على أثر الحوادث الدامية التي وقعت في فلسطين عام 1929 بعثت حكومة رمزي ماكدونالد بلجنة ملكية بريطانية إلى فلسطين للتحقيق في ظروف هذه الحوادث وأسبابها. فأشارت هذه اللجنة على الحكومة البريطانية بضرورة ربط الهجرة اليهودية بأثرها على الفلاحين العرب فلا تؤدي إلى طردهم من مزارعهم وتشردهم، وبإجراء مسح أراض شامل للتحقيق من الوضع الزراعي الاقتصادي (رَ: ثورة 1929).
واستجابة لهذه التوصية بعثت وزارة المستعمرات (في عهد اللورد باسفيلد) لجنة أخرى برئاسة السير جون هوب سمبسون الخبير في شؤون العمل الزراعي والاستيطان، وكان آنذاك عضواً في لجنة عصبة الأمم* المسؤولة عن تبادل السكان الأتراك واليونانيين.
وبعد دراسة ميدانية نشرت اللجنة تقريرها في تشرين الأول 1930 بعنوان “تقرير عن الهجرة وإسكان الأراضي وتنميتها”. ولاحظ التقرير وجود عدد كبير من العرب في حالة بطالة، وقدر عدد من لا يعمل أو من لا يملك أرضاً من الفلاحين بنسبة 30% من مجموع العمال الزراعيين. ورأى أن من غير المعقول جلب مزيد من المهاجرين في وقت لا يجد فيه السكان الأصليون العمل لأنفسهم، الأمر الذي أثار حفيظة الصهيونيين. وقد قدم سمبسون اقتراحات لاستصلاح بعض الأراضي لتشغيل الفلاحين العرب العاطلين عن العمل ووجه اللوم إلى الوكالة اليهودية* لأتباع “قاعدة المقاطعة المستمرة والمقصود للعمال العرب” بما يتنافى مع نظام الانتداب ويخلق وضعاً خطيراً في البلاد.
أما بالنسبة إلى الهجرة فقد حدد المجموع الممكن بمائة ألف شخص من اليهود والعرب معاً. ورحب بقرار إدارة الانتداب لذلك العام بإيقاف قوائم الهجرة بالنظر لحالة البلاد الاقتصادية. وانتقد كاتب التقرير في أكثر من مناسبة سياسة الوكالة اليهودية بتضخيم قوائم الهجرة والضغط للسماح بالمزيد من المهاجرين بغض النظر عن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لفلسطين.
قابلت الأوساط العربية التقرير بشيء من الارتياح ورفضته المنظمة الصهيونية* رفضاً كلياً. وارتكز نقد المنظمة الرئيس الموجه إلى التقرير على القول بأن سمبسون قد توصل إلى تقدير منخفض لمقدار الأراضي الصالحة للزراعة* فأدى ذلك إلى نظرة متشائمة بالنسية للقدرة على استيعاب المهاجرين. ففي حين قدر مدير الأراضي مساحة الأراضي الصالحة في فلسطين بـ 10.950.000 دونم وقدرت الجهات الصهيونية ذلك بـ 16.000.000 دونم حدد تقرير سمبسون هذه الأراضي بـ 6.544.000 دونم (تستثنى من التقدير منطقة بئر السبع). وبالإضافة إلى ذاك أشار الصهيونيين إلى أن اللجنة قد ركزت حل اهتمامها على أحوال المزارعين العرب ولم تلتفت إلى ظروف اليهود خارج فلسطين.
تبنت الحكومة البريطانية التقرير كسياسة لها في إدارة فلسطين فأصدر اللورد باسفيلد كتاباً أبيض يتضمن التوصيات الرئيسة للتقرير (رَ: باسفيلد، كتاب – الأبيض) ولكن الوزير أذغن لضغوط صهيونية كبيرة فاضطرت الحكومة إلى التراجع وذهبت توصيات السير جون هوب سمبسون أدراج الرياح.
المراجع:
– حسن صيري الخولي: سياسة الاستعمار والصهيونية تجاه فلسطين، القاهرة1970.
– Barbour, N.: Nisi Dominus, Beirut 1969.
– Sir John Hope Simpson Report, cmd 3686, 1930.
– Jeffries, J.: Palestine the Reality, London 1939.
– Marlow, J.: The Seat of Pilate, London 1959.
– Statement of Policy, cmd 3692, 1930.
سمح (خربة -): رَ: خربة سمح (قرية -)