أعلن الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية عن مشروعه الخاص بإقامة “المملكة العربية المتحدة” يوم 15/3/1972. وقد أشار في معرض إعلانه إلى أن اقتراحه يأتي نتيجة “مباركة لسلسلة طويلة من الأبحاث المتصلة والمشاورات المستمرة” عقدت مع “ممثلي الشعب ورجالاته في الضفتين، وقادة الرأي ورجال الفكر فيهما”. وحدد الملك مشروعه في النقاط التالية:
“1) تصبح المملكة الأردنية الهاشمية مملكة عربية متحدة، وتسمى بهذا الأسم.
“2) تتكون المملكة العربية المتحدة من قطرين.
(1) قطر فلسطين: ويتكون من الضفة الغربية وأية أراض فلسطينية أخرى يتم تحريرها ويرغب أهلها في الانضمام إليها (أي المملكة المقترحة).
(2) قطر الأردن: ويتكون من الضفة الشرقية.
“3) تكون عمان العاصمة المركزية للمملكة، في الوقت نفسه تكون عاصمة لقطر الأردن.
“4) تكون القدس* عاصمة لقطر فلسطين.
“5) رئيس الدولة هو الملك. ويتولى السلطة التنفيذية المركزية ومعه مجلس وزراء مركزي. أما السلطة التشريعية المركزية فتناط بالملك، وبمجلس يعرف باسم مجلس الأمة. ويجري انتخاب أعضاء هذا المجلس بطريق الاقتراع السري المباشر، وبعدد متساو من الأعضاء لكل من القطرين.
“6) تكون السلطة القضائية المركزية منوطة بمحكمة عليا مركزية.
“7) للمملكة قوات مسلحة واحدة قائدها الأعلى الملك.
“8) تنحصر مسؤوليات السلطة التنفيذية المركزية في الشؤون ذات العلاقة بالمملكة كشخصية دولية واحدة، وبما يكفل سلامة المملكة واستقرارها وازدهارها.
“9) يتولى السلطة التنفيذية في كل قطر حاكم عام من أبنائه، ومجلس وزراء قطري من أبنائه أيضاً.
“10) يتولى السلطة التشريعية في كل قطر مجلس يعرف باسم مجلس الشعب ويتم انتخابه بطريق الاقتراع السري المباشر. وهذا المجلس هو الذي ينتخب الحاكم العام للقطر.
“11) السلطة القضائية في القطر هي محاكم القطر، ولا سلطان لأحد عليها.
“12) تتولى السلطة التنفيذية في كل قطر جميع شؤون القطر، باستثناء ما يحدده الدستور للسلطة التنفيذية المركزية. ومن الطبيعي أن يصار في تنفيذ هذه الصيغة ومرتكزاتها إلى الأصول الدستورية المتبعة فتحال إلى مجلس الأمة ليتولى اتخاذ الإجراءات لوضع الدستور الجديد للبلاد”.
وقد أثار مشروع الملك حسين هذا زوبعة سياسية كبيرة. ففي الوقت الذي راجت فيه شائعات عن أن عدداً من الدول العربية التي اعتصمت بالصمت. علاوة على الولايات المتحدة الأمريكية، قد وافقت ضمنياً على المشروع، تحدثت إشاعات أخرى عن أن المشروع قد تم بمباركة أجنبية. ومع ذلك، وعلى أثر حملة دبلوماسية قادها الأردن لصالح مشروع الملك، وحملة فلسطينية مضادة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية*، أعلنت بعض الدول العربية والأجنبية وبعض القوى السياسية الفلسطينية والعربية مواقف محددة.
فعلى الصعيد الفلسطيني أجمعت فصائل المقاومة الفلسطينية، ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية، على رفض مشروع “المملكة العربية المتحدة”. وقد اعتبرت هذه الفصائل ومعها العديد من المؤسسات والهيئات الشعبية الفلسطينية ذلك المشروع جزءاً من مؤامرة تستهدف تصفية قضية فلسطين، وسلب منظمة التحرير الفلسطينية أهليتها كممثل لشعب فلسطين. وقد تجلى الموقف الفلسطيني الرافض للمشروع في البيانات المشتركة التي أصدرتها منظمة التحرير الفلسطينية مع عدد من الدول والقوى السياسية العربية، كما تجلى في البيانات الرسمية التي أصدرتها كل من حركة التحرير الوطني الفلسطيني* (فتح)، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين*، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين*، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني*، و(الجبهة الشعبية – القيادة العامة*، والجبهة الشعبية الثورية لتحرير فلسطين، وجبهة التحرير العربية*، وطلائع حرب التحرير الشعبية* – الصاعقة. وتبدى أيضاً ذلك الموقف الفلسطيني الرافض في البيانات التي أصدرتها الهيئة العربية العليا لفلسطين* وكل من الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين*، والاتحاد العام لطلبة فلسطين*، والاتحاد العام لعمال فلسطين*، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، والاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين*، واتحاد الفنانين الفلسطينيين، والهلال الأحمر الفلسطيني* والمجلس الأعلى لرعاية الشباب الفلسطينيين، والمؤتمر الشعبي الفلسطيني (رَ: المجلس الوطني الفلسطيني).
وعلى الصعيد العربي، باستثناء جمهورية السودان الديمقراطية التي دعت إلى عدم التسرع في الحكم على مشروع الملك حسين وإلى عقد مؤتمر قمة عربي لدراسته، تفاوتت مواقف الدول العربية بين الصمت ومجرد التشديد على تأييد كل ما يرتضيه الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية والرافض القاطع لذلك المشروع. وقد تبدى الموقفان الأخيران فيما أعلنته كل من جمهورية مصر العربية، والجمهورية العربية الليبية، والجمهورية العربية السورية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية، والجمهورية العراقية، والكويت. ومن ناحية ثانية أصدر عدد من الأحزاب والقوى السياسية العربية، علاوة على بعض الاتحادات النقابية العربية، بيانات أعلنوا فيها تأييدهم للثورة الفلسطينية ولمنظمة التحرير، ورفضهم مشروع الملك حسين. ومن الأمثلة على ذلك البيانات التي أصدرتها الجبهة الوطنية الأردنية، وكل من الحزب الشيوعي الأردني، وحزب الجبهة القومية في اليمن الجنوبي والحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان، وحزب التحرر والاشتراكية في المغرب، وحزب البعث العربي الاشتراكي في سورية، وحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، واتحاد الصحفيون العرب، والاتحاد المهني العربي لعمال البناء.
وعلى الصعيد الدولي اختارت الولايات المتحدة الأمريكية عدم التعليق رسمياً على مشروع الملك حسين، في حين راجت تكهنات عن موقف بريطاني متعاطف معه. ومن ناحية ثانية أعلن الاتحاد السوفييتي، والصين الشعبية، وفرنسا، تضامنها مع رغبات الشعب الفلسطيني، وبالتالي رفضها مشروع لمملكة العربية المتحدة.
وأما (إسرائيل) فقد أعلنت على لسان غولدا مائير رئيسة الحكومة آنذاك رفضها القاطع للمشروع، رغم أن بعض المصادر الصحف الإسرائيلية اعتبرته خطة تهدف إلى “إنزال ضربة سياسية قاضية” بالفدائيين الفلسطينيين.
المراجع:
– مؤسسة الدراسات الفلسطينية: الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1983، بيروت.
– مؤسسة الدراسات الفلسطينية: الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1972، بيروت.
– سلمان رشيد سلمان: إسرائيل والتسوية، بيروت 1975.
– An – Nahar Arab Report, Vol. 3, No 12, 1972.
الحسين بن أبي السري العسقلاني:
رَ: ابن أبي السري العسقلاني