مؤرخ، رحالة، إداري، ومناضل سياسي ولد في القدس* سنة 1892، وأتم فيها دراسته الابتدائية والثانوية، كما أتم دراسته الجامعية في إستانبول، ونال منها شهادة في الإدارة والسياسية والاقتصاد سنة 1913. عن عقب تخرجه مترجماً في وزارة الخارجية التركية. وكان أثناء دراسته يعمل في الصحافة ليلاً ليسد نفقات عيشه ودراسته. انتخب أثناء وجوده في العاصمة العثمانية عضواً في إدارة المنتدى الأدبي* الذي أنشأ العرب، للدعوة إلى توحيد العرب واستقلالهم. ولما نشبت الحرب العالمية الأولى 1914، ودخل العارف الكلية العسكرية وتخرج منها برتبة ضابط، ثم أرسل إلى جبهة القتال في القفقاس. وفي احدى المعارك أباد الجيش الروسي الكتيبة التركية التي كان فيها العارف، ولم ينج من أفرادها سوى أحد عشر جندياً كان واحداً منهم، فأسره الروس سنة 1915 ونفوه إلى سيبيريا حيث أمضى في الأسر ثلاث سنوات، واستطاع في المنفى تعلم اللغتين الروسية والألمانية، وأصدر هناك جريدة عربية هزلية أسماها (ناقة الله).
ولما حدثت الثورة الشيوعية في روسيا سنة 1917 هرب العارف من الأسر مع مجموعة من الضباط عبر منشوريا إلى اليابان، فالصين، فالهند، فالبحر الأحمر فمصر. ولما وصل إلى القدس وجد وطنه فلسطين يرزح تحت وطأة الانتداب البريطاني، فتصمم على النضال وأصدر سنة 1919 جريدة سورية الجنوبية* فكانت أول جريدة عربية تصدر في القدس بعد الاحتلال، تقاوم الاحتلالين الإنكليزي والصهيوني. اعتبره الإنكليز عرضاً على انتفاضة 4/4/1920 في القدس، فاعتقل، وأغلقت الصحيفة. لكنه تمكن من الفرار إلى دمشق، وانتخبه مواطنو المقدسيون ممثلاً لهم في المؤتمر السوري، وهو المؤتمر الذي أصدر بياناً بوحدة سورية واستقلالها وتوج فيصل الأول ملكاً على سورية. وبقي عارف العارف في دمشق إلى أن احتلها الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو، فاضطر العارف إلى الالتجاء إلى الأردن، وراح ينتقل في مضارب البدو إلى أن سمح له بالعودة إلى فلسطين، فعاد إليها وتولى مناصب إدارية، فكان قائمقاماً في جنين*، ونابلس*، ثم بيسان*، ويافا. انتقل إلى الأردن بدعوة من الأمير عبدالله، فاستعان به وبعدد من الفلسطينيين لوضع الأسس الأولى لإمارته. وبقي العارف في عمان ثلاثة أعوام سكرتيراً عاماً لحكومتها وعضواً في المجلس التنفيذي. وفي عمان عارض العارف المعاهدة البريطانية – الأردنية الأولى، فسحب من عمان، وأعيد إلى فلسطين حيث عين قائمقاماً لبئر السبع* وأمضى هناك عشرة أعوام، درس خلالها عادات البدو وتقاليدهم وطرق تقاضيهم، وألف فيهم كتابين يعدان من المصادر الموثوقة. ثم نقل إلى غزة* حيث سكت أربعة أعوام وكانت حصيلتها ثلاثة كتب: تاريخ غزة، والموجز في تاريخ عسقلان، ورؤياي (ولعلها إحدى مذكراته).
نقل العارف قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى رام الله* وعين مساعداً لحاكم لواء القدس، وبقي فيها حتى انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين 1948. ولما صدر قرار التقسيم (رَ: تقسيم فلسطين) ووقعت الحرب بين العرب والصهيونين، عينه الملك عبد الله حاكماً عسكرياً لقضاء رام الله، ثم رئيساً لبلدية القدس من 1949 إلى 1955. وفي أواخر هذه السنة تولى وزارة الأشغال في الحكومة الأردنية. وفي سنة 1967 أصبح مديراً لمتحف الآثار الفلسطينية في القدس.
يعد عارف العارف أحد كبار المؤرخين الذين أنجبتهم فلسطين في القرن العشرين. ولم تحل ظروف حياته المضطربة وانشغاله بالنضال السياسي والعمل الإداري دون الانصراف إلى التفكير وتأليف الكتب والإفادة من الأحداث، وتجميع المواد التي اعتمد عليها في نسج مؤلفاته. ومن هذه المواد ما هو حصيلة المشاهدة والتجربة، ومنها ما هو حصيلة التبع والتنقيب والتسجيل. وتدور موضوعاته بعامة، حول أحداث فلسطين التاريخية والمجتمع الفلسطيني، والأماكن الإسلامية المقدسة، والصراع العربي الصهيوني. وقد اتصفت كلها، تقريباً، بالموضوعية والأمانة العلمية.
آثاره: القضاء بين البدو (1933)، تاريخ بئر السبع وقبائلها (1934)، تاريخ غزة (1943)، الموجز في تاريخ عسقلان (1943)، رؤياي (1943)، تاريخ الحرم القدسي (1947)، المسيحية في القدس (1951)، المفصل في تاريخ القدس (1961)، تاريخ قبة الصخرة والمسجد الأقصى (1958)، النكبة (7 أجزاء 1956 – 1962)، أوراق عارف العارف (1970 – 1973) وهو سجل الشهداء والمجاهدين العرب الذين قتلوا في سبيل الدفاع عن أرض آبائهم في فلسطين وBedouin Love Law and Legend, New York 1974.
المراجع:
– يعقوب العودات: من أعلام الفكر والأدب في فلسطين، عمان 1976.
– محمود العبادي: قدسنا، القاهرة 1972.
– عارف العارف: أوراق عارف العارف، بيروت 1970 – 1973.
– عارف العارف النكبة ،صيدا – بيروت 1956 – 1962.