هذه الأنظمة من أكثر التشريعات تخلفاً وقسوة وبعداً عن الإنسانية في العالم. فهي تطلق بيد الحاكم العسكري بالتنكيل بالمواطنين ومصادرة حرباتهم وأموالهم وممتلكتهم، بل أرواحهم.
لم تصدر هذه الأنظمة دفعة واحدة إذ بدأت سلطات الانتداب البريطاني تصدرها عام 1936 لسحق الثورة الفلسطينية (رَ: ثورة 1936 – 1939). ثم دفع صمود الثورة وتصاعدها الحكومة البريطانية إلى أن تصدر سنة 1937 مرسوم الدفاع الذي حول المندوب السامي البريطاني سلطة إصدار نظام الدفاع (المحاكم العسكرية) لعام 1937. وكان هذا النظام يعدل من وقت لآخر بإضافة مواد جديدة إلى أن استبدل به نظام الدفاع لسنة 1939.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية عادت السلطات البريطانية إلى تحديد العمل بهذه الأنظمة فاصدر القائم بإدارة الحكومة نظام الدفاع (الطوارىء) لسنة 1945 استناداً إلى السلطات المخولة للمندوب السامي في المادة السادسة من مرسوم الدفاع عن فلسطين لسنة 1937.
وقد نشر هذا النظام في الملحق رقم2، العدد رقم 1442 من الوقائع الفلسطينية بتاريخ 27/9/1945. وتألف من 147 مادة مقسمة إلى أربعة عشر فصلاً.
ظلت السلطات الإسرائيلية تطبق هذا النظام على عرب فلسطين بعد قيام (دولة إسرائيل)، ثم عممت تطبيقه على المناطق المحتلة بعد حزيران 1967.
وفيما يلي موجز لأهم ما نص عليه هذا النظام:
أ- الفصل الأول: ويتضمن اعتبار هذا النظام، أو أي أمر، أو مرسوم، أو إنهاء، أو تكليف، أو إعلان صدر بمقتضاه، “تشاريع طوارىء” تنطبق عليها أحكام القانون التفسيري لسنة 1945، واعتبارها قوانين.
ويعطي هذا الفصل سلطة تعيين القادة العسكريين وتحويلهم على ممارسة السلطات وإعطاء الرخص والتصاريح وغير ذلك.
وتؤكد نصوص هذا الفصل مدى مجافاة هذا النظام لمنطق العدالة وروحها من حيث إجازته إصدار الأمر أو الإنهاء أو التكليف أو الإعلان شفهياً دون أن يسمح للشخص بالاعتراض عليها أو إثبات بطلانها لأنه لم يعلم بها.
ب- الفصل الثاني: ويتعلق بتأليف المحاكم العسكرية واختصاصها، والقبض على المشتبه بهم، وإجراءات المحاكمة، وتنفيذ العقوبات، والعفو. ومن بين ما تضمنه هذا الفصل:
1) إعطاء حق القبض على أي شخص لمجرد الاشتباه بأنه ارتكب جرماً.
2) اشتراط الحصول على إذن مسبق من رئيس المحكمة كي يتولى محام الدفاع عن أي متهم.
3) النص على التزام المحاكم بالشرائع الإنكليزية فيما يتعلق بقبول البينة.
ج- الفصل الثالث: تناول هذا الفصل الجرائم التي تستوجب المحاكمة أمام المحاكم العسكرية وهي:
1) إطلاق النار بصورة غير مشروعة، وعقوبتها الحبس المؤبد أو الحبس لأي مدة أخرى تراها المحكمة.
2) حيازة الأسلحة غير المشروعة، وعقوبتها الحبس المؤبد أو الحبس لأي مدة أخرى تراها المحكمة.
3) ارتداء البزة العسكرية بصورة غير مشروعة، وعقوبتها الحبس المؤبد أو الحبس لأي مدة أخرى ترتيئها المحكمة.
4) التدريب أو التدرب على استعمال الأسلحة أو التمرينات أو الحركات العسكرية، وعقوبتها الحبس لمدة سبع سنوات.
5) العبث بالمواصلات والإضرار بها، وعقوبتها الحبس المؤبد أو الحبس لأي مدة أخرى وترتيئها المحكمة.
6) مساعدة أي شخص ارتكب جزما بعد وقوع هذا الجزم، وعقوبتها الحبس لمدة ثلاث سنوات.
د- الفصل الرابع: ويشمل أحكاماً عاماً بالنسبة إلى الجرائم التي تستوجب المحاكمة أمام المحاكم النظامية. ويؤكد أن قانون العقوبات المعمول به في فلسطين هو المطبق على هذه المحاكمات مع مراعاة أحكام هذا النظام.
هـ- الفصل الخامس: ويتضمن ما يلي:
1) تأكيد حق أي فرد من أفراد الشرطة* أو أي مختار في القبض على أي شخص إذا كان لديه ما يدعو للاعتقاد بأنه ارتكب ما يعتبر جزماً وفق أحكام هذا النظام.
2) اعتبار كل مدير أو موظف في هيئة معنوية ارتكبت جزماً مرتكباً لذلك الجزم إلا إذا أثبت أنه لم يكن على علم به.
3) إعطاء أي فرد من أفراد الشرطة، إذا كان هناك ما يدعو للاشتباه، سلطة ضبط وحجز أية بضائع أو أدوات أو مستندات أو أشياء، وسلطة الدخول إلى العقارات أو الأماكن أو المركبات أو السفن أو الطائرات وتفتيش الأشخاص.
و- الفصل السادس: ويتعلق بمراقبة الآليات أثناء الطوارىء. وهو مقتبس من نظام الدفاع (مراقبة المركبات أثناء الطوارىء) لسنة 1944 الصادر بمقتضى قانون الدفاع لسنة 1939.
ز- الفصل السابع: ويتناول هذا الفصل عقوبات الجمعيات غير المشروعة، وهو مأخوذ من نظام الطوارىء لسنة 1944. والمقصود بالجمعية غير المشروعة أية جماعة من الناس مسجلة أو غير مسجلة تنطبق عليها الحالات التالية:
1) إذا نشطت، أو حرصت أو شجعت بنظامها الأساسي، أو ما تقوم به من أعمال، قلب دستور فلسطين بالقوة، أو حرضت على كره أو ازدراء حكومة بريطانيا، أو حكومة فلسطين، أو ارتكاب أعمال إرهاب ضد موظفي حكومة بريطانيا أو المندوب السامي أو موظفي حكومة فلسطين.
2) إذا أعلن المندوب السامي في الوقائع الفلسطينية أن جماعة ما جمعية غير مشروعة عد مجرماً كل من كان عضواً فيها، أو أدارها، أو ساعد في إدارتها، أو ساعد في إدارتها، أو أجرى عملاً أو أدى خدمة لها، أو حضر اجتماعاً عقدته، أو سمح لها بعقد اجتماع في منزله أو محل يخصه، أو وجد في حيازته أو تحت رقابته كتاب أو حساب أو مجلة أو دستور أو جريدة أو أي مستند آخر أو شعار أو أموال تخص الجمعية أو تنطلق بها أو يستدل على أنها تخصها أو تتعلق بها، أو جمع أو تسلم أو طالب بأي تبرع أو اشتراك للجمعية. والعقوبات المترتبة على هذه الأعمال هي الحبس لمدة ثلاث سنوات، أو غرامة مائة جنيه. أو كلتا العقوبتين إذا جرت المحاكمة بمقتضى صلاحية قانون محاكم الصلح لسنة 1939، وعقوبة الحبس لمدة عشر سنوات أو غرامة مائتي جنيه أو كلتاهما إذا جرت المحاكمة بمقتضى قانون أصول المحاكمات الجزئية.
ح- الفصل الثامن: ويتناول هذا الفصل موضوع الرقابة، وأهم ما تضمنه:
1) إعطاء الرقيب حق منع نشر أية مادة يرى أنها تضر، أو يحتمل أنها ستضر، بالدفاع عن فلسطين، أو السلامة العامة، أو بالنظام العام. ويعد مخالفاً لهذا النظام كل من قام بكتابة أو طباعة أو تصوير أو رسم المادة الممنوعة، وصاحب ومحرر المطبوع الذي نشرت فيه تلك المادة.
2) إعطاء الرقيب سلطة فحص وحجز جميع رزم البريد والطرود.
3) إعطاء الموظف المفوض سلطة تفتيش المسافر أو القادم إلى فلسطين إذا كان لديه أي سبب معقول يحمله على الاشتباه بأن هذا الشخص يحمل أية مادة ممنوعة بموجب هذا الفصل.
4) إعطاء الموظف المفوض سلطة معاينة وتفتيش البضائع المشحونة من فلسطين أو إليها لتأكد من أنها غير ممنوعة بموجب أحكام هذا الفصل.
5) إعطاء حاكم اللواء سلطة منح رخص للجرائد وسحبها دون إبداء أسباب.
6) إعطاء الرقيب سلطة طلب عرض المواد التي يزاد طبعتها أو نشرها عليه قبل الطبع أو النشر.
7) إعطاء الرقيب سلطة مصادرة أو خطر استعمال أي مطبعة أو أداء أو جهاز استعمل في طبع مطبوع غير مشروع.
ط – الفصل التاسع: يتعلق هذا الفصل بالمهاجرين الممنوعين من القدوم إلى فلسطين. وهو بموجب أحكامه مصادرة أي سفينة في مياه فلسطين الإقليمية إذا كانت تحمل أي مهاجر ممنوع دخوله فلسطين بموجب المادة الخامسة من قانون المهاجرة لسنة 1941، واعتبار صاحب السفينة أو وكيلها أوربانها مرتكباً جرم عقوبته الحبس لمدة ثماني سنوات، أو غرامة مقدارها ألف جنيه، أو كلنا العقوبتين. وقد قصر حق إقامة الدعوى بالتهمة السابقة على النائب العام أو بموافقته.
وبموجب أحكام هذا الفصل يعتبر كل مهاجر ممنوع من الدخول يعثر عليه في سفينة داخل مياه فلسطين الإقليمية مرتكباً جزماً عقوبته الحبس لمدة ستة أشهر، أو غرامة مقدارها مائة جنيه، أو كلتا العقوبتين.
ي- الفصل العاشر: ويتعلق هذا الفصل بأوامر تقييد تنقل الأشخاص ووضعهم تحت رقابة الشرطة واعتقالهم وإبعادهم.
1) وبموجب هذا الفصل يحق للمندوب السامي أو للقائد العسكري أن يصدر هذه الأوامر لتأمين السلامة العامة، أو للدفاع عن فلسطين، أو للمحافظة على النظام العام، أو لإخماد عصيان أو ثورة أو شغب.
2) وبموجب هذه الأوامر فإن للقائد العسكري أن يمنع أي شخص من البقاء في أي منطقة في فلسطين يحددها الأمر، وأن يكلف أي شخص بتبليغ السلطات عن تنقلاته.
3) يجوز للقائد العسكري أن يضع أي شخص تحت رقابة الشرطة لمدة لا تزيد على سنة واحدة. ويترتب على هذا الشخص أن يقيم ضمن حدود المنطقة التي يحددها الأمر، وألا يسمح له بالانتقال إلى أي منطقة أخرى إلا بتصريح خطي من مدير الشرطة، وأن يعلم الشرطة بمكان سكنه، وألا يغادر مسكنه من بعد غروب الشمس بساعة واحدة إلى شروق الشمس في اليوم التالي.
4) كما يجوز للقائد العسكري أن يأمر باعتقال أي شخص بمدة لا تزيد على سنة واحدة. وكل من يصدر يحقه مثل هذا الأمر يحق له الاعتراض لدى لجنة استشارية يعينها المندوب السامي وتكون مهمتها رفع التوصيات بشأن الاعتراضات إلى القائد العسكري.
5) وللمندوب السامي بموجب هذا الفصل إصدار أمر بطلب فيه من أي شخص مغادرة فلسطين والبقاء خارجها. ويسمى الأمر أمر الإبعاد.
ك- الفصل الحادي عشر يتعلق هذا الفصل بالاستيلاء بموجبه يحق لحاكم اللواء اذا بدا له أن ذلك ضروري أو ملائم للسلامة العامة، أو للدفاع عن فلسطين، أو لصيانة النظام العام، أو لصيانة المدن أو المصالح الضرورية لحياة السكان، يحق له أن يضع يده على أية أرض أو يحتفظ بها. وله التصرف بها وفق ما يريد.
كما يجوز لحاكم اللواء الاستيلاء على أية مادة أو مركبة أو حيوان أو زورق أو سفينة صغيرة إذا بدا له أن ذلك ضروري أو ملائم للسلامة العامة، أو للدفاع عن فلسطين أو عن النظام العام، أو للمحافظة على المدن أو المصالح الضرورية لحياة السكان.
ل- الفصل الثاني عشر: ويتعلق هذا الفصل بأوامر تقييد تنقل الأشخاص ووضعهم تحت رقابة الشرطة واعتقالهم وإبعادهم.
1) وبموجب هذا الفصل يحق للمندوب السامي أو القائد العسكري أن يصدر هذه لأوامر لتأمين السلامة العامة، أو للدفاع عن فلسطين، أو للمحافظة على النظام العام، أو لإخماد عصيان أو ثورة أو شعب.
2) وبموجب هذه الأوامر فإن القائد العسكري أن يبلغ أي شخص من البقاء في أي منطقة من فلسطين يحددها الأمر، وأن يكلف أي شخص بتبليغ السلطات عن تنقلاته.
3) ويحرز للقائد العسكري أن يضع أي شخص تحت رقابة الشرطة لمدة لا تزيد على سنة واحدة. ويترتب على هذا الشخص أن يقيم ضمن حدود المنطقة التي يحددها الأمر، وألا يسمح له بالانتقال إلى أي منطقة أخرى إلا بتصريح خطي من مدير الشرطة، وأن يعلم الشرطة بمكان سكنه، وألا يغادر سكنه من بعد غروب الشمس بساعة واحدة إلى شروق الشمس في اليوم التالي.
4) كما يجوز للقائد العسكري أن يأمر بأعتقال أي شخص لمدة لا تزيد على سنة واحدة. وكان من يصدر مثل هذا الأمريحق له الاعتراض لدى لجنة استشارية يعينها المندوب السامي وتكون مهمتها رفع التوصيات بشأن الاعتراضات إلى القائد العسكري.
5) وللمندوب السامي بموجب هذا الفصل إصدار أمر يطلب فيه من أي شخص مغادرة فلسطين والبقاء خارجها. ويسمى هذا الأمر أمر الإبعاد.
ك- الفصل الحادي عشر: يتعلق هذا الفصل بالاستيلاء. وبموجبه يحل لحاكم اللواء إذا بدا له أن ذلك ضروري أو ملائم للسلامة العامة، أو للدفاع عن فلسطين، أو لصيانة النظام العام، أو لصيانة المدن أو المصالح الضرورية لحياة السكان، يحق له أن يضع يده على أية أرض أو يحتفظ بها. وإما التصرف بها وفق ما يزيد.
كما يجوز لحاكم اللواء الاستيلاء على أية مادة أو مركبة أوحيوان أو زورق أو سفينة صغيرة إذا بدا له أن ذلك ضروري أو ملائم للسلامة العامة، أو للدفاع عن فلسطين أو عن النظام العام، أو للمحافظة على المدن أو المصالح الضرورية لحياة السكان.
ل- الفصل الثاني عشر: وبموجب أحكام هذا الفصل يجوز لأي قائد عسكري أن يصدر أمراً بمصادرة وهدم أية دار أو بناية أو أرض وإتلاف مزروعاتها إذا كان لديه ما يحمله على الاشتباه بأن عياراً نارياً أطلق منها بصورة غير قانونية، أو أن قنبلة أو مادة متفجرة أو غيرها ألقيت منها بصورة غير قانونية. وله أن يصدر مثل هذا الأمر أيضاً اقتنع أن سكان أي منطقة أو مدينة أو قرية أو محلة أو شارع قد ارتكبوا، أو حاولوا ارتكاب جرم ينطوي على العنف أو التخويف، أو أي جرم من الجرائم التي تستوجب المحاكمة أمام المحاكم العسكرية، أو ساعدوا على ارتكاب مثل هذا الجرم.
م-الفصل الثالث عشر: ويتعلق هذا الفصل بتنقلات الأشخاص وحركة المرور، وبموجبه:
1) يحق لأي قائد عسكري أو لمن يفوضه أن يمنع أو يقيد استعمال الطرق العامة والخاصة. وله أن يكلف من يمتلكون أو يحوزون أي مركبة أن يستعملوا مركباتهم لنقل البضائع التي يعينها في الأوقات والخطوط التي يحددها.
2) وله أن يمنع، أو يقيد، أوينظم سفر الأشخاص بصورة عامة أو خاصة.
3) يجوز لأي فرد من أفراد الشرطة أن يأمر جميع أو بعض سكان أية مدينة أو قرية أو منطقة أن يزيلوا من أي حاجز أو قطع زجاج أو مسامير، أو أي عوائق أو حواجز أخرى تعطل استعمال تلك الطريق.
4) يجوز لأي قائد عسكري، أن يطلب من أي شخص البقاء في بيته خلال الأوقات التي يحددها له. وله أن يعلن أن منطقة ما منطقة محظورة.
ن– الفصل الرابع عشر: ويتضمن هذا الفصل أحكاماً مختلفة منها:
1) سلطة المندوب السامي في إغلاق جميع مكاتب البريد، أو تعطيل الخدمات فيها إذا رأى ذلك ضرورة للسلامة العامة أو للدفاع عن فلسطين أو عن النظام العام.
2) سلطة أي قائد عسكري في إصدار الأوامر لفتح وإغلاق أي حانوت أو محل عمل.
3) سلطة المندوب السامي بتقييد استعمال الخدمة الهاتفية من قبل أي شخص.
4) سلطة توقيف المشتبه بهم والتحقيق في الوفيات المشتبه بها.
5) أحكام مع وتقييد وتنظيم شراء أو بيع الأسلحة النارية وحيازتها.
المراجع:
– الوقائع الفلسطينية، الملحق2، العدد 1442، القدس 28/9/1945.
– صبري جريس: العرب في إسرائيل، بيروت 1973.