحة العالمية في دورتها الحادية والعشرين (أيار 1968) قراراً برقم 22/25 دعت فيه “الدول الأعضاء إلى بذل كل ما في وسعها لتسهيل عودة الأشخاص المشردين تحسباً لأحوالهم الصحية”. وفي قرار آخر رقمه 22/43 دعت الجمعية “الدول الأعضاء إلى بذل جميع الجهود لتأمين الخير الاجتماعي للنازحين واللاجئين وسكان المنطقة المحتلة في الشرق الأوسط”. وتمكينهم من التمتع بصحة ذات مستوى عادي”. وطلبت من المدير العام للمنظمة “أن يتخذ جميع الإجراءات الفعالة التي تقع ضمن سلطته لصياغة الأحوال الصحية بين اللاجئين والنازحين في الشرق الأوسط”.
وفي الدورة الثالثة والعشرين اتخذت جمعية الصحة العالمية قراراً برقم 23/25 (21/5/1970) جاء فيه أن الجمعية “ترى من الضروري، بغية حماية اللاجئين والنازحين وصحتهم الجسمية والعقلية، أن يمنحوا في الحال حقهم في العودة إلى ديارهم وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة”. ومن الملاحظ أن الجمعية لم تعد تستعمل تعبير “إعادة توطين اللاجئين”، وإنما أخذت تستعمل بديلاً منه تعبير “حق العودة للاجئين والنازحين”، ويقصد بالنازحين أولئك الذين أصابهم التشرد إثر عدوان حزيران 1967.
ولأن (إسرائيل) ما زالت مستمرة في رفضها إعادة اللاجئين الفلسطينيين والأشخاص النازحين إلى ديارهم، مما يؤثر تأثيراً خطيراً في صحتهم العقلية والجسدية – حسبما ورد في مقدمة قرار الجمعية 27/42 – فقد أصدرت هذه الجمعية في دورتها السابعة والعشرين (21/5/1974) قراراً رقمه 27/42 استنكرت فيه “فشل إسرائيل في الامتثال لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالموضوع، وقرارات جمعية الصحة العالمية التي طالبت بالعودة الفورية للاجئين الفلسطينيين والأشخاص النازحين إلى ديارهم”.
كررت جمعية الصحة العالمية المفاهيم المذكورة في قراراتها التي أصدرتها في دوراتها المختلفة. وفي دورتها الثالثة والثلاثين أصدرت قراراً رقمه 23/18 (321 /5/1980) أكدت في مقدمته “مبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة، وأن أي احتلال للأراضي بالقوة يؤثر بشكل خطير على الأحوال الصحية والاجتماعية والنفسية والعقلية والجسدية للسكان الواقعين تحت هذا الاحتلال، وأنه لا يمكن تقويم ذلك إلا بالإنهاء التام والفوري لهذا الاحتلال”. كما دانت الجمعية بقرارها هذا “إسرائيل لامتناعها عن تنفيذ قرارات جمعية الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الدولية وهي تطالبها بالسماح للاجئين والنازحين بالعودة إلى ديارهم”.
هذا عن الأحوال الصحية للاجئين والعناية بها. أما عن انتهاكات (إسرائيل) لحقوق الإنسان وعلاقتها بالحالة الصحية لسكان الأراضي المحتلة فقد دعت جمعية الصحة العالمية في قرارها 23/52 (د-23 أيار 1970) “إسرائيل إلى التقيد بالتزاماتها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب، والمؤرخة في 12/8/1949، بغية الحفاظ على حياة سكان المناطق المحتلة وصحتهم الجسمية والعقلية” لأن رفض إسرائيل التقيد بهذه الاتفاقية – كما ورد في مقدمة القرار- ورفضها تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين والنازحين “يستمران في التسبب في أذى بالغ لحياة سكان المناطق المحتلة وصحتهم، وللاجئين والنازحين في الشرق الأوسط “.
أنذرت الجمعية في قرارها 24/33 (د – 24 في أيار 1971) (إسرائيل) لأن “مخالفاتها لحقوق الإنسان الأساسية، الخاصة باللاجئين والنازحين، وسكان الأراضي المحتلة، تشكل عائقا خطراىلصحة سكان الأراضي المحتلة، وهو أمر ان استمر فيسجعل من الضروري أن تنظر المنظمة في تطبيق المادة السابعة من دستورها. وتنص المادة السابعة على فرض عقوبة تعليق الحق في التصويت ومنح المساعدات على الدولة التي تخالف دستور المنظمة.
وفي الدورة الخامسة والعشرين أصدرت الجمعية قرارا رقمه 25/54 (25/5/1972) استنكرت فيه “أفعال إسرائيل المتكررة بطرد السكان وتهديم منازلهم وملاجئهم. التي من شأنها أن تؤثر مباشرة في صحتهم العقلية والجسدية، وتشكل خطراً لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949”. ولأن (إسرائيل) ظلت مستمرة في سياستها المنافية لحقوق الإنسان ومبادىء القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ودستور منظمة الصحة العالمية. شكلت الجمعية بقرارها 26/56 (د- 26 في أيار 1973) “لجنة خبراء خاصة تعين من قبل ثلاث دول أعضاء، يختارها مجلس المنظمة التنفيذي “مهمتها” أن تدرس الشروط الصحية، بجميع مظاهرها لسكان المناطق المحتلة في الشرق الأوسط، وأن تقدم تقريراً شاملاً عما وجدته إلى دورة الصحة العالمية السابعة والعشرين”. وطلبت الجمعية من الحكومات المعنية التعاون مع اللجنة “لتسهيل حرية تحركاتها في المناطق المحتلة”. غير أن اللجنة لم تستطع أن تقدم تقريراً شاملاً إلى الدورة السابعة والعشرين للجمعية، لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية منعتها من الدخول إلى الأراضي المحتلة، ورفضت التعاون معها. ولهذا حثت الجمعية في قرارها 27/42 (د- 27 أيار 1974) “إسرائيل على أن تتعاون، بصورة كاملة، مع اللجنة الخاصة، وأن تسهل، خاصة، حرية تنقلها في المناطق المحتلة”. وبالرغم من ذلك استمرت (إسرائيل) في رفضها التعاون مع اللجنة مما دعا الجمعية في قرارها 28/35 (د-28 أيار 1975) إلى إدانة “رفض إسرائيل التعاون مع اللجنة”. وطلبت من حكومتها مرة أخرى، “أن تتعاون مع اللجنة، وبصورة خاصة أن تسهل حرية تحركها في الأراضي المحتلة”. وتكررت هذه الإدانة في قرار الجمعية 29/69 (د-29 أيار 1976)، مما دعا (إسرائيل) إلى تقديم معلومات إلى اللجنة عن الحالة الصحية في الأراضي المحتلة، دون السماح للجنة بزيارة هذه الأراضي، ولهذا رأت الجمعية في قرارها 30/37 (د – 30 في 18/5/1977) أن هذه المعلومات “تتعارض مع القرار 26/56، ولذا فهي معلومات غير ذات موضوع”. ولذا فهي معلومات غير ذات موضوع”. ولهذا السبب دانت الجمعية في القرار ذاته “إسرائيل، لتجاهلها القرارات السابقة التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية”. وكررت طلبها إلى “السلطات الإسرائيلية المحتلة أن تسمح للجنة الخاصة للخبراء، بهذه الصفة بزيارة جميع الأراضي المحتلة، وضمان حرية حركة اللجنة الخاصة لكي تتمكن من الانفصال مباشرة بالسكان العرب الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي وبالمؤسسات العربية والمجموعات المستهدفة من السكان. وفي حال إخفاق إسرائيل في الإذعان لطلب الجمعية، ينبغي على الدول الأعضاء النظر في اتخاذ الإجراء المناسب بمقتضى دستور جمعية الصحة العالمية، وبعد أن يقدم المدير العام تقريراً عن ذلك”.
استمرت (إسرائيل) في رفضها السماح للجنة بزيارة الأراضي المحتلة، فقدمت وفود الدول العربية. إلى الدورة الثانية والثلاثين للجمعية (أيار 1979)، مشروع قرار بتطبيق المادة السابعة من دستور الجمعية. غير أن تكتل الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا الغربية، وسحبها إلى الالتفاف على مشروع القرار دعا الوفود العربية إلى تأجيل طرح الموضوع أمام الجمعية .
قدمت اللجنة الخاصة تقريرها إلى الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية (أيار 1980). وقد عبرت الجمعية بقرارها 23/18 (21/5/1980) عن مشاركتها للجنة “رأيها في أنه من العقيم تخيل إمكانية تحقيق اكتمال السلامة المبدئية والعقلية والاجتماعية في ظروف الاحتلال”. وطلبت من اللجنة أن تتابع مهمتها وتقدم تقاريرها.
دانت الجمعية في قرارها المذكور “جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير المعالم الطبيعية، والتكوين الجغرافي أو البيئة المؤسساتية والقانونية في الأراضي العربية المحتلة، بما فيها فلسطين” وأعلنت أن “بناء المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها فلسطين، والاستغلال غير الشرعي للثروات والموارد الطبيعية للسكان العرب في هذه الأراضي، ولا سيما الاستيلاء على مصادر المياه العربية وتحويلها لأغراض الاحتلال والاستيطان، تلحق ضرراً بالغاً بصحة السكان”. ودانت الجمعية أيضاً “الممارسات اللاإنسانية التي يتعرض لها السجناء والمعتقلون العرب في السجون الإسرائيلية، مما يؤدي إلى تردي أحوالهم الصحية والنفسية والعقلية”.
المراجع:
– مؤسسة الدراسات الفلسطينية: قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي – الإسرائيلي، بيروت.
– تقارير خاصة عن دورات جمعية الصحة العالمية.
صحيفة: رَ: الاتحاد العربي
رَ: الإقدام
رَ: الأنباء
رَ: البشير
رَ: الجهاد
رَ: الحرية ونداء الأرض
رَ: الحياة
رَ: الدفاع
رَ: سورية الجنوبية
رَ: الشعب
رَ: الصريح
رَ: صوت الشعب
ر: القدس
رَ: فلسطين
رَ: الكرمل
رَ: لسان العرب
رَ: مرآة الشرق
رَ: النفير
رَ: اليرموك