بدأت فكرة انشاء الجمعية باقتراح تقدم به نجيب نصار* رئيس تحرير جريدة الكرمل* في 25/7/ 1913 الى الزعماء وقادة الرأي والشبيبة في فلسطين يدعو إلى ابتهاج أسلوب علمي منظم لمواجهة الأساليب التي تتبعها الصهيونية*، وذلك “بتأليف جمعية وطنية (لا صهيونية) تحفظ البلاد لأهلها بترقية شؤونهم الزراعية والاقتصادية وايجاد الألفة الاجتماعية فيما بينهم”. واقترح نصار أن يكون مركز الجمعية مدينة نابلس* لآنها “مركز متوسط في فلسطين، لأنها عربية بحت، وللأن المبادىء الوطنية أصبحت قوية وذات قيمة فيها بنسبة عدد المتعلمين من أبنائها” ورأى أن يبادر بعد موافقة الحكومة على الجمعية إلى تأليف فروع لها في كل بلد وقرية من بلاد فلسطين، حتى اذا قويت امتدت فروعها إلى جميع الأنحاء العربية. وكانت الفكرة مبادرة من نجيب نصار لأنها لم تكن مرتبطة بأي حزب أو قيادة سياسية فلسطينية.
وقد رحبت الصحافة العربية في فلسطين بالمشروع، وتقدم عدد من الكتاب بتفاصيل أخرى حول تأليف جمعية المقاومة الصهيونية وتحسين أحوال البلاد الاقتصادية والزراعية والعلمية ومنع الصهيونية بكافة الوسائل من امتلاك الأراضي والعقارات والاستيلاء على موارد التجارة.
وزاد إلحاح نجيب نصار على الدعوة إلى المؤتمر (اللاصهيوني) في نابلس مع اقتراب عقد المؤتمر الصهيوني* الحادي عشر، لمجابهة الصهيونية بالساليب التي تتبعها هي نفسها (الكرمل) (29/8/1913). ونشرت الجريدة في العدد ذاته مشروعا قدمه طال فلسطيني في القاهرة يقترح فيه على المؤتمر انشاء مصرف وطني يقرض الفلاح ويخلصه من السقوط في أيدي المستعمرين والمرابين.
ولم تكن دعوة نجيب نصار اقليمية . فقد أوضح في 26/9/1913 رد على جريدة “المفيد” في بيروت أن هدفه من دعوة الفلسطينيين إلى تأليف جامعة عربية فلسطينية قوية هو أن “لا تكون فلسطين سهلا يمر به الغزاة فلا يجدون فيه عقبة “فيكتسحون البلاد كلها”. ودعا أن تكون هذه الجامعة قوية بنفسها لا عالة على بيروت أو الشام أو حلب أو العراق أو الحكومة العثمانية. فقوتها درع لها وحصن لجارتها وحكومتها”. وعلى الفلسطينيين أن يعتمدوا على أنفسهم. ولا سيما أن الخطر السياسي والاجتماعي والاقتصادي يهددهم مباشرة.
ولم يخرج اقتراح مؤتمر نابلس (اللاصهيوني) إلى حيز الواقع اثر دعوة نجيب نصار للزعماء والقادة. ولكن الجيل الجديد من الشبيبة المثقفة داخل فلسطين وخارجها تجاوب مع حملة الكرمل الداعية إلى تنظيم العمل والجهد للنهوض بأحوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية ومواجهة الخطر الصهيوني فظهرت جمعية مكافحة الصهيونية في نابلس وأقامت فروعا لها في بعض المدن الفلسطينية، ودعت إلى مظاهرات ضد بيع الحكومة الأراضي بالمزاد العلني، كما أرسلت برقيات الاحتجاج، واقترحت أن تحفظ حقوق الفلاحين في أراضيهم التي اغتصبتها الحكومة بأن يدفع الفلاح ديونه على أقساط سنوية. واعترفت الجهات الصهيونية بأن الجمعية أخذت منذ 31/8/1913 تكتسب الأنصار وتتحرك نحو مرحلة العمل.
وبفضل هذه الدعوة تكونت عام 1914 جمعيات في الآستانة والقاهرة وبيروت لمقاومة التيار الصهيوني في البلاد العربية عامة وفلسطين خاصة. غير أن نشاط هذه الجمعية ومثيلاتها توقف ثم تلاشى على أثر نشوب الحرب العالمية الأولى.
المراجع:
- عبد الوهاب الكيالي: تاريخ فلسطين الحديث، بيروت 1974.
- جريدة الكرمل 1913.