طرح أوري أفنيري الذي كان رئيساً لتحرير جريدة “همولام هازيه” اليهودية وهو من رموز أنصار السلام* مشروعاً لحل القضية الفلسطينية وإقامة السلام مع الدول العربية، وشرحه في كتابه (إسرائيل بلا صهيونيين) الذي أصدره عام 1968.
ويتألف المشروع من قسمين: الأول يتناول إقامة جمهورية عربية فلسطينية ترتبط فدرالياً مع الدولة الإسرائيلية. وتتألف الجمهورية الفلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، كما يمكن لشرقي الأردن الانضمام إلى الدولة الفدرالية الجديدة إذا أراد مواطنوه ذلك. وتصبح القدس عاصمة الدولة الفدرالية وتكون في الوقت نفسه مركز عاصمتي الدولتين العربية والإسرائيلية. ويسبق إقامة الروابط الفدرالية بين الدولتين عقد معاهدة اقتصادية وسياسية وعسكرية بين الطرفين تضمن أمن (إسرائيل) العسكري القائم على منع دخول أية جيوش عربية إلى الأراضي الفلسطينية. ويتم ذلك بالتنسيق بين جيشي (إسرائيل) والجمهورية العربية الفلسطينية على غرار حلف الأطلسي أو حلف وارسو.
كما يتم بموجب المعاهدة المقترحة إقامة وحدة اقتصادية بين الطرفين. وتنص المعاهدة على إلزام الطرفين بعدم إقامة أحلاف خارجية مع أطراف أخرى بدون موافقة الطرف الاخر.
يؤلف ما تقدم الخطوط العريضة – حسب تعبير أفنيري – للخطة التي يجب أن تتقدم بها الحكومة الإسرائيلية إلى الشعب الفلسطيني العربي المقيم في المناطق التي احتلتها (إسرائيل) بعد عام 1967.
وكان أفنيري قبل عام 1967 نادى بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين يرغبون في العودة إلى (اسرائيل) وأوضح شروط قبول عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هي اليوم جزء من “الدولة الإسرائيلية”، وكيفية التعويض عما فقدوه من ممتلكات، وما لحق بهم من أضرار، وتعويض من لا يرغب في العودة، ومنح العائدين الجنسية الإسرائيلية الخ … لكن احتلال (إسرائيل)، بعد حرب 1967*، لأراض يقيم عليها القسم الأكبر من الشعب الفلسطيني جعل المسألة تطرح نفسها من جديد بشكل آخر.
لهذا ذهب أفنيري إلى أن حل مشكلة اللاجئين لا يكون بقبول عودة قسم منهم إلى(إسرائيل) بل بإقامة دولة فلسطينية تضم الفلسطينيين داخل وخارج الأراضي المحتلة والراغبين في إقامة دولة مرتبطة فدرالياً بالدولة الإسرائيلية. ويرى أفنيري أن حل القضية الفلسطينية سيكون منطلقاً لإقامة السلم الدائم بين (إسرائيل) وجاراتها العربيات.
ويتعرض أفنيري في القسم الثاني من مشروعه إلى إقامة ما يدعوه “الاتحاد السامي” بإقامة كونفدرالية تضم كل دول المنطقة.
ويوضح أفنيري ما يعنيه بتعبير سامي، فيقول إنه لا يقصد بذلك المفهوم العرقي للكلمة بل التأكيد على التراث التاريخي المشترك للشعوب الناطقة بلغات تنتمي إلى الأسرة اللغوية السامية من عربية وعبرية وأمهرية وغيرها. والتأكيد كذلك على الثقافة المشتركة والتراث الروحي المشترك لكل شعوب المنطقة. وبالتالي تضم “الأسرة السامية الثقافية” أيضاً الأتراك والأكراد والإيرانيين والذين يتحدرون من أجناس مختلفة ويتكلمون لغات غير سامية إلا أنهم مرتبطون تاريخياً بالعالم السامي وبالديانات السامية العظيمة.
ويتابع أفنيري قائلاً أنه قومي عبري، ويتوجه بكلامه إلى القوميين العرب عارضاً عليهم مشروعه للاتحاد السامي الذي سيجمع القوميتين في إطار كونفدرالي، على أن تضع (إسرائيل) حداً للحقبة الصهيونية من تاريخها، وأن تبدأ مرحلة جديدة بالاندماج في “المنطقة” والمشاركة في كفاحها من أجل “التقدم والوحدة”. كما أن على العرب بالمقابل الاعتراف بدولة إسرائيل “ما بعد الصهيونية” كجزء من المنطقة لا يجب ولا يمكن القضاء عليها لأنها ستصبح في شكلها الجديد عنصراً هاماً في الكفاح المشترك لشعوب المنطقة.
والجدير بالذكر أن مشروع “السلام السامي” لأوري أفنيري لم يحصل في الاقتراع أمام الكنيست* سنة 1968 إلا على صوتين اثنين من أصل مئة وعشرين صوتاً.
المراجع:
– Avneri, U.: Israel Without Zionists, New York 1968.
– Merhav, P.: La gauche Israelienne, Paris 1973.
أبو الإقبال: رَ: سليم اليعقوبي
إقبالا (خربة-): رَ: دير البنات
الاقتصاد الفلسطيني العربي (شركة-):
رَ: الإخاء والعفاف (جمعية-)