فرقة إسلامية إسماعيلية فاطمية تؤمن بإمامه الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي تولى الخلافة في رمضان 386/ 996م (رَ: الفاطميون). وقد قام بأعمال اتسمت بالتناقض الظاهري الشديد فاختلفت فيه آراء الناس قديماً وحديثاً. ورأي بعض المؤرخين إلى أعماله هذه، وبطشه بكبار رجال الدولة، وإزالته رجال الدعوة الإسماعيلية القائمة، كانت تمهيداً لإحلال دعوته محل دعوتهم.
فلما قضى على خصومه وأخذ الثورات الكثيرة التي واجهته في مصر وفلسطين واستتب له الأمر بدأ دعاته التحرك التحرك الديني العلني، ونجم عن ذلك عقيدة جديدة عرفت باسم “عقيدة التوحيد” واشتهرت باسم “الدرزية” نسبة إلى أحد دعاتها أنشتكين الدرزي الذي أعدم في القاهرة سنة 410هـ/ 1019م.
اختفى الحاكم بأمر الله في ليلة 27 شوال 411هـ/ 1021م، وأحدث غيابه المفاجىء دوياً كبيراً، وحار الناس في كشف مبهمه. واختفى كذلك المسؤول عن الدعوة جمزة بن علي. وقد قام بأمور الدعوة بعده علي بن محمد الضيف المفتي بهاء الدين الذي كان له شأن كبير في نشرها والقضاء على الانشقاقات فيها. وقد اختفى هو أيضاً سنة 435هـ/ 1043م.
تقبل الدعوة أمراء تنوخ* في لبنان وجماعات قليلة من سكان بلاد الشام وفلسطين. وقد أصبح العدد الأكبر من أتباع هذه العقيدة في بلاد الشام، وبخاصة بعد أن نكّل الظاهر علي ابن الحاكم بأمر الله بالدروز في مصر وطاردهم.
وهم يقيمون اليوم في جبل لبنان، وفي جبل العرب والجولان بسورية، وفي عدد من قرى الجليل في فلسطين منها: دالية الكرمل، وعسفيا، وحرفيش، وبيت جن، وعين الأسد، وكسرا، ويانوح، والبقيعة، وكفر سميع، وجت، ويركا، والنبي شعيب، والمغار*، والمنصورة*، والرامة، وأبو سنان، وجولس*، وسجور.
كان للدروز شان كبير في مقاومة الاستعمار في بلاد الشام، وانطلقت من منطقتهم في جبل العرب الثورة السورية الكبرى سنة 1925 التي قادها سلطان الأطرش. وقد كان موقف سلطات الاحتلال الإسرائيلية من الدروز خاصاً نابعاً من حقيقة الدور الوظيفي الذي خلق من أجله الكيان الصهيوني، وهو التصدي لحركة الوحدة العربية وتنفيذ سياسة التجزئة. ولذلك سارعت السلطات الصهيونية منذ احتلالها أرض فلسطين العربية سنة 1948 لتجعل منهم أقلية متميزة من سائر اخوانهم العرب في الأرض المحتلة مستعينة ببعض زعماء الدروز المتعاونين معها، فاعلنت اعترافها بالدروز طائفة دينية مستقلة وفرضت عليهم سنة 1957 الخدمة الإلزامية في (الجيش الإسرائيلي) على خلاف العرب الآخرين، ثم أقرت الكنيست* قانون المحاكم الدرزية سنة 1962. وأدعى الصهيونيون كذباً أن ذلك كله إنما تم بطلب من شيوخ الدروز. وصاروا يبثون داخل الأرض المحتلة وخارجها دعايات تزعم أن الدروز “قومية متميزة” و”شعب منفصل” يعيش منعماً في “جنة إسرائيل”، وأشاعوا التمييز بين “قرى عربية” و”قرى درزية” ساعين لكسب الدروز إلى جانبهم وزعزعة انتمائهم إلى الأمة العربية والوطن العربي.
لكن هذه السياسة، وان استجابت لها قلة من الدروز مكرهين، ظلت غربية نبذها معظمهم. وقد ارتفعت الصيحات محتجة على تجنيد الدروز الإلزامي في (الجيش الإسرائيلي). مطالبة بإلغائه لأن الدروز عرب وما “القومية الدرزية” إلا اختراع صهيوني لا أساس له من الصحة.
وقد ألفت القوى الوطنية التقدمية الدرزية في الأرض المحتلة لجنة أطلقت على نفسها اسم “اللجنة الدرزية المستقلة” وحملت مسؤولية العمل على التجنيد الإلزامي، وإلغاء التفرقة بين الدروز وباقي العرب في الأرض المحتلة، وإعادة الطائفة إلى أصلها، فهي “جزء غير منفصل من الشعب العربي، وليست الحكومة الإسرائيلية، ولا الصهيونية، هي التي تقرر إذا كنا عرباً أم لا” كما يقول رئيس اللجنة.
وإذا كانت السلطات الإسرائيلية تؤلف اللجان “لدراسة أوضاع الدروز” وتتبنى أحياناً توصياتها بتقديم “امتيازات للدروز”، وبإقامة “صندوق لتشجيع أبناء الطائفة الدرزية”، وبإقامة “وحدة تخطيط اقتصادي لتطوير القرى الدرزية”، وتوصي بزيادة “المساعدات للمجالس المحلية الدرزية، واستيعاب المثقفين منهم في الجهاز العام والحكومي، وفتح نواد للشباب، وتخصيص أماكن في كلية الطب لشبان الدروز….”، إذا كانت تفعل ذلك فهي لا تفعله حباً بالدروز بل سعياً للتفريق بينهم وبين إخوانهم العرب من الطوائف الأخرى. والحقيقة أن ذلك كله ليس إلا دعاية سياسية بعيدة عن التحقيق، فلما برحت هذه السلطات تميز في المعاملة بينهم وبين الصهيونيين، وما زالت أوضاع الدروز وأحوال قراهم مختلفة شأنها في ذلك شأن القرى العربية الأخرى. ولم تتوان السلطات الإسرائيلية المحتلة عن مصادرة أراضي القرى الدرزية كغيرها من أراضي القرى العربية. فقد سلبت 2.500 دونم من أراضي قرية ساجور، و3.000 دونماً من أراضي قرية حرفيش، و5.000 دونم من أراضي بيت جن. وما زالت أماكن العمل الكثيرة، متدنية وحكومية، توصد أبوابها في وجه الشبان الدروز.
المراجع:
– الحسن بن موسى النوبختي: فرق الشيعة، استنابول 1931.
– أحمد بن حمدان الرازي: الزينة، القاهرة 1957.
– محمد بن أحمد الماطي: التنبيه والرد، القاهرة 1968.
– عبد القادر البغدادي: الفرق بين الفرق، القاهرة 1328ه.
– أبو زيد أحمد بن سهل البلخي: البدء والتاريخ، باريس 1916.
– ابن حزم الأندلسي: الفصل بين المال والنحل، بغداد.
– حسن بن يوسف الحلي: الألفين في إمامة أمير المؤمنين، النجف 1953.
– محمد بن طولون: الآئمة الاثنا عشر، بيروت.
– أحمد بن يحيى المرتضي: المنية والأمل في شرح الملل والنحل، بيروت 1979.
– برنارد لويس: أصول الاسماعيلية (مترجم)، القاهرة.
– سامي نسيب مكارم: أضواء على مسالك التوحيد – الدرزية، بروت 1966.
– حبيب قهوجي : عرب فلسطين المحتلة عام 1948،انتماء وصمود،دمشق 1976.
– صبري جريس : العرب في اسرائيل “2”بيروت 1967.