بدأ الدكتور جوزيف جونسون، رئيس مؤسسة كارنجي للسلام العالمي (مؤسسة أمريكية) عام 1961 بتكليف من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية دراسة مشكلة الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم نتيجة قيام الكيان الصهيوني. وقد تم تكليفه المهمة المذكورة من خلال لجنة التوفيق الدولية* التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، حتى تأخذ مهمته طابعاً دولياً.
تقدم الدكتور جونسون في 2/10/1962 بنتائج دراسته في ما عده مشروعاً صالحاً لحل القضية الفلسطينية. ويقوم المشروع على الإجراءات التالية:
1) يخير كل رب أسرة فلسطينية لاجئة بين العودة إلى فلسطين أو التعويض. ويتم هذا التخيير بلا ضغط ولا إكراه من أي جهة.
2) يجب أن يعرف هذا اللاجىء، قبل أن يختار، حقيقة الوضعين الذين سيختار أحدهما، يجب أن يعرف مقدار التعويضات التي سيحصل عليها ان اختار التوطن خارج فلسطين، وأن يعلم أيضاً أن العودة تعني وجوب الانصهار والاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
3) تحسب تعويضات الراغبين في عدم العودة على أساس قيمة ما كان كل لاجىء يمتلكه في عام 1947. وتضاف إليها الفوائد المستحقة منذئذ.
4) تسهم الدول الأعضاء في منطقة الأمم المتحدة، وفيها الولايات المتحدة و(إسرائيل)، بتوفير الأموال اللازمة لدفع هذه التعويضات.
5) (لإسرائيل) أن تقوم بدراسة أمنية كاملة لكل لاجىء يختار العودة. ويحق لها، بالتالي، أن ترفض عودة من ترى عودته خطراً عليها.
6) أما الفلسطينيون المهجرون الذين ليس لهم ممتلكات في فلسطين فإنهم سيعطون، إذ لم يرغبوا في العودة، تعويضاً مالياً مقطوعاً يساعدهم على الاندماج في المجتمعات الجديدة التي يختارون البقاء فيها. وتدفع هذه التعويضات عبر منظمة الأمم المتحدة التي ستتولى بدون الوسيط بين الأطراف المعنية، إلى أن تنتهي عملية التوطين.
7) يحق لأي حكومة أن تنسحب من المشروع إذ وجدت فيه ضرراً بمصالحها الحيوية.
8) يجري تطبيق هذا المشروع تدريجياً.
لم ترفض الدول العربية مقترحات جونسون صراحة بل طالبت، قبل الدخول في أي تفصيلات أخرى، أن توافق (إسرائيل) على قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية اللاجئين. وأما (اسرائيل) فقد رفضت هذه المقترحات على لسان غولدا مائير، وزيرة خارجيتها آنئذ (تشرين الثاني 1962)، لأنها تنكز أصلاً أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية.
لقد كان مشروع جوزيف جونسون محاولة واضحة للتضليل وللالتفاف على الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة رقم 194(الدورة 3) الصادر في 11/12/1948، وهي الفقرة التي تنص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاهم، والتعويض على من لا يرغب منهم في العودة. فالمشروع يحابي (إسرائيل) ويعطيها في الفقرة الخامسة الحق في رفض عودة من ترى في عودته خطراً عليها. وهذا ما لم تعطها إياه الفقرة 11 المذكورة من قبل.
والحقيقة أن مشروع جونسون ليس مشروع سلام وضع لحل القضية الفلسطينية. والحقيقة الأكبر أن القضية الفلسطينية ليست مسألة تعويض مادي للبقاء بعيداً عن الوطن، أو العودة للاندماج في مجتمع إسرائيلي معتد دخيل.
المراجع:
– مهدي عبد الهادي: المسألة الفلسطينية ومشاريع الحلول السياسية 1924 -1974، بيروت 1975.