إثر الزيارة التي قام بها الرئيس المصري أنور السادات للقدس المحتلة يوم 19/11/1977 وإلقائه خطاباً في الكنيست* الإسرائيلي، تلبية الدعوة مناحيم بيغن رئيس وزراء (إسرائيل)، تبدت مظاهر الإدانة للزيارة وأغراضها في معظم البلدان العربية على المستويين الشعبي والحكومي.
أ- مؤتمر القمة الأول (طرابلس 1977): دعت الحكومة الليبية إلى عقد مؤتمر قمة الرؤساء الدول العربية التي جاهرت بمعارضتها لمبادرة الرئيس المصري، وأعلنت رفضها لنهجه وسياسته، بغية دراسة هذا الحدث الذي يشكل منعطفاً خطيراً في مسيرة النضال العربي ضد الصهيونية و(إسرائيل)، ومن أجل اتخاذ التدابير التي تصون مصالح الأمة العربية وحقوق الشعب العربي الفلسطيني. وهكذا اجتمع في طرابلس بليبيا رؤساء الجزائر وسورية وليبيا واليمن الديمقراطية ومنظمة التحرير الفلسطينية* ويمثل عن الرئيس العراقي.
بدأ مؤتمر القمة هذا أعماله يوم 2/12/1977، وأنهاها في اليوم الخامس منه، وأصدر بياناً عرف باسم “بيان طرابلس” وقع عليه الرؤساء المشتركون في المؤتمر، ما عدا ممثل العراق الذي وجد أن البيان لا يحقق الأهداف المنشودة.
اهتم المؤتمر كل الاهتمام بالزيارة التي قام بها الرئيس المصري للقدس المحتلة، وبالنتائج التي يمكن أن تتمخض عنها في المستقبل، وبالآثار التي يمكن أن تخلفها سياسة الحكومة المصرية في الصراع العربي – الصهيوني، وفي قضية فلسطين والأراضي العربية المحتلة. ووجد المؤتمر أن ذلك كله يشكل خطوة جديدة وخطيرة نحو تنفيذ المخططات الصهيونية – الإمبريالية ضد مصالح الأمة العربية، ومن بين ما تهدف إليه تلك المخططات تحقيق ما يلي:
“1) نسف إمكانية إقامة سلام عادل ومشرف يحفظ للأمة العربية حقوقها القومية، ويضمن لها تحرير أراضيها المحتلة، وفي مقدمتها القدس، ويضمن للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية الثابتة.
2) تمكين القوى المعادية للأمة العربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، من تحقيق مكاسب تبقي الاختلال بالتوازن الدولي لمصلحة القوى الصهيونية والإمبريالية.
1) إقامة تحالف بين العدو الصهيوني والنظام المصري بغية تصفية قضية فلسطين، وتمزيق الأمة العربية، والتفريط بمصالحها القومية”.
دان المؤتمر في بيانه الختامي زيارة الرئيس المصري للكيان الصهيوني “لأنها تشكل خيانة عظمى لتضحيات ونضال شعبنا العربي في مصر وقواته المسلحة، ونضال وتضحيات ومبادىء الأمة العربية”. وحيا المؤتمر الشعب العربي المصري “وقواه الوطنية والتقدمية التي ترفض السياسة الاستسلامية التي ينفذها النظام المصري”، كما حيا “الشعب العربي الفلسطيني الصامد في الوطن المحتل، بجميع هيئاته الوطنية ومنظماته الجماهيرية التي تناضل ضد الاحتلال والتي رفضت زيارة السادات لفلسطين المحتلة”.
اتخذ المؤتمر عدة قرارات أهمها:
1) العمل على إسقاط نتائج الزيارة ومباحثات الرئيس المصري مع قادة العدو الصهيوني.
2) “تجميد العلاقات السياسية والدبلوماسية مع الحكومة المصرية، ووقف التعامل معها عربياً ودولياً، وتطبيق قوانين وأحكام وقرارات المقاطعة العربية على الأفراد والشركات والمؤسسات المصرية التي تتعامل مع العدو الصهيوني”.
3) عدم المشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية ومنظماتها التي تعقد في مصر، ودراسة موضوع نقل مقر الجامعة ومنظماتها إلى بلد عربي آخر، ودراسة موضوع عضوية الحكومة المصرية فيها.
4) مناشدة “الأمة العربية على المستوين الرسمي والشعبي، تقديم الدعم والمساندة الاقتصادية والمالية والسياسية والعسكرية للقطر العربي السوري، باعتباره أصبح يشكل دولة المواجهة الرئيسة وقاعدة الصمود والتصدي لمواجهة العدو الصهيوني، وكذلك للشعب الفلسطيني ممثلاً في منظمة التحرير الفلسطينية”.
وقد ولدت “الجبهة القومية للصمود والتصدي” في مؤتمر طرابلس نتيجة اتفاق سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية على “تشكيل جبهة موحدة بينهما، لمواجهة العدو الصهيوني، والتصدي لمؤامرة الإمبريالية بكل أطرافها، وإسقاط كل محاولة للاستسلام”. وقررت الجزائر وليبيا واليمن الديمقراطية “الانضمام لهذه الجبهة، باعتبارها نواة جبهة قومية للصمود والتصدي يتاح للدول العربية الأخرى الانضمام إليها”. وقرر أعضاء الجبهة أن كل عدوان على أي عضو فيها عدواناً على جميع أعضائها.
وكان من أهم النتائج التي تحققت أثناء مؤتمر طرابلس اتفاق جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، من كان منها عضواً في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، من كان منها عضواً في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ومن لم يكن، على وثيقة عمل موحدة صدرت في طرابلس يوم 4/12/1977، وتضمنت عدة نقاط أهمها:
1) المطالبة ببناء جبهة الصمود والتصدي لتكون “مناهضة لكل الحلول الاستسلامية الإمبريالية والصهيونية وأدواتها العربية”.
2) التشديد على رفض قراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973)، وعلى رفض جميع “المؤتمرات الدولية القائمة على أساس هذين القرارين، بما في ذلك مؤتمر جنيف”.
3) “العمل على تحقيق ممارسة الشعب العربي الفلسطيني حقه في العودة وتقرير المصير في إطار دولة وطنية فلسطينية مستقلة، على أي جزء من الأرض الفلسطينية يتم تحريرها، بلا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض، كهدف مرحلي للثورة الفلسطينية”.
4) تطبيق أسلوب “المقاومة السياسية ضد نظام السادات”.
وبالرغم من التحذيرات التي وجهها المؤتمر إلى الرئيس المصري، وبالرغم من موقف الرفض والاستنكار الذي عبر عنه الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة وخارجها، ومن المظاهرات التي قامت بها الجماهير في مختلف الأقطار العربية معبرة فيها عن تأييدها للصمود ورفضها للاستسلام، استمرت الحكومة المصرية في سياستها، وعقدت مع مندوبي (إسرائيل) اللقاءات والمؤتمرات السياسية والعسكرية في مصر والقدس المحتلة. وظهر في الوقت ذاته أن الرئيس المصري كان يعمل مع الولايات المتحدة و(إسرائيل) على إيجاد أسس لحل منفرد إسرائيلي – مصري على حساب الحق العربي في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وأنه كان يبذل الجهد من أجل جر بعض الحكومات إلى تأييد سياسته.
ب- مؤتمر القمة الثاني (الجزائر 1978): في إطار هذه العوامل والظروف، وجد رؤساء الأطراف في الجبهة ضرورة عقد اجتماع يتدارسون فيه هذه العوامل والظروف، ويسعون إلى اتخاذ التدابير لمواجهتها، وللتصدي للمؤامرة التي ازدادت معالمها وأهدافها وضوحاً، فاجتمعوا في مؤتمر جديد بمدينة الجزائر في الفترة ما بين 2 و4/2/1978.
لاحظ هذا المؤتمر “تحول النظام في مصر إلى أداة تستخدمها الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها لعرقلة مسيرة الأمة العربية نحو التحرر والتقدم والوحدة، وإعاقة استرداد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني”. ووجد المؤتمر أيضاً أن الرئيس المصري يعمل ضمن مخطط إسرائيلي – أمريكي “يرمي إلى تحقيق التصالح مع العدو، والاعتراف بشرعية وجوده، وإقامة علاقات خضوع في المجالات المختلفة، السياسية والاقتصادية والثقافية، وفتح الحدود تمكيناً للصهيونية من السيطرة على الوطن العربي وموارده وامكاناته. كما يهدف المخطط إلى مساعدة إسرائيل على تثبيت مفهومها بشأن التوسع والاحتفاظ بالأراضي، بحجة الأمن المزعوم، ويفسح أمامها المجال لتنفيذ الأهداف الرئيسة للصهيونية والإمبريالية المتمثلة في تصفية حقوق الشعب الفلسطيني، وفرض مشاريع تتناقض جذرياً مع تطلعاته الوطنية”. وأوضح المؤتمر أيضاً أن المخطط (يستخدم النظام المصري للقيام بدور معاد لمطامح الشعوب الافريقية والعربية) ويرمي “إلى إخراج مصر وبعض الدول العربية من إطار سياسة عدم الانحياز وربطها بالمعسكر الإمبريالي”، كما يبغي أيضاً “إلحاق ضربة قاسية بالتضامن العربي الهادف إلى حشد طاقات العرب ضد العدو الصهيوني لتحرير الأراضي، واستعادة حقوق شعب فلسطين، وخلق حالة من الشقاق بين الدول العربية تمكيناً لذلك المخطط من المرور دون مقاومة عربية شاملة”.
بعد أن أوضح المؤتمر هذه الحقائق التي سجلها في بيانه الختامي، أكد تمسكه ببيان طرابلس، وبالقرارات التي صدرت في اجتماع القمة الأول، وحذر “أي طرف عربي، حكومي أو غير حكومي، أفراداً أو مجموعات، من خرق قرارات القمة العربية في الجزائر والرباط، بمحاولة ادعاء التمثيل الفلسطيني تحت أي عنوان. ذلك أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”. وأعلن المؤتمر رفضه “لكل اتفاق يتم على حساب المصالح العليا للأمة العربية”، ودان “كل اتفاق يمس بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”. وأوضح “ان الرئيس المصري لا يملك الصلاحية ولا الشرعية لكي يمثل أو يفاوض على قضية شعب فلسطين الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يملك شرعية البحث في الأراضي العربية السورية المحتلة. كما أن الصراع الدائر يهم الأمة العربية بمجموعها، ولا يستطيع الرئيس المصري أن يقرر مصير هذا الصراع بمفرده، لأن السلام لن يكون إلا عربياً”. وكرر المؤتمر دعوة الدول العربية “للوقوف بحزم إلى جانب سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ودعم موقفهما بمختلف الوسائل”، وطالب الدول العربية “بحشد طاقاتها وتعبئة جهودها بمختلف الوسائل، والعمل على تحقيق التوازن الاستراتيجي بين سورية والعدو الصهيوني”.
لم ينقض على عقد مؤتمر القمة الثاني للجبهة سوى أسابيع قليلة حتى قامت (إسرائيل) بهجوم واسع على جنوبي لبنان يوم 15/3/1978، واحتلته منتهزة ضعف التضامن العربي وخروج مصر من ساحة الصراع العربي -الصهيوني. وكانت تهدف بذلك إلى تصفية الوجود الفلسطيني في جنوبي لبنان والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، أو على الأقل، القضاء على دورها العسكري (رَ: العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان 1978).
لكن المقاومة الفلسطينية المسلحة تمكنت، بالمعارك التي خاضتها وأثبتت فيها قدرتها القتالية العالية، وبالتضحيات التي قدمتها، وبالتعاون مع القوى الوطنية اللبنانية، أن تحول دون بلوغ العدو أهدافه.
ج- مؤتمر وزراء الخارجية والدفاع (دمشق 1978): ومن أجل دعم المقاومة الفلسطينية في نضالها، وبغية مواجهة نتائج العدوان والاختلال، اجتمع في دمشق، يومي 19 و20/3/1978، وزراء الخارجية والدفاع لأطراف الجبهة القومية، وحددوا “الإجراءات العملية في المجالين السياسي والعسكري”، واتفقوا على “تقديم معونات عاجلة إلى منظمة التحرير الفلسطينية”، ووافقوا على تقرير أعدته “اللجنة العسكرية المنبثقة عن المؤتمر” وقرروا “تقديمه إلى الحكومات المعنية للعمل على تنفيذه”، ورحبوا بما أعلنه وزير خارجية سورية في المؤتمر من أن سورية “تدعو كل العرب لتحمل مسؤولياتهم فوق أرضها ومن خلالها، وترحب بأن يأخذوا مواقعهم على جغرافية سورية طالما ان هذه المواقع تخدم أمتنا وتساعد في مسيرتها النضالية”.
استمر الرئيس المصري في سياسته فوقع في كامب ديفيد في الولايات المتحدة (18/9/1978) مع رئيس وزراء (إسرائيل)، وبحضور الرئيس الأمريكي، على وثيقيتين ترسمان أطراً وتتضمان مبادىء تهدف إلى تصفية قضية فلسطين (رَ: كامب ديفيد). وكان هذا التطور الجديد سبباً في عقد دورة ثالثة لمؤتمر القمة لأطراف الجبهة القومية.
د- مؤتمر القمة الثالث (دمشق 1978): اجتمع الرؤساء في دمشق في الفترة ما بين 20 و23/9/1978، وانتهوا إلى استخلاص الحقائق التالية التي ضمنوها بيان المؤتمر الختامي:
1) “إن سياسة الرئيس السادات ونتائج كامب ديفيد تمثل امتداداً للتآمر الأمريكي – الإسرائيلي على الأمة العربية، وقضية فلسطين، وحقوق شعبها”.
2) إن نتائج كامب ديفيد “خرق لميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع المشترك، ومقررات مؤتمرات القمة العربية*”، و”محاولة خطيرة لتصفية قضية فلسطين ونسف المنجزات السياسية التي حققها الشعب الفلسطيني بكفاحه ودماء شهدائه”.
3) ألحق الرئيس السادات “ضربة جديدة بالتضامن العربي حين أخرج مصر من ساحة الصراع العربي – الإسرائيلي” وتخلى عن “المفهوم العالمي للسلام العادل في المنطقة الذي يقوم على أساس الانسحاب الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، والاعتراف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد”.
4) “إن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في كامب ديفيد هي جزء من عملية شاملة لبسط نفوذ وسيطرة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية على مصر والوطن العربي والقارة الإفريقية، ولاستخدام النظام المصري كأداة لضرب حركات التحرر الوطني”.
5) “تمثل اتفاقيات كامب ديفيد اقراراً من جانب الرئيس السادات بالمخطط الصهيوني الرامي إلى مواصلة اغتصاب التراب الفلسطيني وإبقاء الضفة الغربية وغزة كمستعمرة تحت سيطرة قوات الاحتلال الصهيوني، وضم القدس لتكون عاصمة لإسرائيل”.
6) إن ما اتفق عليه الرئيس السادات مع العدو الصهيوني “لا يلزم الأمة العربية، ويعتبر باطلاً وغير شرعي”.
اتخذ المؤتمر مجموعة من القرارات والتدابير لدعم الجبهة، ولتمكينها من مواجهة المؤامرة، من بينها:
1) رفض وإدانة اتفاقيات كامب ديفيد ونتائجها، والتصدي لها، وإسقاطها” ومواصلة الكفاح، بمختلف الوسائل، ضد العدو الصهيوني والإمبريالية”.
2) تحديد استراتيجية المرحلة المقبلة وفق الأسس التالية:
دعم منظمة التحرير الفلسطينية، وحشد طاقات الأمة العربية، وتحقيق تضامن عربي على أساس مكافحة العدو الصهيوني ونتائج كامب ديفيد، ودعوة الدول العربية إلى تحمل مسؤولياتها القومية، وإلى اتخاذ مواقف حازمة تجاه نتائج كامب ديفيد، والانضمام إلى الجبهة القومية، وتنبيه الرأي العام العالمي إلى خطورة اتفاقيات كامب ديفيد على الأمن والسلام في المنطقة وفي العالم.
3) “قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع النظام المصري، بما في ذلك المؤسسات والشركات، وتطبيق قرارات المقاطعة العربية على الأفراد الذين يتعاملون مع العدو”.
4) “اتخاذ الإجراءات العملية لدعم قوى الصمود التي تشكل سورية قاعدتها الأساسية، والعمل على توفير المستلزمات لإعادة التوازن الاستراتيجي إلى المنطقة بعد خروج النظام المصري من ساحة الصراع ضد العدو الصهيوني”.
5) “إدانة السياسة الإمبريالية للولايات المتحدة الأمريكية بتحالفها مع العدو الصهيوني ونظام السادات، واستمرارها في انتهاج سياسة مناهضة لحقوق وأهداف الأمة العربية، الأمر الذي جعلها عدواً، ولا يمكن اعتبارها وسيطاً في المساعي المبذولة لتحقيق سلام عادل في المنطقة العربية”.
6) العمل على نقل جامعة الدول العربية ومنظماتها المختلفة من مصر
7) “دعم نضال الشعب المصري، ممثلاً بقواه الوطنية والتقدمية، لمواجهة تآمر النظام المصري على القضايا العربية المصيرية”.
8) تأليف لجنة عسكرية من رؤساء أركان أطراف الجبهة لوضع صيغة لتشكيل القيادة العسكرية، والتخطيط لمواجهة العدو، وتحديد مراحل المواجهة، وعرض ذلك على مؤتمر القمة القادم للجبهة لاقراره.
9) دعم منظمة التحرير الفلسطينية والعمل الفدائي مالياً وعسكرياً.
ومن أهم ما انتهى إليه مؤتمر دمشق إصدار الرؤساء إعلاناً يتضمن مبادىء الجبهة القومية للصمود والتصدي وأهدافها ومؤسساتها. وأهم ما ورد في ذلك الإعلان:
1) يجب أن تكون الجبهة القومية للصمود والتصدي:
“(1) قاعدة للنضال القومي وتعبئة جماهير الأمة العربية وطاقاتها لتحقيق الأهداف العليا.
“(2) أداة الأمة العربية في معركتها ضد الصهيونية، والإمبريالية، ومن أجل الصمود والتحرير.
“(3) قوة عربية منفتحة على كل القوى العربية التي ترغب في تحمل مسؤولياتها القومية”.
2) تلتزم الجبهة بتحقيق الأهداف القومية الأساسية التالية:
(1) العمل على تحقيق الوحدة العربية، ودعم النضال الوحدوي.
(2) “اعتبار قضية فلسطين قضية العرب الأساسية، وبالتالي فلا يجوز لأي طرف عربي التنازل عن هذا الالتزام أو المساس به، أو القيام بأي إجراء من شأنه الاضرار بقضية فلسطين وبالحقوق القومية والتاريخية للشعب العربي الفلسطيني”.
(3) “التحرير الكامل لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة”.
(4) “الالتزام باسترداد الحقوق الوطنية الثابتة لشعب فلسطين، بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولته الوطنية المستقلة في فلسطين، وعدم التفريط بقضية فلسطين أو المساومة عليها”.
(5) دعم كفاح الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
(6) حشد الطاقات العربية، العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، واستخدامها في الصراع ضد العدو الرئيسي الممثل بالوجود الصهيوني والإمبريالية والاستعمار.
3) تقوم الجبهة من أجل تحقيق أهدافها بالمهام التالية:
(1) “إقرار خطة العمل السياسي في المجالين العربي والدولي بشكل يؤدي إلى تعزيز الموقف القومي، ويخدم أهداف الجبهة الأساسية، ويسقط السياسات الاستسلامية والانهزامية”.
(2) “إقرار المسائل المتعلقة بالسلم والحرب، وتنظيم وقيادة شؤون الدفاع، وإقرار الخطط المتعلقة بذلك”.
(3) “اتخاذ القرارات بتوفير وسائل الدعم المالي والاقتصادي والعسكري للمواجهة”.
(4) “مشاركة الطرف الذي يتعرض لأي عدوان، بمختلف الوسائل، بما فيها القوة المسلحة، على اعتبار أن العدوان على عضو في الجبهة هو عدوان على جميع أعضائها”.
4) تتألف الجبهة من الأجهزة التالية:
(1) القيادة العليا: وتضم برؤساء الأطراف الأعضاء في الجبهة، وتجتمع مرة كل ستة أشهر، أو كلما دعت الحاجة.
(2) اللجنة السياسية: وتضم وزراء الخارجية الأعضاء في الجبهة، ومهمتها متابعة تنفيذ قرارات القيادة العليا، واقتراح خطط العمل السياسي. وتجتمع مرة كل ثلاثة أشهر، أو كلما دعت الحاجة.
(3) اللجنة الإعلامية: وتضم وزراء الإعلام الأعضاء في الجبهة. ومهمتها اقتراح الخطط الاعلامية،ومتابعة تنفيذ القرارات المتعلقة بالاعلام. وتجتمع مرة كل ستة أشهر، أو كلما دعت الحاجة.
(4) القيادة العسكرية: ويتم تأليفها بقرار من القيادة العليا تحدد فيه صلاحياتها واختصاصاتها ومهامها وارتباط القوات المسلحة لأطراف الجبهة بها.
(5) يحق لكل دولة عربية تلتزم بمبادىء الجبهة وأهدافها أن تصبح عضواً فيها.
هـ- مؤتمر القمة الرابع (طرابلس 1980): عاد رؤساء أطراف الجبهة إلى الاجتماع فعقدوا مؤتمر قمة رابعاً في طرابلس (ليبيا) من 12 إلى 15/4/1980، وانتهوا فيه إلى تأكيد قراراتهم التي اتخذوها في المؤتمرات السابقة بشأن قضية فلسطين والنزاع العربي – الإسرائيلي، ورأوا أن الجبهة أصبحت “نواة للموقف العربي الرافض للنهج الاستسلامي”، ودعوا إلى تطويرها “وتجنيد طاقات أطرافها وتجسيد مؤسساتها” ليصبح عملها “أكثر فعالية في التصدي للمؤامرة وتحدياتها، وتعميق التضامن العربي على قاعدة مواجهة مخططات كامب ديفيد وإسقاطها”.
واتخذ المؤتمر قرارات عديدة، من أهمها:
1) تشكيل مؤسسات الجبهة الواردة في إعلان دمشق، ومباشرتها عملها.
2) التشديد على حق الثورة الفلسطينية في العمل من جميع الجبهات العربية، ودعوة الأردن إلى تمكين الثورة الفلسطينية من ممارسة دورها عبر الجبهة الأردنية.
3) مقاومة أي محاولة تستهدف الالتفاف على الموقف العربي، ورفض أية تسوية لقضية فلسطين على أساس قرار مجلس الأمن رقم 242، أو أي تعديل ينطلق من القرار المذكور.
وقرر المؤتمر أيضاً “تشكيل قوة عسكرية وأمنية مشتركة للجبهة” يتولى قيادتها ضابط سوري يساعده ضباط أركان حرب من بقية أطراف الجبهة.
الجبهة المقاتلة الصهيونية: رَ: الإرهاب الصهيوني