كانت فيها اليطوريين بين اللجاة والجليل إلى الجنوب الغربي من دمشق في منطقة امتزجت فيها القبائل العربية بالآراميين*. وكانوا مثل غيرهم من سكان بلاد الشام يتكلمون الآرامية.
وترجع التوراة* نسبهم إلى “يطور” أحد أبناء اسماعيل* بن ابراهيم الخليل* (سفر التكوين 25/15). فهم من الاسماعيليين ويعدون مثل المدينيين* من قبائل العرب المستعربة التي استوطنت فلسطين وقاومت الغزو الاسرائيلي. وقد أشارت التوراة إلى مجاريهم بني اسرائيل أيام الملك شارل – طالوت (سفر الأخبار الأولى 19/5 اذ كانوا يتنقلون في شرقي الأردن.
ثم لا يرد لهم ذكر حتى أواخر القرن الثاني قبل الميلاد عند المؤرخ يوسيفوس الذي يروى أنهم كانوا يعيشون في شمالي الجليل بفلسطين وأن الملك اليهودي أرسطوبولس الأول غزاهم عام 105-114 ق.م. وأرغم طائفة منهم على اعتناق اليهودية.
وفي الوقت نفسه هاجر اليطوريون إلى الشمال وسكنوا في لبنان وأسسوا لهم مملكة في البقاع مركزها مدينة عنجر كما يذكر الجغرافي اليوناني سترابون. وقد اتسعت هذه المملكة وارتفع شأنها في عهد ملكها بطليموس بن منايوس (85 -40 ق.م.) الذي استولى على بعلبك وأخذ يهدد جبيل وبيروت ودمشق، وفرض ضرائب ثقيلة على القواف التجارية حتى اضطر أهل دمشق والبقاع إلى طلب النجدة من ملك الأنباط* الحارث الثالث (85-60 ق.م.) الذي انتهز هذه الفرصة ودخل دمشق وصك فيها النقود* باسمه.
ثم ان الرومان استولوا على دمشق سنة 64 ق.م. بقيادة بومبي وأعلنوا سورية ولاية رومانية.
تدل أسماء ملوك اليطوريين مثل “بطليموس” و”ليسانياس” و”فيليب” على تأثرهم بالحضارة الهلنستية في عهد السلوقيين*. ولكنهم ظلوا مدة طويلة يتمسكون باستقلالهم ويقاومون حكم الرومان الذين كانوا يحاربونهم ويحاولون اعادتهم إلى البادية.
وقد امتاز اليطوريون بمهارتهم في الرماية فقام القائد الروماني ماركوس أنطونيوس بانشاء حرس خاص منهم أملا في احتوائهم. ولكنهم عادوا إلى التمرد فقتل ملكهم ليسانياس بن بطليموس واقتطع جزءا من مملكته وأعطاه إلى صديقته الملكة كليوباترا.
وعندما تولى الامبراطور أوغسطس السلطة اعتمد في حكم فلسطين على هيرودوس الكبير الآدومي الأصل وضم اليه ما بقي من مملكة ايطوريا بعد موت ملكها زنودوروس في سنة 20 ق.م.
في العصور التالية اختفى ذكر اليطوريين الذين انصهروا، شأن غيرهم من القبائل العربية، في مجموع السكان الفلسطينيين.
المراجع:
- مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، ج1، ق1، بيروت 1973.
- جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، بيروت 1976.
- سامي سعيد الأحمد: تاريخ فلسطين القديم، بغداد 1979.
- سامي سعيد الأحمد: تاريخ فلسطين القديم، بغداد 1979.