تأسست جمعية الاستعمار اليهودي عام 1891 على أنها جمعية خيرية يهودية هدفها “مساعدة وتطوير عملية تهجير اليهود الفقراء والمحتاجين من أي مكان في أوروبا وآسيا حيث يعانون القهر والحرمان من الحقوق السياسية، إلى أي مكان آخر في العالم حيث يمكنهم التمتع بحقوق الإنسان”. وقد تأسست الجمعية بمبادرة من البارون موريس دو هرش، وهو مصرفي ورجل أعمال يهودي من أصل ألماني كان يعيش في فرنسا مختلطاً بالأوساط الاحتكارية والاستعمارية التي كانت تقف وراء المشروع الصهيوني، وكان واجهة يهودية لهذه الأوساط.
سجلت الجمعية عام 1893 في لندن كشركة مساهمة رأسمالها الأولي مليونا جنيه استرليني رفع فيما بعد إلى ثمانية ملايين جنيه استرليني. وتشكل مجلس إداراتها من الشخصيات اليهودية المرتبطة بالاحتكارات الرأسمالية في بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا برئاسة البارون دو هرش. وكان من أبرز أعضاء مجلس إداراتها البارون إدموند دو روتشيلد الذي تولى بين عامي 1886 و1890 الإشراف على شؤون المستعمرات اليهودية التي أقيمت في فلسطين، وأقام إدارة خاصة لهذا الغرض تحت إشرافه اتخذت من مدينة الخليل* مقراً لها.
حاولت جمعية الاستعمار اليهودي في أول الأمر إسكان اليهود المهاجرين من روسيا وشرقي أوروبا في مستعمرات زراعية في أمريكا الشمالية والجنوبية، وخاصة في الأرجنتين حيث حصلت على 750 ألف هكتار من الأراضي استغلت 500 ألف هكتار منها في إسكان نحو 3.500 عائلة يهودية من مهاجري شرقي أوروبا يراوح عدد أفرادها ما بين 40.35 ألف نسمة.
بدأ نشاط جمعية الاستعمار اليهودي في فلسطين منذ عام 1896 حين حلت محل إدارة روتشيلد في الإشراف على المستعمرات اليهودية التي كانت قائمة في فلسطين آنذاك، وأنشىء لهذا الغرض صندوق تحت إشراف دو هرش برأسمال مقداره 15 مليون فرنك فرنسي. وأخذت الجمعية تقدم المساعدات لهذه المستعمرات على شكل قروض، وبدأت تشتري الأراضي وتقيم مستعمرات يهودية جديدة في فلسطين منذ عام 1900، فأقامت عدداً من المستعمرات في منطقة الجليل* الأدنى الشرقي ومنطقة طبرية.
استمرت الجمعية في نشاطها هذا حتى عام 1923، إذ أصبحت تعمل تحت اسم “جمعية الاستعمار اليهودي في فلسطين – بيكا” وبدأت تنسق جهودها في مجال الاستيطان مع مؤسسات الوكالة اليهودية* والمنظمة الصهيونية العالمية*. ثم عادت إلى العمل بشكل مستقل منذ عام 1929.
ومنذ قيام (إسرائيل) ركزت جمعية الاستعمار اليهودي في فلسطين جهودها في مشاركة الحكومة الإسرائيلية والوكالة اليهودية في الأعمال الاستيطانية، فساهمت حتى عام 1968 في إنشاء وتقوية 41 مستعمرة، كما قدمت مساهمة لتشجيع الأبحاث الزراعية في الجامعة العبرية ومعهد وايزمن للعلوم، ولتحسين التدريب الزراعي في مدارس “مكابي إسرائيل” الزراعية وغيرها. وتشارك الجمعية كذلك في أعمال جمعيتي “هياس” و”جوينت” اليهوديتين الأمريكيتين اللتين تتوليان تقديم المساعدات لليهود المرتدين عن الهجرة إلى (إسرائيل)، ولا سيما يهود الاتحاد السوفييتي، وتساعدانهم على دخول الولايات المتحدة.