انبثقت هذه الجمعية عن مؤتمر علماء فلسطين الأول الذي عُقد في القدس* في 26 كانون ثاني/ يناير 1935، والذي حضره عدد كبير من المفتيين والقضاة والمدرسين والخطباء والأئمة والعلماء. وكان الهدف الرئيسي للمؤتمر استصدار فتوى دينية بتحريم بيع الأرض لليهود. وكان من الآثار الهامة للمؤتمر هو القرار بتشكيل “جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ومركزها القدس، ورئيسها رئيس المؤتمر المفتي الأكبر، وأعضاء المؤتمر هم أعضاء طبيعيون فيها. وقد تكونت الجمعية بالشكل التالي: الرئيس: الحاج محمد أمين الحسيني* رئيس المجلس الإسلامي الأعلى*. أمين السر: حسن أبو السعود، مفتش المحاكم الشرعية. أمين المال: محمد توفيق الطيبي، عضو محكمة الاستئناف الشرعية. الأعضاء: إسماعيل الحافظ رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، محمد أمين العوري، أمين فتوى القدسوعضو محكمة الاستئناف الشرعية، صبري عابدين عضو لجنة علماء فلسطين المركزية، سعد الدين الخطيب مساعد مفتش محكمة الاستئناف الشرعية، نسيب البيطار وكيل قاضي القدس، موسى البديري عضو اللجنة الإدارية في الجمعية الإسلامية – المسيحية في القدس، سعود العوري من الأئمة والوعاظ والخطباء، عارف الشريف من الأئمة والوعاظ والخطباء، سعيد الخطيب إمام وخطيب المسجد الأقصى. وللجمعية فروع في جميع مدن القدس، والمفتون والقضاة رؤساء للفروع في كل مدينة. ومن أبرز واجبات الجمعية: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعقد الاجتماعات والمؤتمرات العامة للتأكيد على الوازع الديني، وتوعية أبناء فلسطين وحضّهم على التمسك بأراضيهم، والتشهير بأسماء السماسرة وتحذير الأمة منهم.
وقد اهتم العلماء بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقاموا بجولات في المناطق والقرى المتعددة. ومن تلك الجولات زيارة الحاج محمد أمين الحسيني ومفتي صفد* أسعد الحاج يوسف وعدد من العلماء لمنطقة الحولة*. وقد نتج عن تلك الزيارة تكوين شركة زراعية، وانتخاب لجنة للإصلاح مهمتها حل المنازعات بين المزارعين. ونجح علماء الدين في كثير من الأماكن والقرى في ردع الفلاحين البسطاء عن بيع أراضيهم، ومنها قرية الظاهرية* حيث بلغت الأرض المهددة بالبيع للسماسرة أربعين ألف دونم، فقد سعى عالما مدينة الخليل الشيخ صبري عابدين والشيخ أحمد النحوي لدى سكان القرية وأقنعاهم بعدم تنفيذ اتفاقية البيع. كما أعلن وفد من منطقة يافا* أمام المفتي الحاج أمين الحسيني في القدس* وقف أراضي قراهم وقفاً ذرياً حتى لا تباع لليهود، وكانت النتيجة أن توقفت حركة البيع في ستين قرية من قضاء يافا. وقد نجحت مساعي علماء الدين في عدد من القرى في مناطق متفرقة من فلسطين بوقف أراضيها وقفاً ذرياً على أهلها، وبذلك تم حفظ أراضي تلك القرى. وفي الوقت نفسه تألفت شركات محلية في عدة مناطق للمحافظة على الأراضي. واستمر نشاط إنقاذ الأراضي بالأسلوب السلمي عن طريق الإقناع وإثارة الحمية الدينية في النفوس، إلا أن تطوّر الأحداث السياسية بعد اندلاع الثورة كان سبباً مباشراً في استبدال هذا الأسلوب بأسلوب العنف.
المراجع :
– بيان نويهض الحوت: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917 – 1948 مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1981.
– جريدة الجامعة العربية – القدس، الأعداد 1527 في 24 كانون ثاني/ يناير 1935 و1548 في 5 آذار/ مارس 1935، و1567 في 30 نيسان/ ابريل 1935 و1577 في 12 أيار/مايو 1935م.