على أثر الاحتلال البريطاني لفلسطين، وموافقة عصبة الأمم* على صك الانتداب* عام 1922، أنشئت في القدس غرفة تجارية باسم غرفة تجارة القدس ترأسها بريطانيا، وضمت أقلية عددية من التجار وأصحاب الأعمال العرب. ولم يكن منتظراً من هذه الغرفة المشتركة، بسبب طبيعة تشكيلها، تقديم أية خدمات تذكر للوسط التجاري العربي، أو التحسس بنهضة العرب الاقتصادية، أو التجاوب مع قضاياهم الوطنية. وكان لا بد لهذا الوضع من نهاية، فما أن أعلن الاضراب العام سنة 1946 حتى نهض أصحاب الأعمال العرب في القدس بإنشاء غرفة التجارة العربية بالقدس متخذين مقرها في شارع مأمن الله.
قامت الغرفة بنشاطات واسعة، يجمعها شتات أصحاب العمل العرب، وإصدارها دليلاً باللغتين العربية والإنكليزية عن التجارة والزراعة والصناعة العربية في فلسطين. كما عملت الغرفة على تمثيل الاقتصاد العربي الفلسطيني لدى الحكومة المنتدبة وفي الأوساط العربية، وشجعت على إنشاء غرفة تجارية عربية في حيفا* وغزة* والخليل* وطولكرم* وعكا* وجنين* وسائر المدن الفلسطينية، وشارك أعضاء مجالس إدارة هذه الغرفة في الحركة الوطنية الفلسطينية، وزج بعضهم في المعتقلات، ومنهم رئيسها الشيخ عبد الباري بركات.
وعملت الغرفة على عقد المؤتمرات التجارية العربية في فلسطين، والاتصال بغرفة التجارة في البلاد العربية، ولعبت دوراً كبيراً في تنمية الجهد الاقتصادي العربي وإبراز شخصيته ومكانته وتعاونت في عقد أول مؤتمر للغرف العربية في مدينة يافا.
توقفت الغرفة عن العمل توقفاً كاملاً، واحتلت العصابات الصهيونية مكاتبها في حرب 1948*. ثم أعيد إنشاؤها في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1948 في البلدة القديمة في القدس بقرار من الحاكم العسكري آنذاك أحمد حلمي عبد الباقي* بعد اجتماعه بالتجار في مقره بدار المجلس الإسلامي الأعلى*. ولا تزال الغرفة قائمة بأعمالها حتى الان.
مارست الغرفة دورها الاقتصادي في خدمة اقتصاد المدينة وكان أبرز أدوارها مساهمتها في إنجاز قانون الغرف التجارية الأردنية، وإقامة المعارض التجارية، والدراسات والندوات الاقتصادية إضافة إلى عملها الأساسي في رعاية مصالح التجار والحرفيين والصناعيين، وتقديم الخدمات لهم إضافة إلى التحكيم التجاري.
بعد الاحتلال عام 1967، عادت الغرفة لتمارس نشاطها المعتاد، إضافة إلى اضطرارها لتوسيع نشاطها في الدفاع عن التاجر والمواطن المقدسي بشكل عام، وأصبحت الغرفة تمثل إحدى المرجعيات الأساسية للمواطن المقدسي للنضال ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ورعاية مصالح المواطنين العرب القابعين تحت الاحتلال فأصبحت الجهة المعتمدة لتقوم بدور “كاتب العدل” المعتمد من الجهات العربية لتوثيق المعاملات العقارية للحفاظ على الأراضي العربية ومنع تسربها لليهود، كما اعتمدت كمصدر توثيقي لطلبات جوازات السفر الأردنية، حيث احتفظ المواطن المقدسي بجنسيته الأردنية، بالرغم من فصل الارتباط بين الضفة الغربية والأردن عام 1988، وقامت الغرفة ببناء عمارة استثمارية في شارع الرشيد بالقدس.
ساهمت غرفة تجارة القدس في تأسيس ورئاسة اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية عام 1989 نتيجة لفك الارتباط مع الأردن، وبسبب ظروف الاحتلال، لم تكن هناك فرصة مناسبة لإجراء انتخابات لمجلس إدارة الغرفة، فاستمر المجلس القديم في العمل برئاسة الشيخ علي محمود قدورة، وتم إضافة أعضاء جدد له من التجار الذين يتمتعون بالسمعة والمقدرة الجيدة، واستمر فائق بركات بإدارة الغرفة حتى نهاية عام 1998 حيث تولى إدارتها منذ ذلك الحين عزام أبو السعود.
شهدت قاعة الغرفة التجارية بالقدس العديد من المؤتمرات والندوات وورشات العمل والمعارض والاجتماعات العامة تركزت على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والقومية التي تهم المواطن المقدسي بشكل خاص، والمواطن الفلسطيني بشكل عام، واستمرت في تقديم خدماتها الاقتصادية والاجتماعية.
منعت السلطات الإسرائيلية الاتصالات بين غرفة القدس وسائر الغرف الفلسطينية والعربية ومنعت الاتحاد من عقد أي اجتماعات في القدس وهددت بحرمان الأعضاء الذين يشاركون في المؤتمرات العربية من العودة للقدس بسبب هذه المشاركة، لكن الغرفة في القدس ظلت مركزاً نشطاً لمساعدة أصحاب الأعمال في المدينة ورصد الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف لخنق الاقتصاد الفلسطيني بفرض الضرائب الباهظة على السكان العرب لإجبارهم على التعاون مع النشاطات التجارية الإسرائيلية ولكن دون جدوى. وقد كانت للغرفة في القدس مواقفها الصامدة في مجابهة عمليات التهويد ومجابهة التحديات الإسرائيلية لانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية وانتهاك الحقوق النقابية لأصحاب العمل والعمال.
واستمر التجار في تأييد غرفتهم والاشتراك فيها حتى أصبحت من المراكز العربية الفلسطينية التي تزعج السلطات الإسرائيلية التي قامت بالاستيلاء على مقر الغرفة وموجوداتها كجزء من الاستيلاء على بيت الشرق* في المدينة وذلك بقرار من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي للتضييق على السكان العرب وهدم مؤسساتهم الفلسطينية الوطنية في 10 آب/ أغسطس 2001. وكانت الغرفة من المؤسسات النشيطة داخل بيت الشرق، وخاصة في المجالات الاقتصادية، وكانت تتبنى مقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي. وقد اقتصت السلطات الإسرائيلية من الغرفة بالاستيلاء عليها وحرمان التجار العرب من أي مرجع يتحدث باسمهم أو يدافع عن قضاياهم والتصدي للانتهاكات الإسرائيلية.
التجارة الوطنية الاقتصادية (شركة-):
رَ: الإخاء والعفاف (جمعية -)
التحالف الإسرائيلي العالمي: ر: الأليانس